أكد النائب الدكتور عبدالله الطريجي أن ‘مراوغة’ وزير المالية أنس الصالح في توضيح ملابسات ما رافق طرح الإصدار السادس من العملة الجديدة ، وعدم رده بشفافية ووضوح على الأسئلة البرلمانية ، تمهد طريقه نحو المنصة ، مشددا على أنه لن يتوانى في تفعيل أدواته الدستورية، سواء أكانت في تشكيل لجان التحقيق أو تحريك المساءلة السياسية ، ما لم يتحمل الصالح مسؤولياته الدستورية والقانونية والمهنية.
وقال الطريجي في تصريح صحافي ، إن كل ما صدر عن الوزير الصالح من إجابات على الأسئلة البرلمانية ، جاءت مغلوطة وركيكة وأكدت في مجملها عدم الحاجة إلى إصدار نقد جديد ، وأن التذرع بالتكنولوجيا وتحقيق مواصفات أمنية للعملة الجديدة لا يكفي لطباعة عملة جديدة ، ولا سيما أن الوزير ومحافظ البنك المركزي لم يذكرا في الجوانب الأخرى من الحاجة لإصدار العملة ، سواء الأمنية أو الفنية أو السياسية ، وأن كل إجاباتهما جاءت التفافا على المعلومات المطلوبة دون ذكرها .
وشدد النائب على أن الإصدار الجديد للعملة ، وما انطوى عليه من أخطاء يشكل جريمة تاريخية ، لم تتحقق فيها متطلبات إصدار عملة وطنية يجب الاعتزاز بها وتحقيق كافة المتطلبات المهنية والفنية حتى تخرج على أكمل وجه ، ولاسيما أن مبرر أن العملة الجديدة محصنة ضد التزوير ، فندته مجريات ما رافق من إصدارها التي برهنت على أن العملة القديمة ‘الإصدار الخامس’ كانت أكثر تحصينا منها ، وبإقرار الوزير نفسه في رده على أحد النواب عندما قال إن تزوير العملة السابقة كان وفق المستويات المتعارف عليها عالمياً ، فيما تعرضت العملة الجديدة إلى عمليات تزوير رافقت طرحها للتداول بشكل متكرر ودقيق .
وذكر الطريجي في تصريحه أن البنك المركزي لم يتبع الشفافية في طرح العملة ، وأن إجراءاته الاستباقية كانت ركيكة ومرتبكة، ولا تدل على العمل المؤسسي ، وأن كل ما قام به المحافظ من جهود مؤسسية لا تتعدى ‘الشو الإعلامي’ بذكره أنه عقد مؤتمرا صحافياً وبذل نشاطا إعلاميا للترويج للعملة ، في حين أنه لم يركز على الخلايا المهنية والجهد المؤسسي داخل البنك .
ولفت إلى أن العملة الجديدة احتوت على أخطاء بالضبط اللغوي والتشكيل ، خلافا لقواعد اللغة العربية ، وهو مخالف مخالفة جسيمة للمادة 3 من الدستور التي تنص على ‘أن لغة الدولة الرسمية هي اللغة العربية’ ، مبديا أسفه من الإنكار المضحك للوزير الذي يكذب ذلك الأمر ويتذرع بأن رسم الكلمات بهذه الطريقة جاء وفق جماليات الخط العربي ، وأن هذا الكلام مردود عليه لأن فن الخط العربي في جمالياته يراعي ضرورة عدم مخالفة قواعد اللغة إعرابا وضبطا وتشكيلا ، ففي أعلى العملة ثبتت عبارة ‘بنك الكويتَ المركزي’ بالفتحة والكسرة معاً ، وأن الواو في ورقة النقد من فئة العشرين دينارا مضبوطة بالضمة ، بينما الصحيح أن توضع عليها السكون . كما أن كلمة ‘بنك’ في عبارة ‘ورقة صادرة بموجب قانون بنك الكويت المركزي’ رفعت بالضمة وحقها الجر، والضمة يجب أن تكون كسرة . وشدد النائب على أنه كان يجب إما ضبط الكلمات بشكل صحيح أو تسكين الحروف ، أما التذرع بالخط وتداخل حركات الحروف على بعضها فهي حجة واهية لا قيمة لها ، ولا يجوز الاستهتار بالعملة التي تمثل الدولة .
ودعا الطريجي المتخصصين باللغة إلى الإدلاء برأيهم حول الأخطاء الشنيعة حول الضبط اللغوي للعملة ، محذرا من أن أي دعوى قضائية ترفع لسحب العملة كونها مخالفة للدستور ‘المادة الثالثة’ بشأن اللغة ستشكل سابقة قضائية . ولفت إلى قضية أخرى تتعلق برسم العملة ، مبيناً أن الرسومات التي وضعت على أوراق النقد الجديدة نافت الخصوصية الكويتية ، وقد انتقدها العديد من المتخصصين تراثيا ، بل إنها أصبحت مدعاة للسخرية ، متسائلا أين الفريق الفني والتراثي الذي أشرف على هذه الرسومات ؟!
وانتقد النائب عدم رد النائب على أسئلته كما ينبغي ، متذرعا بذرائع كثيرة ، منها أن القانون الذي ينظم عمل البنك المركزي يمنعه من الإدلاء ببيانات أو معلومات معينة أو تزويده بالمستندات المطلوبة، مشددا على أن تلك الذرائع مردودة على الوزير من الناحيتين القانونية والواقعية ، وإن على الصالح ومحافظ البنك المركزي أن يتحليا بمقدار عال من الشفافية في الإجابة عن الأسئلة ، وإن تذرع الوزير كذلك بأن القانون الذي ينظم عمل المركزي استثناه من الخضوع لقانون المناقصات المركزية وأعطاه هامشا من المرونة في عمليات التعاقد ، لا يجعل الوزير فوق المساءلة، ولا يعفيه ومحافظ البنك من الإفصاح بشفافية عن الأموال التي صرفت على الإصدار السادس . وأشار إلى أن من الأشياء المجافية التي أنكرها الوزير في الإجابة أنه لم يحدث أي ارتباك في عمل المصارف المحلية أثناء طرح العملة الجديدة، وهذا مجاف للحقيقة تماما ، إذ لم تبرمج حتى الآن أجهزة الصرف الآلي ، ووضعت ملصقات أن الأجهزة لا تقبل العملة الجديدة ، كما أن أجهزة الطوابع ما زالت لا تقبل العملة الجديدة في كثير من المواقع على الرغم من تصريح الوزارة بأنها برمجتها لقبولها بدءا من العملة الجديدة، متسائلا أين وعود الوزير في عمليات التشغيل والبرمجة لهذه الخدمة ؟ ألا يفترض أن يكون ذلك جاهزا قبل تداول العملة ؟ وأين الإجراءات التحوطية أم أن المسألة لا تتجاوز الدعاية والترويج ؟
وشدد الطريجي على أن الوزير يتهرب من الأسئلة ويلتف على الحقيقة . وأنه في الوقت الذي يؤكد فيه أن العملة الجديدة تمتلك مواصفات فنية وأمنية عالية المستوى ، نرى عمليات التزوير انطلقت سريعا بعد انتشار العملة ومازالت متوالية ومستمرة !
وعن متانة العملة لفت الطريجي إلى أن الوزير قال في إحدى إجاباته إن العملة متينة وتقاوم التلف وتم تطوير العجينة الكيميائية فيها ، ولكن واقع الحال يشير إلى أننا وجدنا نماذج فيها تشققات في أوراق من فئة العشرة دنانير ، ونماذج تم مسح ألوانها بسهولة ، فأين المواصفات الفنية والأمنية ومقاومة التلف ومتغيرات البيئة ؟ هذا عدا عمليات التزوير التي لم يفصح الوزير عن كميات العملة التي تم تزويرها ، وهذا ينافي الشفافية .
وتطرق الطريجي في تصريحه إلى قضية مهمة في العملة الجديدة ، وهي أنها تحمل مخالفة قانونية جسيمة ، تمثلت في العبارة الموجودة على العملة والتي تقول ‘ورقة نقد صادرة بموجب قانون بنك الكويت المركزي’ لافتا إلى أنه لا يوجد قانون خاص لبنك الكويت المركزي، وإنما قانون شامل رقم 32/1968 ‘ بشأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة لمصرفية ‘ وأضيفت إليه لاحقا عبارة ‘ والبنوك الإسلامية’. واستغرب وضع العبارة التي تدل على وجود قانون مستقل للبنك، مبينا أنه إذا أراد تجاوز ذلك على اعتبار أنه يوجد هناك باب من أبواب هذا القانون يتعلق بالبنك المركزي ، فإن هذا الباب أيضا لا يتحدث من قريب أو بعيد عن النقد والإصدار النقدي ، وإنما ما ينظم العملية هو الباب المتعلق بالنقد .
وتساءل النائب عما إذا كانت العملة النقدية بمحتوياتها التراثية واللغوية والقانونية على إدارة الفتوى والتشريع ؟ وهل أجازت الإدارة الأخطاء الجسيمة لضبط الكلمة ؟ وهل أجازت كذلك الرسومات التي حاول الوزير والمحافظ الترويج على أنها تمثل البيئة الكويتية ؟ وهل أجازت الإدارة الصيغة القانونية في ظل عدم وجود قانون مستقل لبنك الكويت المركزي وحده ؟
وشدد على أن الوزير لم يعط المعلومات بدقة عن الكميات المكدسة عن العملة السابقة ‘الإصدار الخامس’ ، كميتها وكمية الأموال المنفقة عليها ، بل جاءت إجاباته ملتفة ومراوغة، تحدث عن آخر طلب لطباعة الإصدار الخامس، ولم يتحدث عن آخر طلبية وصلت ، أي أنه تحدث عن الكمية المطلوبة وليس الكمية الواصلة ، مجددا مطالبة الوزير الصالح ومحافظ البنك بتحمل مسؤولياتهما الدستورية والقانونية والمهنية ، حتى لا يضطر إلى تفعيل أدواته الدستورية التي لن يتوانى في استخدامها بشكل تصعيدي وصولا إلى الحقيقة وتصحيح الاعوجاج .