الذهب سيصل إلى 2700 دولار في أوائل عام 2025
في نهاية شهر أغسطس وصل المعدن النفيس إلى مستوى مرتفع قياسي جديد، حيث ارتفع فوق 2500 دولار للأونصة، وهو ما يترجم إلى مكاسب تتخطي 21% منذ بداية العام.
كان الذهب أحد أبرز الأصول المالية أداء في الأسابيع الأخيرة، حيث أعادت أحدث البيانات الاقتصادية والتعليقات من منتدي جاكسون هول والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، الذهب إلى دائرة الضوء بالنسبة للبنوك المركزية وحتى الأفراد.
لا يرتبط سعر تداول الذهب بأصول مالية أخرى، وبالتالي، يمكن أن يكون أصول تنويع فعالة في تخصيص المحفظة الإجمالية، بالإضافة إلى ذلك، كان هناك اهتمام متجدد بالشركات العاملة في قطاع الذهب.
لماذا قد ترتفع أسعار الذهب في سبتمبر؟
لا شك أن الفوائد الاستثمارية الفريدة التي يتمتع بها الذهب كانت تجتذب دائمًا مستوى معينًا من اهتمام المستثمرين، ففي نهاية المطاف، يقدم الذهب مزايا لا مثيل لها كأداة استثمارية، بدءًا من العمل كملاذ آمن لثروات المستثمرين إلى توفير التحوط ضد التضخم، كما يمكن أن يساعد تخصيص الذهب المناسب في حماية محافظ المستثمرين من الخسائر الناجمة عن أنواع أخرى من الأصول، لذلك غالبًا ما تكون هناك قيمة كبيرة في إضافته إلى مزيج الأصول الخاص بك.
ولكن في حين كان الذهب يستحق النظر فيه منذ فترة طويلة بالنسبة للمستثمرين، فإن الارتفاع المفاجئ فى سعر الذهب وتسجيله أرقام قياسية جديدة على مدار الأشهر الماضية دفعه إلي دائرة الضوء وجذب انتباهًا مستدامًا من المستثمرين المخضرمين والمبتدئين على حد سواء.
لقد بدأ الزخم الصعودي للذهب للمرة الأولي فى 8 مارس عندما وصل سعره أول رقم قياسى له، وبعد شهر واحد سجل المعدن الأصفر هذا الرقم القياسى ثم ارتفع مرة أخري فى أواخر مايو ومنتصف أغسطس عندما سجل مستوى قياسي جديد بلغ 2525 دولار للأونصة.
في حين تراجع سعر الذهب قليلاً منذ ذلك الوقت، إلا أنه يبقي بالقرب من أعلي مستوياته القياسية الأخيرة، وذلك على الرغم من تباطؤ معدلات التضخم التي من شأنها أن تؤدى عادة إلى انخفاض أسعار الذهب، ومع دخولنا شهر سبتمبر قد نرى استمرار ارتفاع الذهب، وإليك الأسباب التي قد تجعلنا نرى أسعار الذهب تستمر في الارتفاع في شهر سبتمبر:
1 .مشتريات البنوك المركزية
من أهم الأسباب التي عززت أسعار الذهب هو عمليات الشراء المكثفة من البنوك المركزية فى جميع أنحاء العالم، وحتي الآن، هذا الاتجاه لا يُظهر أية علامات على التراجع، حيث تسعي العديد من دول العالم إلي تنويع احتياطياتها بعيدًا عن العملات التقليدية المتمثلة في الدولار الأمريكي، يقدم هذا الطلب المستدام من البنوك المركزية والمشترين المؤسسيين أساسًا متينًا لمزيد من ارتفاع الأسعار، ومن المتوقع أن تلعب مشتريات البنوك المركزية دور رئيسي فى مسار الأسعار خلال شهر سبتمبر.
2 .عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي يلوح في الأفق
لا تزال المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية العالمية محفوفة بعدم اليقين، فقد أدت المخاوف المستمرة بشأن التضخم والمخاوف المحتملة من ركود الاقتصادات الكبري واستمرار التوترات الجيوسياسية، إلى خلق بيئة مضطربة وأصبح الذهب من الأصول الجذابة باعتباره الملاذ الآمن في أوقات الأزمات الاضطرابات السياسية والاقتصادية العالمية، ومع سعى المستثمرين إلى التحوط من هذه المخاطر فمن المتوقع أن يبقي الطلب علي الذهب قويًا مما سيدفع سعره إلى مزيد من الصعود.
3 .الطلب من المستثمرين لا يزال مرتفعًا
برغم ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية إلا أن شهية المستثمرين تجاه الذهب لا تزال عالية، ويرى الكثيرون أن الأسعار الحالية ليست رادعًا بل تأكيدًا على قيمة للذهب وفرصة أيضًا للشراء وتحقيق ربح أسرع من المعتاد، وقد يؤدي استمرار الطلب من قبل المستثمرين الأفراد والمؤسسات إلى تعزيز الأسعار فى شهر سبتمبر وما بعده.
4 .استمرار الطلب الصناعي
في حين يهيمن الطلب الاستثماري على أغلب المناقشات حول سعر الذهب، إلا إنه من المهم عدم اهمال الاستخدامات الصناعية له، ومع التقدم التكنولوجي فإن ميزات الذهب الفريدة تجعل قيمته متزايدة فى تطبيقات مختلفة، بدءًا من الإلكترونيات إلي الرعاية الصحية، ويضيف هذا الطلب الصناعى المتزايد مزيد من الدعم لسعر الذهب.
إن التطبيقات الصناعية للذهب جديرة بالملاحظة بشكل خاص، ومع استمرار الابتكار في الصناعات من المرجح أن يزداد الطلب على الذهب في التطبيقات التكنولوجية، مما قد يدعم ارتفاع الأسعار في الأمد البعيد، على سبيل المثال: تجعل الموصلية الممتازة للذهب ومقاومته للتآكل وقابليته للطرق منه مكونًا مثاليًا في العديد من الأجهزة عالية التقنية، من الهواتف الذكية إلى المعدات الطبية المتقدمة.
5 .النمو المحدود للعرض
يلعب المعروض فى سوق الذهب أيضًا دورًا حاسمًا فى ديناميكيات الأسعار، حيث يمكن أن تساهم عوامل مثل الاكتشافات الجديدة المحدودة للذهب والتكاليف المتزايدة التي ترتبط بعملية الاستخراج فى ارتفاع الأسعار على نحو مستدام في الأمد البعيد، ومع ندرة رواسب الذهب التى يسهل الوصول إليها تزداد تكاليف الانتاج، مما قد يؤدي إلى تحديد حد أعلي لسعر الذهب.
جولدمان ساكس يتوقع استمرار ارتفاع الذهب وسط بيئة دورية مخففة
غالبًا ما يُنظر إلى السلع الأساسية على أنها استثمار أكثر أمانًا من الأسهم خلال أوقات الصراع الاقتصادي لأنها تشكل المواد الأساسية التي تغذي محركات المجتمع، ولكن وفقًا لجولدمان ساكس، فإن البيئة الحالية محفوفة بالمخاطر بالنسبة لمعظم السلع الأساسية ويقدم الذهب فيها أفضل حماية ضد فقدان القيمة.
قال محللو جولدمان: “يبرز الذهب باعتباره السلعة التي لدينا أعلى ثقة في ارتفاعها في الأمد القريب”، ويواصلون الاحتفاظ بهدف صعودي عند 2700 دولار للأونصة في أوائل عام 2025، وأعاذوا ذلك إلى ثلاثة أسباب:
أولاً: قال المحللون إنهم “يعتقدون أن مضاعفة مشتريات البنوك المركزية ثلاث مرات منذ منتصف عام 2022 بسبب المخاوف بشأن العقوبات المالية الأمريكية والديون السيادية الأمريكية هي هيكلية وستستمر”.
ثانيًا: يرون إن تخفيضات أسعار الفائدة الوشيكة من جانب البنك الاحتياطي الفيدرالي على استعداد لإعادة رأس المال الغربي إلى سوق الذهب، وهو عنصر غائب إلى حد كبير عن الارتفاع الحاد في أسعار الذهب الذي لوحظ في العامين الماضيين.
وأخيرًا، قال المحللون إن الذهب يقدم قيمة تحوط كبيرة للمحافظ ضد الصدمات الجيوسياسية بما في ذلك التعريفات الجمركية ومخاطر تبعية البنك الاحتياطي الفيدرالي ومخاوف الديون.
وكتبوا: يشير تحليلنا إلى ارتفاع بنسبة 15% في أسعار الذهب في ظل ارتفاع افتراضي في العقوبات المالية وهو ما يساوي الارتفاع الذي شهدناه منذ عام 2021 وارتفاع مماثل إذا اتسعت فروق مقايضة مخاطر الائتمان الأمريكية بنسبة 1%، ومع ذلك، نظرًا لأن السوق الصينية الحساسة للسعر بشكل خاص تستوعب ارتفاع الأسعار الأخير، فقد قمنا بتعديل هدفنا البالغ 2700 دولار إلى أوائل عام 2025 مقابل نهاية عام 2024 سابقًا.
إن التوقعات باستمرار شراء الذهب من قبل البنوك المركزية مبررة بعد أن اشترت أكبر كمية من الذهب على الإطلاق في النصف الأول من عام 2024، وقد بلغت مشتريات الذهب الصافية العالمية من قبل البنوك المركزية نحو 483 طنًا في النصف الأول من عام 2024 وهي الأكبر على الإطلاق، هذا أعلى بنسبة 5% من الرقم القياسي السابق البالغ 460 طنًا المسجل في النصف الأول من عام 2023.
وأضافوا: في الربع الثاني من عام 2024 اشترت البنوك المركزية 183 طنًا من الذهب وهو ما يمثل زيادة بنسبة 6% على أساس سنوي، قبل أن يلاحظوا أن هذا كان أقل بنسبة 39% من 300 طن من المشتريات التي شهدناها في الربع الأول، وقد دفع الارتفاع في شراء الذهب إلى طرح سؤال ذي صلة: “لماذا تدعو البنوك المركزية إلى “هبوط هادئ” بينما تخزن الذهب؟”
يتفاءل جولدمان ساكس بشأن الذهب مع اقتراب نهاية عام 2024 وبداية عام 2025 حيث أن الطلب من البنوك المركزية يستمر في دفعه إلى الارتفاع، ولكن يجب أن يمر المعدن الأصفر أولاً بشهر سبتمبر وهو شهر هبوطي يعود إلى عام 2016.
ولكن مع استمرار الحكومات في جميع أنحاء العالم في طباعة الديون، فهناك فرصة قوية لاستمرار القوة التي أظهرها الذهب في النصف الأول من عام 2024 في النصف الثاني وما بعده حيث أن النتيجة الأساسية لطباعة الديون هي تخفيض قيمة العملة.
مشتريات الصين من الذهب ستدفع الأسعار إلى الارتفاع على مدى العقد المقبل
كان أداء الذهب قوي منذ بداية العام حتي الآن بعدما سجل مكاسب تتخطي 21% منذ بداية العام، حيث سلط المحللون الضوء علي المشتريات الصينية باعتبارها القوة الأساسية الدافعة لتلك المكاسب الكبيرة، فقد قام بنك الصين الشعبي بشراء كميات كبيرة من الذهب على مدار 18 شهر متتالية، ولكن مؤخرًا توقف البنك المركزي الصيني عن عمليات شراء الذهب، وقال المحللون إن التوقف عن شراء الذهب أمر مؤقت فلا تزال لدي الصين رغبة قوية في المزيد من شراء الذهب في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية وتزايد عدم اليقين الاقتصادى والجهود المبذولة للابتعاد عن شراء الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية.
يقول المحللون أن الصين كانت المحرك الأساسي لرفع سعر الذهب خلال هذا العام، كما تبعتها العديد من البنوك المركزية العالمية مثل الهند وتركيا، كما عزز من نمو الأسعار الطلب القوى علي شراء الذهب المادى ورفع حيازات صناديق الاستثمار المتداولة، وعند النظر إلي المستقبل، فمن المرجح نمو شهية الصين لشراء الذهب خلال هذا العقد على الرغم من التباطؤ الحالي للاقتصاد الصيني، إلا أن ذلك سيضيف مزيد من الضغط التصاعدي على أسعار الذهب وسيكون أكبر مصدر للتقلب في السوق خلال السنوات القليلة المقبلة.
ولم يكن بنك الصين الشعبي فقط هو الذى أبدي اهتمامًا بشراء الذهب، فإلى جانب مشتريات البنك المركزي الصيني، ارتفع الطلب المادى علي الذهب فى الصين أيضًا ليصل إلي مستويات ما قبل كوفيد 19.
ومن جهة أخري، ارتفع الطلب على الذهب الورقي المتمثل في العقود الآجلة للذهب وصناديق الاستثمار المتداولة، الأمر الذي ساهم بشكل قوي في ارتفاع أسعار المعدن الأصفر.
على الرغم من أن العديد من الخبراء يعتقدون أن ارتفاع مستويات الطلب الصينية للذهب خلال العقد القادم، إلا إنه على المدي القصير قد يتوقف بنك الصين الشعبي عن شراء المزيد من الذهب إلى أن يتراجع سعره عن مستوياته القياسية المرتفعة.
وحذر الخبراء من أن هناك عدة عوامل دورية قد تعمل على تباطؤ معدل الطلب علي الذهب فى الصين على المدي القصير، وأضافوا أن ارتفاع الأسعار قد يُثقل كاهل الطلب علي المجوهرات والمشغولات الذهبية، ومن المتوقع أن يساهم التحفيز المالى في اعطاء الاقتصاد دفعة ضرورية مما قد يؤثر على سعر الذهب، وعند الجمع بين كل ذلك، فإن جاذبية المعدن الأصفر مقارنة مع الأصول الأخري من المتوقع أن تتراجع وسينخفض الطلب علي الذهب باعتباره ملاذ آمن فى الصين.
اترك تعليقاً