قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل هنا اليوم أن الوضع ‘البالغ الخطورة’ الذي يمر به العراق حاليا يحمل في ثناياه نذر حرب أهلية لا يمكن التكهن بمداها وانعكاساتها على المنطقة.
وقال الفيصل في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة ال41 لمؤتمر مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إن ‘افرازات الوضع السوري أوجدت مناخا ساعد على تعميق حالة الاضطراب الداخلي ‘السائد أصلا’ في العراق نتيجة الأسلوب الطائفي والإقصائي’.
وأضاف ان هذا الأسلوب ‘نجم عنه تفكيك اللحمة بين مكونات شعب العراق وتمهيد الطريق لكل من يضمر السوء لهذا البلد لكي يمضي قدما في مخططات تهديد أمنه واستقراره وتفتيت وحدته الوطنية وإزالة انتمائه العربي’.
وذكر الفيصل أن الأزمة السورية اجتازت منعطفا نحو الأسوأ في أعقاب فشل مؤتمر (جنيف الثاني) في التوصل إلى حل يستند إلى بنود إعلان (جنيف الأول).
وأكد أن ‘هذا الفشل أدى إلى تعاظم أعمال العنف والإبادة التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه الأعزل وانحسار فرص الحل السياسي لهذه الأزمة نتيجة لاختلال موازين القوى على الأرض لصالح النظام الجائر بسبب ما يتلقاه من دعم مادي وبشري متصل من أطراف خارجية بلغت حدود الاحتلال الأجنبي وساعد على ذلك كله فشل مجلس الأمن في التحرك لوضع حد لهذه الكارثة الإنسانية التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا’.
وبين ‘أن هذا الوضع مرشح للتدهور أكثر فأكثر مع كل انعكاساته الإقليمية الخطيرة ما لم يحزم المجتمع الدولي أمره باتخاذ موقف يضع حدا لهذه المجزرة الإنسانية البشعة ويوفر للشعب السوري ما يمكنه من الدفاع عن نفسه والعمل على حماية المدن والمؤسسات السورية من الدمار’.
وفيما يتعلق بالأوضاع في مصر شدد وزير الخارجية السعودي على أن موقف بلاده المساند لمصر ينطلق من شعورها العميق بأن ‘استقرار مصر ركيزة لاستقرار العالمين العربي والإسلامي’ متمنيا أن ‘يخرج المؤتمر بموقف قوي يشجع أشقاء وأصدقاء مصر على الاستجابة لهذه الدعوة والمشاركة بفاعلية في أي جهد يعيد لمصر دورها العربي والإقليمي في المنطقة’.
وبالنسبة للقضية الفلسطينية أكد الفيصل أن ‘الوضع ما زال يصطدم بذات العقبات والتحديات المتمثلة في استمرار التعنت الإسرائيلي وإمعان حكومة إسرائيل في سياسة الاستيطان وإجراءات التهويد إضافة إلى الأخذ بمبدأ يهودية الدولة الإسرائيلية’.
ولفت إلى أن تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وتشكيل حكومة الوفاق يعتبران خطوة مهمة وضرورية نحو بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس وتستحق هذه الحكومة التي تمثل الشعب الفلسطيني من جميع أطراف المجتمع الدولي مؤازرتها والتعامل معها لتحقيق التسوية النهائية وحل الدولتين.
وبين أن موضوع القدس المرتبط بتاريخ نشوء منظمة التعاون الإسلامي أصبح يشكل هو الآخر رمزا ثابتا ليس فقط لحدود الصلف والعدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحيين بل وتحديا سافرا للأمة الإسلامية برمتها مع استمرار عبث إسرائيل بهوية وإرث هذه المدينة المقدسة ومحاولات تغيير وضعها الجغرافي والديموغرافي وتعريض المصلين في الحرم الشريف لأشكال الاستفزاز والتضييق.
ومن جهتها أكدت الولايات المتحدة الأمريكية أن تصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي اتهم فيها المملكة بدعم الجماعات الإرهابية غير دقيقة وغير صحيحة ، واصفة تهجمه على المملكة وبكل صراحة بأنه عدائي وغير دقيق وعكس ما ينبغي عليه التركيز فيه ، متهمة المالكي بتأجيج نيران الطائفية في العراق.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جينيفر بساكي رداً على سؤال في إيجازها الصحفي اليومي حول تصريحات المالكي التي اتهم فيها المملكة بدعم الجماعات الإرهابية بأنها غير دقيقة ولا تساعد في هذه المرحلة التي ينبغي عليه فيها انتهاج سياسات غير طائفية وتخدم اهتمامات ومصالح جميع العراقيين.
وأضافت أن وجهة النظر الأمريكية هي أن القادة العراقيين يجب أن يضعوا في اعتبارهم جميع الاهتمامات المشروعة لجميع العراقيين ، مشيرة إلى أن الوضع في العراق شديد التعقيد ، وأن تلك الرسالة التي تواصل الولايات المتحدة الأمريكية إيصالها للمالكي ؛ حيث اجتمع معه السفير الأمريكي في بغداد بيكروفت لحثه على التركيز لاتباع سياسات أكثر شمولا وتخدم اهتمامات جميع العراقيين بالإضافة للاهتمام بالوضع الأمني وزيادة الدعم للقوات الأمنية العراقية . وأشارت إلى أن هناك الكثير مما يمكنه القيام به ليكون أكثر شمولا ويحكم بطريقة غير طائفية.
وحول الموقف الأمريكي من تمويل الإرهاب قالت ‘ إن الموقف الأمريكي هو نفسه ولم يتغير وأن الرسالة التي نقدمها هي أن على الجميع في هذا الوقت الحرج دعم جميع القادة العراقيين ودعم الشعب العراقي ومساعدته في بناء الوحدة وتجاوز هذه الأزمة التي يمر بها.