يجهل كثيرون أن الإمساك المزمن، أو الإسهال، أو جفاف الجلد، أو التعب المزمن، أو تكوّن الغازات، أو وهن العضلات، أو التوتر، أو تساقط الشعر، أو فقدان الوزن… كلّها تعدّ من علامات قصور الجسم في امتصاص المواد الغذائية والفيتامينات والمعادن. ويطلق الباحثون على هذه الحالة اسم «متلازمة سوء الامتصاص». وتشير دراسات صادرة حديثاً عن «الجمعية الأميركية للصحة العامة» أن المصاب بسوء الامتصاص يعاني من أمراض نقص التغذية المختلفة، وأن هذا المرض التغذوي قد ينتج عنه عسر في الهضم، أو قصور في امتصاص المواد الغذائية، وبالتالي تعطّل وصولها إلى مجرى الدم من القناة الهضمية، وخصوصاً الأمعاء الرفيعة.
«سيدتي» تطّلع من اختصاصية التغذية سمية صالح على أهم النصائح الغذائية لتحسين القدرة على الامتصاص والاستفادة من العناصر الغذائية.
ثمة اضطرابات في الوزن تحدث بسبب سوء الامتصاص، مثل الأنيميا (فقر الدم) والإسهال ونقص الوزن. ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص قد تظهر عليهم أمراض السمنة نتيجة ترسّب الدهون في الأنسجة بدلاً من استخدامها في إنتاج الطاقة. وتجدر الإشارة إلى أن الأسباب التي قد تؤدّي إلى حدوث سوء الهضم والامتصاص، تشمل:
➊ نقص مستوى الأنزيمات الهاضمة في الجسم، نتيجة عدم تناول الأطعمة المحتوية على الفيتامين «بي» B المركّب.
➋ الحساسية ضد تناول بعض الأطعمة كمنتجات القمح أو الألبان ومشتقّاتها.
➌ الإصابة بأحد أمراض البنكرياس أو المرارة أو الكبد أو القنوات المرارية، وهي التي ينتج عنها نقص في العصارة الصفراوية والأنزيمات الأساسية.
➍ قصور عملية الهضم، فالغذاء غير المهضوم يتخمّر في القناة الهضمية ويؤدي إلى تكوّن الغازات وانتفاخ ومغص في البطن.
➎ تلف الأمعاء يعدّ من أكثر المشكلات الهضمية التي تؤدي إلى سوء الامتصاص. ويحدث نتيجة عدم تحمّل اللاكتوز والعدوى الطفيلية وتهيّج القناة الهضمية، وكذلك يمكن أن يؤدّي الإسهال أو الإمساك المزمن إلى تلف الأمعاء.
➏ عوامل متعلّقة بالتغذية، منها: تناول الوجبات ذات القيمة الغذائية المنخفضة والتي تحتوي على سعرات حرارية ودهون عالية بدون أن تشتمل على أية مواد غذائية كالفيتامينات والمعادن، كالوجبات السريعة والجاهزة.
8 توصيات لإعادة الامتصاص
يقترح عدد من الباحثين اتّباع مجموعة من التوصيات لمدّة شهر على الأقل لتطهير الأمعاء من المواد الصلبة داخلها، ثم العودة تدريجياً لتناول الأطعمة التي تمّ الامتناع عنها ولكن بكميات صغيرة ومحدّدة:
1. ينصح خبراء التغذية في «مايو كلينيك» المصابين بمرض نقص الامتصاص أن يتناولوا كميّات كبيرة من المواد الغذائية أكثر من غيرهم بهدف تحسين القدرة على الامتصاص، كالإكثار من الألياف كالخضراوات المطهوّة على البخار والفاكهة النيئة، ما عدا الموالح والحبوب الكاملة كالشوفان والذرة والأرز الكامل.
2. تناول الوجبات الغنيّة بالكربوهيدرات المعقّدة والمنخفضة في الدهون، كالأسماك المشوية أو المطهوة على البخار 3 مرّات أسبوعياً.
3. تجنّب المنتجات المحتوية على الكافيين والتي تقلّل من امتصاص الحديد، كالشاي والقهوة والمشروبات الغازية والشوكولاتة.
4. تناول الحدّ الأدنى من الدهون والزيوت لاحتوائها على نسبة عالية من الدهون، بالإضافة إلى الامتناع عن الأطعمة المقلية والأطعمة السريعة والجاهزة ومنتجات السمن الصناعي (المارغرين). وتذكر بحوث التغذية، في هذا الإطار، أن الدهون التي تحتويها هذه الأطعمة تزيد من حدّة نقص الامتصاص، وذلك بسبب تدخّلها في تكوين طبقة على جدار المعدة والأمعاء الدقيقة والتي تمنع مرور المواد الغذائية.
5. تفادي تناول منتجات الألبان التي تزيد من إفراز المخاط وتعوق قدرة الجسم على الامتصاص.
6. التقليل من تناول اللحوم ومنتجاتها لارتفاع محتواها من الدهون، بالإضافة إلى أن الدهون صعبة الهضم تزيد من تكوّن الأحماض.
7. استشارة الطبيب عند حدوث إسهال أو اضطرابات هضمية أخرى قد تستمر لمدة
3 أيام، وخصوصاً إذا صاحب ذلك اضطرابات في الهضم أو ألم حاد في البطن.
8. الحذر من تناول بعض الأدوية التي تحدّ من امتصاص المواد الغذائية كالمضادات الحيوية التي تتسبّب في تدمير البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء.
عواقب سوء الامتصاص
تشير أبحاث طبية إلى أن سوء امتصاص المواد الغذائية قد ينتج عنه نقص بعض العناصر الغذائية التي تؤدي إلى الإصابة بأمراض عدّة، أبرزها:
< الاستسقاء: هو تورّم الأنسجة نتيجة بقاء السوائل فيها، وينتج عن سوء هضم البروتينات.
< نقص عنصر الكالسيوم: ينتج عنه الوهن والضعف العضلي والإصابة بهشاشة العظام ومشكلات الدورة الدموية وضعف الأيض الغذائي.
< نقص عنصري الحديد وحمض الفوليك: ينتج عنه الإصابة بالأنيميا أو فقر الدم.
< نقص فيتامينات «بي» B المركبة التي تؤثّر على نقل الأحماض الأمينية عبر جدار الأمعاء، ما يؤثّر على تكوين الأنزيمات الهاضمة الهامّة في عملية الامتصاص.
< تشير التقارير الطبية الصادرة عن جامعة هارفارد الأميركية إلى أن ضعف قدرة الجسم على امتصاص المواد الغذائية يؤدي إلى الإصابة بعدد من الأمراض، مثل أمراض القلب وهشاشة العظام وضعف جهاز المناعة وزيادة الإصابة بالعدوى.
< حدوث الشيخوخة وظهور علامات تقدّم العمر: تفيد دراسات حديثة أن السبب في حدوث الشيخوخة عند بعض الأشخاص بشكل أسرع من الآخرين يعود إلى تغيّر شكل الأمعاء وترسّب المخاط على جدار الأمعاء، ما يعوق عملية امتصاص المواد الغذائية.
< قصور البنكرياس المزمن: حالة يعجز فيها البنكرياس عن إفراز كمية كافية من الأنزيمات اللازمة لعملية الهضم.