عادت منطقة اليورو من جديد الى السقوط في الركود الاقتصادي فيما تواصل أزمة الديون في المنطقة توجيه ضربات للطلب على اليورو، بحسب ما افادت به احصاءات اقتصادية.
وتقلص اقتصاد التكتل الاقتصادي المؤلف من سبع عشرة دولة بواقع 0.1 في المئة في الفترة بين يوليو/تموز و سبتمبر/أيلول، بعد انكماش شهدته الاشهر الثلاثة الماضية بلغت نسبته 0.2 في المئة، بحسب مكتب الاحصاءات الاوروبي (يوروستات).
وكانت منطقة اليورو قد سجلت آخر ركود لها عام 2009 عندما انكمش الاقتصاد على مدى خمسة فصول سنوية على التوالي.
جاءت الانباء الاقتصادية الجديدة بعد يوم من تنظيم ملايين العمال في انحاء اوروبا يوما للاحتجاج على اجراءات التقشف في بلدانهم، حيث اجتاحت الاحتجاجات اسبانيا وايطاليا والبرتغال و سرعان ما تحولت الى احتجاجات اتسمت باعمال العنف.
يأتي ذلك فيما تشهد دول مثل اليونان وجمهورية ايرلندا انكماشا اقتصاديا مع حصولها على حزم انقاذ من جهات دولية مانحة، في الوقت الذي فرضت فيه اقتصادات اكبر مثل اسبانيا خفضا للانفاق في مسعى لتفادي طلب الحصول على حزم انقاذ.
وقال ستين جاكوبسين، كبير الاقتصاديين لدى بنك (ساكسو) كان هذا التراجع الاقتصادي الى الركود متوقعا جدا لان سياسات التقشف يصاحبها تباطؤ النمو العالمي فضلا عن تراجع حاد للنشاط في ألمانيا وهولندا.
واضاف أظهر اليومان الماضيان دفعة جديدة لتغير رئيسي في بيانات السياسة، لان التوتر الاجتماعي لم يكن حتى الاسبوع الجاري جانبا من المعادلة. يبدو انه هناك تحول في وتيرة التعبير على نحو كبير.
تضمنت اجراءات التقشف في العديد من الدول – معظمها في جنوب اوروبا – ارتفاعا في الضرائب مع خفض الرواتب والمعاشات والمساعدات المالية والخدمات الاجتماعية.
وقال بول دي غراوي، استاذ بكلية لندن للاقتصاد، نحن نعاني من ركود مضاعف عميق ظهر تلقائيا، انه نتاج اجراءات تقشف شديدة في دول جنوب اوروبا كما ظهر عفويا في دول الشمال.
واضاف غراوي هذا الانقسام بين الدول اقوى مما شهدته خلال الاعوام العشرين الماضية. وقد أدت درجة التقشف حاليا الى دفع العديد من المواطنين الى ظروف متردية يرفضونها جميعا. انه وضع جد خطير.
تشير الارقام المعلنة الاسبوع الماضي ان الاقتصاد الاسباني تقلص بواقع 0.3 في المئة في الفترة بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول، في حين سجلت البرتغال تراجعا بلغت نسبته 0.8 في المئة.
وسجل الناتج المحلي الاجمالي الفرنسي ارتفاعا بواقع 0.2 في المئة في ربع السنة الثالث مقارنة بالنتائج خلال الاشهر الثلاثة الماضية. غير ان ربع السنة الماضي سجل تراجعا معدلا بواقع -0.1 في المئة، بحسب جهاز الاحصاءات الفرنسي (انسي) يوم الخميس.
وقال الجهاز ان انتاج السلع والخدمات في فرنسا، ثاني اكبر اقتصاد في اوروبا، سجل زيادة بعد خمسة ارباع سنوية من الركود الاقتصادي.
وقالت اليونان يوم الاثنين ان اقتصادها تقلص بواقع 7.2 في المئة خلال ربع السنة الثالث مقارنة بالعام الماضي.
وسجل الاقتصاد الهولندي انكماشا بواقع 1.1 في المئة في اشارة دالة على ان الشمال الاوروبي الذي تمتع في السابق بقوة اقتصادية يعاني كما هو الحال في المنطقة الجنوبية لاوروبا التي تندفع نحو الانكماش خلال الاقتصاديات الضعيفة.
وبالنسبة للاتحاد الاوروبي ككل، الذي يضم دولا مثل بريطانيا والسويد، سجل الاقتصاد نموا بواقع 0.2 في المئة خلال ربع سنة ، بعد تقلص سجلت نسبته 0.2 في المئة خلال الاشهر الثلاثة الماضية.
وشهد الاقتصاد البريطاني نموا بواقع واحد في المئة خلال الربع الثالث من العام الجاري بفضل عامل واحد مساعد تمثل في دورة الالعاب الاوليمبية. ويعد الاتحاد الاوروبي أكبر شريك تجاري لبريطانيا، وكان للتراجع الاقتصادي للتكتل اثره في عودة بريطانيا الى الركود مطلع العام الجاري.
مازال اقتصاد ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، ينمو على الرغم من أزمة الديون.
لقد سجل الاقتصاد الألماني نموا بواقع 0.2 في المئة في الفترة من يوليو/تموز الى سبتمبر/ايلول، وهي نسبة أقل من النمو المسجل بواقع 0.3 في المئة خلال ربع السنة الماضي ونسبة 0.5 في المئة التي شهدتها الاشهر الثلاثة الاولى للعام الجاري.
وأفاد مكتب الاحصاءات الاتحادي ان النمو الاقتصادي الالماني كان مدفوعا بالطلب الاجنبي .
الجدير بالذكر ان الحكومة الالمانية خفضت توقعاتها الشهر الماضي للنمو الاقتصادي عام 2013 من 1.6 في المئة الى واحد في المئة، وعزت خفض النسبة على أزمة منطقة اليورو والنمو الضعيف في الدول الصاعدة في اسيا وامريكا اللاتينية.
وسجل الناتج المحلي الاجمالي لالمانيا نموا بواقع 4.2 في المئة عام 2010 و 3 في المئة عالم 2011.
وقال محللون لدى مصرف (ناتيكسيس) ان البيانات السلبية المسجلة في الاسابيع الاخيرة قد تفضي بكل تأكيد الى نمو سلبي في ألمانيا خلال الربع السنة الرابع.
وعلى نقيض الاوضاع لدى الدول الشريكة لها في منطقة اليورو، تفادت ألمانيا أسوأ اثر للازمة التي تهدد بتفكيك التكتل.
وحتى الان استفادت ألمانيا من ضعف اليورو، حيث ادى ذلك الى جعل صادراتها اكثر تنافسية خارج منطقة اليورو، مع استمرار الانفاق الاستهلاكي داخل ألمانيا.
اترك تعليقاً