أثبتت منصة التواصل الاجتماعي «تويتر» مكانتها ودورها حليفة لنشطاء سياسيين ومجموعات معارضة لتصبح بذلك منصة يصعب استبدالها.
قد يكون عدد مستخدمي منصات أخرى للتواصل الاجتماعي أكبر، لكن الشبكة التي بات يملكها الملياردير إيلون ماسك تهيمن على التواصل العالمي، على الرغم من الضبابية التي تخيم على مصيرها.
وقالت مهسا علي مارداني، الباحثة في منظمة «أرتيكل 19» الحقوقية غير الحكومية، «من الواضح أن (منصة) تويتر مؤثرة جدا في الاستحواذ على اهتمام وسائل الإعلام والمسؤولين. لها مكانة خاصة جدا وفريدة على هذا الصعيد».
وأوضحت علي مارداني في تصريح لوكالة «فرانس برس» أن التغريدات «تساعد الإيرانيين» خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تشهدها إيران منذ أشهر، في توثيق «آلام مواطنيهم ونضالاتهم»، كما تساعد العالم في توثيق ما يحصل.
وتشكل منصة تويتر شريان حياة مع العالم الخارجي خصوصا في بلدان تفرض قيودا على الصحافة المستقلة والمراسلين الأجانب.
وقال الباحث المتخصص في الأنشطة الرقمية في ظل الأنظمة الاستبدادية ماركوس ميكايلسن «من الأهمية بمكان استقاء معلومات من وسائل إعلام دولية وإنما أيضا توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والأعمال الوحشية».
نقل المشهدية إلى الخارج
في نهاية يونيو بلغ عدد المستخدمين اليوميين لتويتر 237 مليونا، وهو رقم أدنى بأشواط مقارنة بمنصتي تيكتوك وفيسبوك. ويبلغ عدد المستخدمين اليوميين للمنصة الأولى مليار شخص وللثانية مليارين.
لكن الصيغة المختصرة والبسيطة تجعل من الشبكة قوة تتخطى حجمها بيد جماعات المعارضة، حيث يمكن لأي شخص أن يصبح «مواطنا صحافيا» ينشر بشكل فوري صورا لا تريد السلطات الحكومية أن تنشر.
وإزاء تغريدات انتشرت على نطاق واسع وأثارت غضبا عارما دوليا، يمكن لحكومات دول أن تلمس حجم ضغوط محلية تطالبها بالتحرك أو على الأقل إدانة السلطات القمعية.
وحتى في البلدان الديموقراطية، حيث تعد تويتر بمنزلة مساحة رقمية للتواصل بين المسؤولين وأفراد المجتمع، يمكن للمنصة أن تزود النشطاء وسيلة تمكنهم من نشر آرائهم على نطاق واسع لم تكن سابقا في متناولهم.
في العقد الأخير أصبح وسم «بلاك لايفز ماتر» مرادفا للحركة التي انطلقت لتسليط الضوء على العنصرية والعنف الذي تمارسه الشرطة في الولايات المتحدة بحق الأميركيين المتحدرين من أصول إفريقية، ما وضع تحت المجهر ممارسات تمييزية غالبا ما كانت تمر بلا تعليق.
وقال ميكايلسن «يستخدمون ميزات تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي لخلق هوية احتجاجية، لخلق شعور مشترك داخل الحركة». وتابع «يعرفون أنهم قادرون على الوصول بشكل أكبر وأكثر مباشرة إلى الصحافيين وصناع القرار مقارنة بإنستغرام على سبيل المثال».
ستكون خسارة كبرى
منذ البلبلة التي أحدثها استحواذ إيلون ماسك على تويتر، تخلى كثر عن المنصة على خلفية هواجس من إقلاع مسؤولي المنصة عن التدقيق بشكل كاف فيما ينشر لإزالة المحتويات المضللة أو المستفزة.
وحذر نشطاء من أنه إذا زال تويتر سيخسر العالم سجلا تاريخيا بالغ الأهمية للتحركات الاحتجاجية التي ما كانت لتكتسب زخمها من دون توثيق رقمي.
وقالت مارداني «شكل تويتر أرشيفا لعدد كبير جدا من التحركات والأحداث.. لذا فإن خسارة هذا الأرشيف ستكون خسارة كبرى، إنه سجل تاريخي نوعا ما».
وأكد خبير العلوم السياسية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن تشالز ليستر إن الأنظمة القمعية أو الجماعات الإرهابية ستكون المستفيدة الوحيدة من زوال منصة قادرة على فضح سلوكياتها.