أفاد تقرير بنك الكويت الوطني الأخير، بتعافي الاقتصاد الكويتي إلى حجم ما قبل جائحة «كورونا» في 2021، في وقت أبكر مما كان يعتقد في الأساس.
وذكر «الوطني» أن بيانات الناتج المحلي تؤكد ذلك التعافي، إذ بلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 42.9 مليار دينار (143 مليار دولار) في 2021 مقابل 33.6 مليار في 2020، بزيادة 28 في المئة على أساس سنوي، فيما يعزى بصفة رئيسية لارتفاع أسعار النفط التي دفعت الناتج المحلي الإجمالي النفطي لتسجيل نمواً تخطى أكثر من 67 في المئة.
لكن في 2023، تراجع الناتج المحلي الإجمالي، ووصل إلى 50.3 مليار دينار (-9.8 في المئة)، مما يعكس مرة أخرى التغيرات التي طرأت على الناتج المحلي الإجمالي النفطي. وانعكس هذا الانخفاض، إلى جانب زيادة التعداد السكاني (+2.3 في المئة على أساس سنوي وفقاً للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية) على دخل الفرد من الناتج، والذي انخفض إلى 33.7 ألف دولار في 2023.
دور «الحكومي» و«الخاص»
وشدد «الوطني» على أن النمو المتواضع للاقتصاد غير النفطي منذ الجائحة، والذي بلغ +0.8 في المئة في المتوسط سنوياً مقارنة بمتوسط ما قبل الجائحة البالغ 3.3 في المئة (2010-2019)، يسلط الضوء على دور القطاعين العام والخاص في التأثير على النمو الاقتصادي على المديين الطويل والقصير.
ومع استمرار أداء القطاع غير النفطي بمستويات أقل بكثير من إمكاناته خلال السنوات الأخيرة نتيجة تعرضه لسلسلة من الصدمات والتطورات الخارجية الصعبة، بما في ذلك الجائحة وتقلب أسعار النفط وسياسات التشديد النقدي الصارمة التي اتبعتها البنوك المركزية العالمية، ما قد يؤشر على مدى فعالية سياسات الاستقرار الكلي، والتي من ضمنها سياسات المالية العامة، نظراً لارتفاع مستويات الانفاق الحكومي خلال السنوات الماضية دون أن يقابلها ارتفاع مماثل في نمو القطاع غير النفطي، خصوصاً في ظل تباين أداء هذا القطاع مع نظرائه في دول الخليج.
وسيكون من الضروري إجراء تغييرات في هيكل الإنفاق العام، مع زيادة التركيز على الإنفاق الرأسمالي لسد فجوة الأداء مع اقتصادات دور الجوار، كما سيتطلب الأمر توسيع نطاق الدور الذي يلعبه القطاع الخاص، مع توفير الحكومة للأدوات التنظيمية والحوافز، ورأس المال المطلوب في البداية، ما سيدعم الشركات ويساهم في توسيع وتعميق القاعدة غير النفطية في نهاية المطاف وتحقيق مكاسب إنتاجية على المدى الطويل. وبالتالي، فإن صندوق الاستثمار المقترح «سيادة» يعد فرصة واعدة في حال كانت طموحاته تحاكي صندوق الاستثمارات العامة في السعودية، على سبيل المثال. وسيكون تعزيز ثقة رجال الأعمال المحليين والاستثمار الأجنبي أمراً بالغ الأهمية لخطة التنمية. من جانبها، صرحت الحكومة الجديدة بأنها ستركز خلال الفترة المقبلة على تحديد أولويات الإصلاحات المالية والاقتصادية الهيكلية وتسريع تنفيذ مشاريع خطة التنمية.
تخفيضات وتقديرات
وذكر «الوطني» أن التقديرات الأولية تشير إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.4 في المئة على أساس سنوي في الربع الرابع من 2023، بتحسن هامشي مقارنة بنتائج الربع السابق والبالغة -5.8 في المئة. وبقي القطاع النفطي مقيداً بتخفيضات حصص الإنتاج التي فرضتها منظمة «أوبك»، في حين سجل القطاع غير النفطي انخفاضاً أكثر حدة مما كان عليه في الربع السابق.
وبالنسبة لعام 2023 ككل، انكمش الاقتصاد غير النفطي للعام الثاني على التوالي، وأظهرت بيانات الناتج حسب مكونات الإنفاق أن حصة الاستثمار في الناتج المحلي الإجمالي بلغت ما نسبته 17 في المئة من الناتج في 2022 (آخر بيانات متاحة)، وهو البند الذي يمكن رفعه لمستويات أعلى بكثير في ظل مساعي الحكومة الجديدة الرامية لتحقيق أهداف التنويع والتنمية.
انكماش القطاع الخاص
أشارت البيانات لانخفاض الناتج المحلي الإجمالي النفطي في الربع الرابع من 2023 بنسبة 6.4 في المئة على أساس سنوي، في تحسن هامشي عن المستويات المسجلة في الربع السابق (-9.0 في المئة على أساس سنوي)، مع بقاء الإنتاج النفطي عند مستوى 2.55 مليون برميل يومياً، بما يتسق مع التزاماتها بخطة «أوبك» وحلفائها لخفض حصص الإنتاج، حسب البيانات الرسمية. وبالنسبة لعام 2023 بأكمله، انكمش الناتج المحلي النفطي 4.3 في المئة في تحول ملحوظ عن النمو القوي الذي شهده في 2022 (+12.1 في المئة) عندما أدت العقوبات الذاتية التي فرضتها مجموعة السبع على النفط الروسي إلى تقليل المعروض في سوق النفط بشكل ملحوظ، ما دفع الكويت ونظرائها في «أوبك» إلى زيادة إنتاج النفط الخام.
نظرة مستقبلية
أما بالنسبة للنظرة المستقبلية، فمن المرجح أن يبدأ نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي في الارتفاع اعتباراً من الربع الرابع من 2024 بعد أن أعلنت «أوبك» وحلفاؤها في يونيو أن تخفيضات الإنتاج الطوعية للدول الأعضاء لعام 2024، والتي تبلغ حصة الكويت منها 135 ألف برميل يومياً، سيتم إلغاؤها تدريجياً على مدار عام بدءاً من أكتوبر المقبل. وتشير تقديراتنا إلى أن الناتج المحلي النفطي سيرتفع 0.9 في المئة على أساس ربع سنوي في الربع الرابع من 2024 وبنسبة 4 في المئة في 2025 كاملاً إذا تمت استعادة هذا الإنتاج بالكامل كما هو مخطط له، وعلى الرغم من أن «أوبك» تركت المجال مفتوحاً أمام إمكانية أن تتوقف موقتاً أو حتى تعكس زيادة الامدادات التي أعلنت عنها إذا اضطرتها ظروف السوق لذلك.
9 ضوابط لتحسين نمو الاقتصاد غير النفطي
• التركيز على أولويات الإصلاحات الهيكلية
• تسريع تنفيذ مشاريع خطة التنمية
• إجراء تغييرات في هيكل الإنفاق العام
• زيادة التركيز على الإنفاق الرأسمالي
• توسيع نطاق الدور الذي يلعبه القطاع الخاص
• دعم الشركات بالأدوات التنظيمية والحوافز
• توسيع القاعدة غير النفطية لتحقيق مكاسب إنتاجية
• إطلاق صندوق الاستثمار المقترح «سيادة»
• تعزيز ثقة رجال الأعمال المحليين والاستثمار الأجنبي