خلافا لموجة تفاؤل التي سادت عقب الاعلان عن ولادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، جاءت ردود الفعل الغربية متباينة لجهة الاعتراف به، وان كان هناك اجماع على الترحيب به.
فقد أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند امس ان باريس تعترف بـ «الائتلاف الوطني السوري» الجديد «كممثل وحيد للشعب السوري».
وقال هولاند في مؤتمر صحافي امس وهو الأول منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد قبل 6 أشهر «أعلن أن فرنسا تعترف بالائتلاف الوطني السوري كممثل وحيد للشعب السوري، وبالتالي بكونه الحكومة المؤقتة الديموقراطية في سورية المستقبل».
وأشار الرئيس الفرنسي إلى انه أكد خلال المؤتمر السنوي مع سفراء فرنسا بالخارج في شهر سبتمبر الماضي أن باريس ترغب في تشكيل حكومة سورية مؤقتة وستعترف بها فور تشكيلها.
وأكد هولاند مجددا انه لن يكون هناك تدخل عسكري بسورية من دون قرار وتفويض من جانب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مشيرا إلى دعم باريس للمناطق السورية المحررة.
وكان وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، دعا في وقت سابق من القاهرة، المجتمع الدولي للاعتراف بالائتلاف الوطني السوري بصفته «الممثل الشرعي للشعب السوري».
وقال فابيوس «نحن نأمل أن تعترف مختلف الدول بالائتلاف الوطني السوري بصفته الممثل الشرعي للشعب السوري»، مضيفا أن دور فرنسا هو جعل ذلك الأمل ممكنا.
من جهته أبدى رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، تحفظه على شخصيات بعينها داخل الاتئلاف الوطني. ونقل عن شولتز قوله في تصريحات للصحافيين:
«إن أوروبا أصبحت أمام ائتلاف للمعارضة السورية يضم أشخاصا لا نتشارك معهم في القيم».
وأوضح رئيس البرلمان الأوروبي (السلطة التشريعية للاتحاد الأوربي) أن مجرد التفاهم على تشكيل ائتلاف للمعارضة السورية لا يعني إقامة حكومة ديموقراطية.
بدوره، رحب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بالائتلاف لكنه قال إن هناك حاجة لبذل جهد أكبر قبل أن تعترف بهذا الكيان المعارض رسميا بريطانيا.
وقال هيغ للصحافيين عقب الاجتماع الوزاري «هذا حجر زاوية في غاية الأهمية».
وأضاف: «نريد إشراك كل المعارضة السورية… وأن يحظى بدعم داخل سورية، وإن حدث هذا فسنعترف به ممثلا شرعيا للشعب السوري».
وأضاف ان هذا لا يعني أن بريطانيا ستكون مستعدة لإرسال السلاح إلى المعارضة لأن الاتحاد الأوروبي فرض حظرا للسلاح على سورية.
لكنه أضاف: «لكننا لا نستبعد أي خيار في المستقبل لأن الأزمة السورية تزداد سوءا يوما بعد يوم». هذه المواقف سبقت الاجتماع الوزاري العربي ـ الأوروبي الموسع الذي عقد في مقر الجامعة العربية أمس.
وقد أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربى عن دعم الجامعة لاتفاق المعارضة السورية في الدوحة وطالب الاتحاد الأوروبي بالاعتراف به ودعمه.
وقال العربي، في كلمته أمام الاجتماع إن الدعم الأوروبي يعزز مهمة المبعوث الأممي والعربي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، «خاصة في ظل ما يعانيه الشعب السوري على مدى 20 شهرا من استمرار دائرة العنف التي تدفع هذا البلد نحو الانهيار بسبب تسلط السلطة ضد المنتفضين والثائرين، واستخدام كل الأسلحة ضدهم».
وأضاف: «كل هذا يحدث أمام عجز مجلس الأمن الدولي». واعتبر في الوقت نفسه أن هناك بصيصا من الأمل في مسار الأزمة السورية ظهر بعد اجتماع الدوحة بتشكيل كيان جامع للمعارضة السورية.
من ناحيته، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إن الأزمة السورية مضى عليها أكثر من عام ونصف العام وشهدت العديد من المبادرات العربية والدولية واللقاءات والاجتماعات على اختلاف أنواعها وتخصصاتها إلا أن هذه الجهود لم تستطع تحقيق أهدافها في وقف الحرب التي يمارسها النظام ضد شعبه.
وأضاف الفيصل، في كلمته التي ألقاها أمام الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية العرب والأوروبيين بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية، إن المملكة رحبت بتشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي تم في الدوحة.
وأعرب عن أمله في أن تنضوي تحت لوائه جميع أطياف المعارضة في الداخل والخارج باعتباره ممثلا شرعيا للشعب السوري.
وقال إن «ما يحدث في سورية يأتي في ظل غياب إرادة دولية جادة تضع حدا سريعا لهذه المأساة الإنسانية المتفاقمة وتمهد لإزالة طغيان النظام الجائر في سورية والبدء في عملية انتقال السلطة بالاستناد إلى قرار دولي واضح وصريح من مجلس الأمن».
وجاءت مواقف الاتحاد الاوروبي وحتى الجامعة العربية اقل من المتوقع خلافا لاعتراف دول مجلس التعاون الخليجي بالائتلاف فور تشكله. وبدا موقف جامعة الدول العربية اقل قوة، رغم اعترافها مساء أمس الأول بالائتلاف كـ «ممثل شرعي» للشعب السوري و«محاور اساسي» لها، ما عكس تباينات بين الدول الاعضاء.
فقد اعتبر مجلس وزراء الخارجية العرب «ان الائتلاف الوطني السوري هو الممثل الشرعي للمعارضة السورية والمحاور الاساسي للجامعة العربية»، داعيا سائر تيارات المعارضة الى الانضمام الى الائتلاف.
ودعا مجلس وزراء الخارجية العرب أمس الأول، في قراره باقي تيارات المعارضة للانضمام الى هذا الاتئلاف الوطني حتى يكون جامعا لكل اطياف الشعب السوري.
وحث المنظمات الاقليمية والدولية على الاعتراف به ممثلا شرعيا لتطلعات الشعب السوري وتوثيق التواصل مع هذا الائتلاف السوري.
واكد المجلس في قراره ضرورة مواصلة الجهود من اجل تحقيق التوافق في مجلس الامن.
ودعا مجلس الامن الى اصدار قرار بالوقف الفوري لاطلاق النار بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة حتى يكون ملزما لجميع الاطراف السورية.
وطلب الى رئيس اللجنة الوزارية المعنية بالوضع في سورية رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم والامين العام للجامعة العربية د.نبيل العربي الذهاب الى مجلس الامن لطرح الموقف الحالي في سورية والمطالبة بتحرك عاجل للمجلس في هذا الشأن.
وأكد المجلس دعمه الكامل لمهمة الاخضر الابراهيمي المبعوث الاممي العربي الخاص بسورية.
ودعا الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الى الدخول في حوار مكثف معه لايجاد حل سلمي لنقل السلطة وفقا لقرارات مجلس الجامعة وبيان جنيف في 30 يونيو الماضي وذلك وفقا لجدول زمني يعتمده مجلس الامن لنقل السلطة.
وقد سجلت الجزائر والعراق تحفظهما على ما ورد في القرار بشأن الاعتراف بالائتلاف الوطني كممثل شرعي لتطلعات الشعب السوري كما تحفظ وفد الجزائر على الفقرة الخاصة بإصدار قرار من مجلس الامن بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة مؤكدا أن هذا لا ينسجم مع مهمة الابراهيمي لايجاد حل سياسي وسلمي للازمة السورية.
وطلب العراق تعديل الفقرة المتعلقة بالبند السابع بدعوة مجلس الامن لتحمل مسؤولياته لوقف العنف لأن الدعوة لاحكام الفصل السابع تشرع للتدخل العسكري في وقت نحتاج لأي جهد لحل سلمي للأزمة ودعم مهمة الابراهيمي فيما اكد لبنان أنه ينأى بنفسه عن القرار.
اترك تعليقاً