بدت استقالة وكيل وزارة الصحة خالد السهلاوي، أشبه بكبسولة مهدئة لحالة التوتر في المشهد السياسي، الذي كان سيبلغ ذروته ما لم تنته الأزمة بسلام، لتبدأ السلطتان في الالتفات إلى باقي الملفات التي تمثل أولويات لدى المواطن وينتظر إنجازها من المجلس الجديد.
وفيما ثمن عدد من النواب خطوة الاستقالة، فإن النواب ذاتهم شددوا على أن الملف لم يغلق بعد، فـ “القضية في الصحة ليست استقالة وكيل الوزارة فقط انما تتعلق بفساد عارم ولابد من المحاسبة”.
وتقدم عشرة نواب بطلب تكليف لجنة حماية المال العام البرلمانية التحقيق في التجاوزات تتعلق بوزارة الصحة وما شهدته الفترة الماضية من تفاقم ملف العلاج بالخارج، ومخالفات في عقود التمريض والمكاتب الصحية الخارجية.
وخفضت الاستقالة من نبرة التصعيد النيابي ضد رئيس مجلس الوزراء، فأعلن النائب يوسف الفضالة أن استجوابه رئيس الوزراء “لن يقدم وسأتابع فساد الصحة ولن أقبل بعفا الله عما سلف”.
واشار الى أن “مجلس الوزراء أبلغ رئيس مجلس الأمة أن وكيل وزارة الصحة خالد السهلاوي ووكيل الشؤون القانونية سيخضعان للمحاسبة ولن نكتفي بالإستقالة أو الإحالة إلى التقاعد”.
وأشار إلى”بلاغات عديدة موجودة في النيابة ضد فساد وكيل الصحة ووكيل الشؤون القانونية ولن نقبل بوجود أشخاص في الحكومة عبثوا في المال العام”.
وشدد على أن” مجلس الوزراء وجه وزير الصحة للإجابة على أسئلتي ووصلتني بعض الإجابات وأنتظر البقية”.
وقال إنه “في الوقت الذي تدعو فيه الحكومة للتقشف، تطلب تعزيز ميزانية العلاج بالخارج بـ450 مليون دينار لتزيد الكلفة الى 615 مليون دينار”
ورأى أن”قضية العلاج السياحي والهدر في ميزانية العلاج بالخارج لن يمر مرور الكرام فكيف الحكومة تضيق على المواطنين في جانب وتهدر في آخر”.
من ناحيته، أكد النائب د. جمعان الحربش أن الملف الصحي متخم بالعديد من التجاوزات وأن هناك قيادات يتم التحقيق معها في النيابة العامة.
وأضاف الحربش أن من أبرز التجاوزات التلاعب في ملف عقود التمريض بالصحة وتغيير شكل مستشفى العدان من دائري إلى مربع بتخفيض مالي يصل إلى 20 مليون دينار من دون تغيير قيمة العقد.
وقال الحربش إن طلبا نيابيا سيقدم للتحقيق في عقد أتنا ومستشفى العدان واستقدام الممرضين بـ8 الاف دينار.
وأثنى على موقف وزير الصحة وتمكينه في مجلس الوزراء من ممارسة صلاحياته كاملة في ابعاد أي مسؤول في وزارته يرى انه غير مناسب وجوده في منصبه، وأضاف: “نقول لبقية الوزراء ستجدون هناك إصطفافا وطنيا لمحاربة الفساد”.
وأشاد الحربش بخطوات النائب يوسف الفضالة “لفتحه ملف الصحة، ودعواته الى محاسبة المتجاوزين فيه، أو مساءلة رئيس الحكومة”.
من جانيه، قال النائب د. وليد الطبطبائي إن استقالة كبار مسؤولي الصحة غير كافية، ويجب محاسبتهم وإعادة أموال الدولة التي عبثوا بها والتي تزيد على مليار دينار.
وقال النائب عبدالوهاب البابطين إن قبول استقالة وكيل وزارة الصحة خطوة أولى لمكافحة فساد الوزارة، هذه الخطوة سيليها فتح شامل لكل ملفات التعدي على المال العام.
وأضاف “سأتقدم في الجلسة القادمة مع بعض الأخوة النواب بطلب تشكيل لجنة تحقيق بشأن جميع التجاوزات المالية والإدارية في وزارة الصحة”.
من ناحيته، قال النائب راكان النصف إن استقالة وكيل الصحة د. خالد السهلاوي بداية لمعالجة الأمراض التي تمكنت من جسد الوزارة.
نقابة الأطباء: عرض ملفات الفساد في جلسة علنية
عبرت نقابة الأطباء عن خيبة أملها من إعلان النائب يوسف الفضالة سحب استجواب رئيس الحكومة الذي كان من مقررا تقديمه مطلع الأسبوع القادم بعد إعلان مجلس الوزراء قبول استقالة وكيل وزارة الصحة د.خالد السهلاوي، مؤكدة أن الشعب الكويتي والجسم الطبي لم يكن ينتظر إسقاط رئيس الحكومة بالاستجواب بل كانوا يتطلعون لعرض ملفات الفساد بجلسة علنية تحت قبة عبدالله السالم ليعرف الجميع كل الأسماء ويرى الأدلة والبراهين التي تثبت تورط “فاسدي الصحة” بالتجاوزات والمخالفات الإدارية والمالية التي أصحبت كالأورام السرطانية التي انتشرت بجسد الوزارة خلال حقبة الوزير السابق د.علي العبيدي الذي حظى “بحماية حكومية” خلال استجوابه عن ( نفس ) المخالفات والتجاوزات التي تسببت باستقالة وكيل الوزارة يوم أمس، مؤكدة أن الحكومة أصبحت تعاني من “انفصام سياسي” وإلا فكيف تحمي الحكومة كل تلك التجاوزات وتصفق لأشكال الفساد التي ذكرت باستجواب العبيدي وتقوم ( نفس ) الحكومة – بعد سنة – بإقالة وكيل الوزارة عن ( نفس ) تلك التجاوزات ؟!
وقالت النقابة في بيان صحافي لها على لسان نقيب الأطباء د.حسين الخباز إن النقابة حذرت الأسبوع الماضي من “الصفقات السياسية” واختزال الفساد بشخص الوكيل دون تسمية باقي المسئولين عن انتشار أوجه الفساد وعلى رأسهم قطاع الشئون القانونية بالوزارة الذي أصبح لابد – بعد كل تلك التجاوزات – من إقالة وكيل الشئون القانونية د.محمود عبدالهادي بالتزامن مع قبول استقالة وكيل الوزارة د.خالد السهلاوي، هذا إن كانت الحكومة فعلا تنوي محاربة المقصرين والمسئولين عن أوجه الفساد الصحي الذي نخر بجسد الوزارة خلال أسوأ عهد مر على وزارة الصحة – بقيادة العبيدي – الذي أصبح شريكا رسميا ووجبت محاسبته عن كل تلك التجاوزات التي طالما حذرت منها النقابة خلال السنوات الثلاثة الماضية لكن الحكومة كانت “عمك أصمخ”، لافتا أنه من غير المستغرب أن يأتي تقرير منظمة الشفافية الدولية بتراجع كبير للكويت بمؤشرات الفساد خلال عام (2016) واحتلالها المركز الأخير خليجيا ذلك وأن فساد وزارة الصحة – لاسيما إنفاق مليار ونصف دينار من أموال الشعب على العلاج السياحي خلال سنتين – يكفي أن يجعلنا بالمركز الأخير داخل مجرة “درب التبانة” وليس على العالم فقط.
وختم الخباز مؤكدا بضرورة عقد جلسة علنية تحت قبة عبدالله السالم سواء باستجواب وزير الصحة أو رئيس الحكومة – ليس لمجرد طرح الثقة – بل لكشف كل الأسماء والأدلة التي تثبت تورط الكثير من القياديين والمدراء والموظفين المسئولين عن هذا الفساد الإداري والمالي لاسيما الهدر المالي بأكثر من مليار ونصف دينار “بالعلاج السياحي” الذي كان أبرز انجازات الوزير السابق، لافتا أن الأطراف التي أثارت مؤخرا تجاوزات الصحة – سواء كانت إعلامية أو بمواقع التواصل الاجتماعي – افتقدت في غالبها للحياد بالطرح وذلك لتضارب مصالح أغلب الأطراف التي تبنت تلك القضايا بوقوفها إما مع وزير الصحة أو وكيل الوزارة، مشيرا أن إقالة أو استقالة المتورطين ليس كافيا فالشعب الكويتي والجسم الطبي يريد أن يسمع ويرى ويدون – بجلسة علنية من نواب الأمة – كل جرائم الفساد التي تبنتها الحكومة في عهد الوزير السابق عندما رمت بكل ثقلها لحمايته بالاستجواب وأتت نتائجها الكارثية اليوم فيما يراه الشعب من فساد طفح على السطح “أزكم الأنوف” وأصاب القطاع الصحي في مقتل بعد انتشار كل تلك الأورام السرطانية بجسد القطاع “برعاية حكومية”.