قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ناقش العراق والعنف المتزايد لجماعة سنية مسلحة هناك في مكالمة هاتفية يوم الأربعاء مع العاهل السعودي الملك عبد الله.
وقال في بيان إن أوباما شكر العاهل السعودي على تعهده بتقديم 500 مليون دولار لمساعدة من تشردوا من جراء العنف المتزايد مع سيطرة مسلحين من جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام على محافظات في شمال العراق وغربه.
وكان الملك عبد الله تعهد الأسبوع الماضي بالعمل لمكافحة ‘الأخطار الإرهابية’ التي مزقت العراق في الأسابيع الأخيرة.
وقال البيت الأبيض ان اوباما والملك عبد الله ناقشا ضرورة أن يشكل العراق حكومة جديدة تشمل كافة الأطياف ‘وتوحد كل الطوائف المختلفة في العراق.’
وكانت بغداد ألقت اللوم على السعودية في التشجيع على ‘الإبادة’ في العراق لكن مع ان السعوديين يقدمون أموالا وإمدادات إلى مقاتلي المعارضة السنة في سوريا فإنها تنفي مساندة المسلحين في العراق.
وستذهب منحة السعودية البالغة 500 مليون دولار عبر الأمم المتحدة لمعالجة الأزمة الإنسانية في العراق.
من جهة اخرى، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يوم الأربعاء إنه يأمل أن يتمكن البرلمان من تشكيل حكومة جديدة في جلسته القادمة بعد أن انتهت الجلسة الأولى دون التوصل لاتفاق.
ويكافح المالكي من أجل إنقاذ مستقبله السياسي في الوقت الذي يهدد فيه مسلحون سنة بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وحدة البلاد.
ولا تستطيع بغداد تحمل التأجيل لفترة طويلة. وسقطت أجزاء كبيرة من شمال وغرب العراق في أيدي التنظيم الذي أعلن فيما بعد إقامة ‘خلافة’ وتعهد بالزحف الى العاصمة.
لكن المخاوف المتزايدة والضغوط من الولايات المتحدة وإيران والأمم المتحدة ورجال الدين الشيعة في العراق لم تسهم بدرجة تذكر في إنهاء الخلافات بين الكتل العرقية والطائفية الرئيسية بالعراق والتي تصيب البلاد بالشلل.
وانسحب السنة والأكراد من الجلسة الأولى للبرلمان الجديد بعد أن أخفق الشيعة في طرح مرشح لمنصب رئيس الوزراء. وهم يعتبرون المالكي العقبة الرئيسية في طريق حل الأزمة ويأملون أن يتنحى جانبا.
وفي كلمته الأسبوعية التي بثها التلفزيون قال المالكي إنه يأمل أن يتمكن البرلمان يوم الثلاثاء القادم من تجاوز ‘حالة من الضعف’.
وأضاف ‘لقد حصلت حالة من الضعف لكن باذن الله سوف نتجاوزها في الجلسة القادمة بالتعاون والانفتاح والاتفاق باختيار الأفراد والآليات التي ستنتهي إلى عملية سياسية تستند على الوسائل الديمقراطية.’
ولكن ليس واضحا متى سيتمكن قادة العراق من التوصل لاتفاق. وتعاني كافة الكتل العرقية الرئيسية من خلافات داخلية ولم يتفق أي منها بعد على المرشح الخاص بالمنصب المخصص لها.
ويقول السنة والأكراد إنهم يريدون أن يختار الشيعة رئيسا للوزراء قبل أن يعلنوا مرشحيهم بينما يقول الشيعة إن على السنة أن يختاروا رئيس البرلمان أولا.
وقال مهند حسام وهو سياسي ومساعد للنائب السني البارز صالح المطلك إن كل كتلة لديها مشاكلها الآن.
وأضاف أنه إذا فشلت الكتلة الشيعية في اختيار من يحل محل المالكي فإن هناك خطرا بأن ينسحب النواب السنة من العملية السياسية برمتها. وأضاف أن هذا يهدد مستقبل العراق.
وقال سامي العسكري الحليف القديم للمالكي إن تشكيل الحكومة يمكن أن يستغرق حتى نهاية شهر رمضان. لكنه هون من خطر انهيار الدولة قائلا إن حكومة تسيير الأعمال التي يقودها المالكي ستستمر.
وأضاف العسكري أن الواقع هو أن هناك حاجة للتحلي بالصبر مشيرا إلى أنه في النهاية ستتشكل حكومة لكن هذا لن يتم قريبا.
وتزايد غضب سكان بغداد من تكرار مشهد الخلاف بين المسؤولين بينما تحترق البلاد.
وقال ضامي ستار شفيق استاذ الإحصاء بإحدى الجامعات في بغداد وكان يتسوق في حي يسكنه السنة والشيعة ‘أنا غاضب جدا من كل هؤلاء الساسة.
‘هذا البلد يتجه إلى كارثة وهؤلاء الرجال لا يعملون إلا من أجل أغراضهم.’
وبدا نجاء حسن (54 عاما) وهو نجار مستفزا بنفس الدرجة. وقال ‘الديمقراطية جلبت علينا الكثير من المشاكل التي لا داعي لها.’
وخارج العاصمة اشتعل القتال مجددا. وقالت مصادر طبية وشهود إن 11 شخصا على الأقل قتلوا بينهم نساء وأطفال حين هاجمت طائرات هليكوبتر عراقية الشرقاط على بعد 300 كيلومتر شمالي بغداد.
وقال شهود إن طائرات الهليكوبتر تستهدف مبنى للبلدية يتحصن بداخله متشددون وإن الضربة الجوية أصابت أيضا ثلاثة منازل قريبة.
وقال حامد الجميلي وهو طبيب بمستشفى الشرقاط إن المستشفى استقبل 11 جثة و18 مصابا بسبب قصف الطائرات الهليكوبتر. وأضاف أن بعض الأطفال في حالة خطيرة.
ولم يذكر المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء اللواء قاسم عطا الحادث لكنه ذكر الشرقاط ضمن عدد من المواقع التي نفذت فيها القوات الجوية عمليات في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وتواجه الحكومة خصما عنيدا يتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي اختصر اسمه إلى الدولة الإسلامية هذا الأسبوع وأعلن قائده ‘خليفة’ للمسلمين.
وفي أول تصريحاته منذ هذا الإعلان دعا أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم يوم الثلاثاء المسلمين في مختلف أنحاء العالم إلى حمل السلاح والتوافد على دولة الخلافة التي أعلنها في الأراضي التي تقع خارج سيطرة الحكومة في سوريا والعراق.
ويعمل تنظيم الدولة الإسلامية إلى جانب عدد من الجماعات السنية بينها ميليشيات إسلامية ورجال عشائر مسلحون وضباط سابقون بالجيش وموالون للرئيس السابق صدام حسين الذين وعلى الرغم من أنهم لا يعتنقون نفس ايديولوجية التنظيم فإن ما يوحدهم هو الشعور بالاضطهاد في ظل حكومة المالكي التي يقودها الشيعة.
وعرض المالكي يوم الأربعاء عفوا عن العشائر التي حملت السلاح ضد الحكومة لكنه استبعد من قتلوا وسفكوا الدماء.
وقالت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن أكثر من 2400 عراقي قتلوا في يونيو حزيران وحده ليصبح الشهر الذي سقط فيه أكبر عدد من القتلى منذ ذروة الاقتتال الطائفي خلال الحملة التي قادتها الولايات المتحدة عام 2007.
ونجحت حكومة المالكي مدعومة بمتطوعين مدنيين وميليشيات شيعية في وقف تقدم المتشددين حتى العاصمة لكنها لم تستطع استعادة المدن التي انسحبت منها القوات الحكومية. وفشل الجيش الأسبوع الماضي في استعادة تكريت التي تقع على بعد 160 كيلومترا شمالي بغداد.
وحتى إذا تنحى المالكي جانبا وهو أمر لم يتأكد بعد فإن قلة في بغداد هي التي تتوقع أن يؤدي هذا إلى حل سريع للأزمة.
وقال حيدر جمعة وهو عامل بناء (31 عاما) ‘رحيله لن يحل المشكلة لأن الخلاف بين السنة والشيعة سيستمر والعداء سيتواصل.’
وأضاف ‘مهما بلغت معاناة الناس فإن الساسة لا يكترثون.’
وقالت المتحدث باسم شرطة كربلاء العقيد أحمد الحسناوي إن قوات الشرطة والجيش حاولت يوم الأربعاء إلقاء القبض على رجل الدين المثير للجدل محمود الصرخي مما أدى إلى اندلاع اشتباكات استمرت لساعات مع أنصاره