كلمة رئيس مجلس الامة خلال المؤتمر الصحفي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
اليوم أخاطب الشعب الكويتي الكريم بكلام، يقتضيه الظرف ويناسب المقام، وذلك بعد صدور حكم المحكمة الدستورية، ببطلان الانتخابات البرلمانية، فأقول مستعينا بالله، مستهديا بهداه :
أولا: لما كانت المصلحة الوطنية العليا مقدمة على مصالحنا الفردية والشخصية جميعا ، وإرادة الشعب الكويتي هي التي نستمد منها شرعيتنا، و لما كانت المناصب لا تعني لنا شيئا مهما علت ، كونها زائلة ولا أحد مخلد فيها، وان ما يبقى منها هو عملك المخلص ورصيدك من والمثابرة والتفاني والنوايا الصادقة ، فإن رسالتي الأولى – و يشاركني بها أكثر النواب – هي الدعوة إلى الرجوع إلى الأمة مصدر السلطات جميعها، لتختار عبر انتخابات نزيهة من يمثلها، وذلك بعد التحقق من صحة جميع الإجراءات الدستورية والقانونية وسلامتها، حتى لا يتكرر حدث البطلان، فالمحكمة الدستورية تحكم بصحيح الدستور الواضح ، إنما السلطة التنفيذية هي المسؤولة عن سلامة الاجراءات ، و تكرار الاخطاء الاجرائية سيؤدي الى نفس نتيجة البطلان الذي أصبح معيبا بحق الدولة ومؤسساتها ،وعبئا على الحياة البرلمانية ومسيرتها، ومهدرا لجهد الأمة ووقتها، فهذه مسؤولية تاريخية ، ولا يتحقق واجب تحملها إلا بالعمل الجاد لإقرار قانون المفوضية العليا للانتخابات، والقوانين الأخرى ذات الصلة بالعملية الانتخابية ، التي تكفل سلامة الإجراءات وصحتها ، و نزاهتها و شفافيتها ، وذلك في أسرع فترة ممكنة لإنجازها، حتى نحصن المجلس القادم قبل انتخابه من جميع الشبهات التي طالت الانتخابات الماضية تحديدا ، ونحمي الإرادة الشعبية من أي مساس بها، أو إهدار لها . مؤكدين هنا َبشكل واضح وقاطع، احترامنا الكامل لكافة صلاحيات صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه وخياراته الدستورية أيا كانت، كونه صاحب الأمر وحارس الدستور الذي تثق به الأمة، وتركن دوما إلى حكمته ورأيه.
ثانيا: ذكرت في بيان الاعتذار عن خوض الانتخابات الماضية بأنني سأترك للأحداث القادمة أن تكشف عن بعض الحقائق المغيبة، وقد حدث بالفعل ما توقعناه، إذ كشفت لنا الأحداث الأخيرة، في فترة زمنية وجيزة، الكثير من الحقائق المغيبة و ظهرت ازدواجية الممارسات و اختلاف المباديء و تبدل المواقف بشكل واضح و جلي ، لذا فإن العودة إلى الأمة اليوم ، باتت ضرورة أشد حاجة وإلحاحا، بعد أن أصبح المشهد أكثر جلاء واتضاحا، ليختار الشعب الكويتي من يمثله ويتحدث باسمه، ومن يتفاعل مع تطلعاته وهمومه ، فلا يتكرر ما قد رآه رأي العين، و (المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين) .
ثالثا :
لا يخفى على احد حالة الإحباط لدى قطاع كبير من أبناء الشعب الكويتي ، إذ تغيرت المجالس وتغيرت الحكومات ، ولا نزال في نفس الدوامة والحلقة المفرغة .. وهذا يدفعني الى التأكيد على نقطة مفصلية وهي ان المسألة ليست ( مجلس 2020 او 2022) وليس مرزوق الغانم أو السيد أحمد السعدون، الموضوع ليس الشيخان الفاضلان صباح الخالد او أحمد النواف .. القضية اكبر من تلك الثنائيات المضللة والمتخيلة والقاصرة ، إذ هي قضية خطاب سياسي يتمتع بالوعي والبصيرة ، وممارسة ناضجة قوامها الموضوعات والملفات لا الأشخاص والاسماء، وهما أمران يستهدفان شيئا واحدا وهو تعزيز شعور المواطنة في نفوس الناس و اعادة ايمانهم في بلدهم ومستقبله ، وهذا لن يتأتى الا ببرنامج عمل وطني يتحقق إجماع الأمة عليه، وفق جدول زمني محدد ودقيق وصارم، يعيد ثقة المواطن بمؤسساته ، وهنا أؤكد نيابة عن أغلبية اعضاء مجلس الأمة انه متى ما صدقت الحكومة في وعودها عبر برنامجها الشامل، فنحن على استعداد كامل لتقديم كل الدعم والمؤازرة لها لتحقيق الغايات الوطنية المرجوة .
حفظ الله الكويت، قيادة وشعبا من كل مكروه ،وسدد على درب الاستقرار والتقدم والرخاء خطاها
.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته