أجمع اقتصاديون على أن القطاع الخاص الحقيقي «غائب» في الكويت، وأن دوره مفقود في التنمية الاقتصادية، لافتين إلى أن القطاع الخاص الكويتي مرحب به في كل دول العالم، ويتم فرش الورود أمامه، فيما يتم وضع العراقيل أمامه في الكويت منذ القدم وإضعاف دوره في التنمية.

وطالب بعض المتحدثين في ندوة استضافتها غرفة تجارة وصناعة الكويت ونظمها اتحاد الإعلام الإلكتروني بعنوان: «دور القطاع الخاص في دعم الاقتصاد»، بضرورة إحداث إعادة هيكلة شاملة في الفكر تجاه القطاع الخاص بكل القطاعات الاقتصادية للدولة بشكل متواز، وأن يتم استيراد تجارب دول أخرى مجاورة وتطبيقها بالكامل، كما أكدوا على ضرورة وقف التوظيف بالحكومة لمدة 10 سنوات قادمة، مبينين أن الحكومة لديها من الموظفين ما يكفيها لمدة 20 عاما مقبلة.

بداية، قال وزير الإعلام الأسبق ونائب رئيس تحرير جريدة النهار سامي النصف، إن هناك حاجة حقيقية لبناء قطاع خاص قادر على الشراكة الفعالة مع القطاع الحكومي في بناء اقتصاد الدولة.

وتطرق النصف إلى أن هناك حاجة ماسة لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، مبينا أن النفط إلى نضوب عام 2050 ونحتاج إلى موارد بديلة.

وأكد أنه لا يختلف اثنان على أهمية القطاع الخاص الكويتي في الواقع التنموي الحالي والمستقبلي، فمن دونه لا تستقيم الأمور الفنية ولا الإدارية ولا حتى المالية، خاصة أن المصارف على سبيل المثال لا الحصر ذراع تمويلية بارزة ومهمة وحيوية، كما أن الشركات ذراع تنفيذية لا يمكن الاستغناء عنها.

وأكد النصف أن مشاركة القطاع الخاص في المشاريع الإستراتيجية التي تهدف الدولة لإنجازها خلال خطط ومراحل التنمية ضرورة مفصلية وليست رفاهية كلامية، شريطة أن تكون تلك المشروعات هادفة ومدرة للدخل وليست إنشائية.

وأضاف أنه لا يمكن بحال من الأحوال الاعتماد على النفط في بناء المستقبل، وعلى الدولة تغيير التفكير تجاه القطاع الخاص من خلال خلق تشريعات وقوانين مرنة وتسهيل الإجراءات، مبينا أنه لا يمكن للقطاع الخاص القبول بإنجاز معاملاته خلال شهر في الوقت الذي تنجز فيه الإجراءات نفسها بدول مجاورة خلال نصف ساعة فقط.

وأوضح أن الدول المتقدمة لا تقوم بفرض ضريبة مرتفعة على الدخل وإنما تمنح القطاع الخاص حوافز للعمل، مبينا أن القطاع الخاص الكويتي يتم استقباله بالورود في دول العالم، فيما يتم وضع العراقيل والأزمات أمامه في الكويت.

وأوضح أن فرض الضريبة دون مردود على القطاع الخاص سيؤدي إلى رفع الأسعار وإفلاس الكثير من الشركات التي تعتمد على فائض الرواتب من المواطنين للعمل في المطاعم والمولات والفنادق ومكاتب السفر وغيرها.

واستدرك أن دخول المواطنين في الاقتراض بحدود 200 ألف دينار لتوفير السكن وفق ما يتم طرحه في تلك الأيام ليس أمرا مفيدا وسيترتب عليه الكثير من الأزمات التي سيعانيها المواطنون فيما بعد.

وقال إن الكويت لديها من المقومات ما يجعلها تتحول إلى مركز مالي وتجاري ولكن هناك استحقاقات يجب القيام بها، مقدرا الفترة الزمنية لإحداث هذا التحول بحوالي 10 سنوات من الآن وهي الفترة الزمنية المتبقية لتحقيق استراتيجية كويت جديدة 2035.

وبين أن هناك نزوحا ضخما من القطاع الخاص إلى القطاع الحكومي وهو مؤشر خطير يتناقض تماما مع مفهوم إعادة الهيكلة، فليست هناك دولة تتكفل بمواطنيها من المهد إلى اللحد، وهي فلسفة لا توجد في أي دولة بالعالم سوى في الكويت وكوريا الشمالية.

وذكر أن النفط مورد ناضب لا نتحكم في سعرها، وكذلك صندوق الثروة السيادي لا يمكن التحكم في عوائده، فهزة اقتصادية عالمية يمكن الهبوط بالصندوق إلى النصف ولا يمكن فعل شيء عليه، كما أن هناك ضرورة بوجود اقتصاد حقيقي وهو أمر لا بديل عنه، وعلينا رؤية تجارب الدول الأخرى والأخذ بها، كما أخذوا من الكويت من قبل عندما كانت صاحبة فكر ريادي على مستوى دول المنطقة للقطاع الخاص دور حيوي فيه.

ووضع النصف حلولا محددة لتطوير وتنمية القطاع الخاص عبر تغيير التشريعات والصورة النمطية الموجودة منذ الستينيات، والعودة لما كانت عليه الكويت من 400 عام، حيث كان القطاع الخاص هو المسيطر على الاقتصاد، كما ان تحقيق المركز المالي يتطلب ضرائب منخفضة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار والعمل في الكويت، وجذب الاستثمارات الأجنبية وفقا لرؤية وفكر وفلسفة تلك الاستثمارات وألا نفرض عليها فكرا معينا أو أسلوب عمل معينا، يأتي ذلك إلى جانب العمل على إحياء الأسطول البحري للكويت والذي كان يضرب به المثل في الماضي، بالإضافة إلى إنشاء مطارات ذات سعة أكبر ومشاريع تنموية كبرى تستوعب أبناء الكويت وهي أمور ضرورية لتحقيق حلم تحول الكويت لمركز مالي.

ودعا للاستفادة من تجارب دول الخليج في تنمية الاقتصاد والدور الكبير الذي يقوم به القطاع الخاص في تقوية تلك الاقتصادات وليس عيبا نقل تلك التجربة طالما أنها ستعزز هذا الدور، وبين أنه ليس هناك خلاف على مبدأ الحاجة إلى الدين العام كأداة من أدوات السياسة المالية، ولكن ضرره مع استمرار كفاءة النفقات العامة على ما هي عليه ضعف، يعني تكرار خطيئة الاقتراض من السوق العالمي في عام 2017.

من جانبه، طالب رجل الأعمال نجيب مساعد الصالح بوقف التوظيف في الجهات الحكومية لمدة 10 سنوات قادمة، مبينا أن إصلاح التعليم يبدأ من تلك النقطة، حيث ان الحكومة لديها موظفون لعشرين عاما قادمة ولا تحتاج لتعيينات جديدة، موضحا أن التعليم مع غياب الوظيفة الحكومية سيدفع الخريجين لمزيد من العمل وإثبات وجوده في الحياة العملية، أما إن كان الآباء أغنياء ويزودون الأبناء بما يحتاجون إليه من أموال، فإن الطالب لن يطور قدراته، وبين أن وقف التعيينات في الجهات الحكومية أمر مهم للغاية لتطوير التعليم.

وذكر الصالح أن القطاع الخاص ليس حكرا على المواطنين ولكن كل من يعيش على أرض الكويت لديه الحق في أن يعمل في القطاع الخاص مواطنا كان أو وافدا.

قراءة خاطئة

من جانبه، أشار الرئيس السابق لمكتب الاستثمار الكويتي في لندن د.يوسف العوضي إلى أنه هناك قراءة خاطئة لتفسير المادة 41 من الدستور، مبينا أن الكويتيين يعتقدون أن كل كويتي يحق له سكن يناسبه، كما يحق له وظيفة مناسبة وهذه قراءة مطاطة لتفسير تلك المادة. وبين العوضي أنه لا يمكن للدولة توفير 45 ألف وظيفة سنويا، كما أن هناك 100 ألف طلب إسكاني لا يمكن توفيرها من قبل الدولة، وبالتالي لا يمكن للدولة القيام بذلك.

وأوضح العوضي أن الكويت مهيأة لتحقيق حلم التحول لمركز تجاري ومالي إقليمي، مضيفا علينا الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا الخصوص والتي مرت بعملية التجربة والخطأ ويجب الاستفادة من تلك الدول.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *