دخلت الساحة السياسية في بريطانيا منعطفا حاسما بعد إعلان رئيس الوزراء ريشي سوناك الرابع من يوليو المقبل موعدا لتنظيم الانتخابات التشريعية العامة التي ستكون مصيرية لمستقبل حزب المحافظين الحاكم.
وفاجأ سوناك بقراره الساسة ولاسيما من أحزاب المعارضة بعد مطالبات متكررة منها بضرورة تحديد موعد للانتخابات لاعتقادها بأن المحافظين فقدوا القدرة على إدارة الحكم في ظل تآكل شعبيتهم خلال العامين الماضيين.
وتعرض الحزب الحاكم منذ استقالة رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون الفائز بانتخابات ديسمبر 2019 لعدة انتكاسات أبرزها استقالة خليفته ليز تراس بعد 44 يوما من الحكم فقط ليخلفها سوناك في المنصب بتعيين من نواب مجلس العموم (الغرفة السفلى للبرلمان) ودون اقتراع مباشر لا من عموم الناخبين ولا من المسجلين في الحزب.
وظل سوناك يواجه منذ تعيينه في المنصب العام الماضي مطالبات بتنظيم الانتخابات التشريعية اذ اعتبرت أحزاب المعارضة انه يفتقد لأي تفويض شعبي ناهيك عن خسارة حزبه عدة انتخابات جزئية ومحلية حولت خريطة التصويت في البلاد بشكل جذري مقارنة بما كانت عليه عامي 2010 و2015 وحتى عام 2019.
والواقع ان سوناك لم يجد أي فرصة سياسية مناسبة لإطلاق السباق الانتخابي سوى ساعات بعد اعلان مكتب الإحصاء البريطاني (او ان اس) تراجع معدل التضخم من 2ر3 بالمئة في مارس إلى 3ر2 بالمئة الشهر الماضي وهو مستوى قريب من نسبة 2 بالمئة الذي يحدده بنك إنجلترا المركزي.
وتعهد سوناك العام الماضي بأنه سيعمل جاهدا على خفض معدل التضخم وبالتالي خفض الضغوط على مداخيل الاسر البريطانية ولذلك شكل إعلان مكتب الإحصاء فرصة إيجابية ربما الوحيدة والأخيرة له لإعلان بداية الحملة الانتخابية.
ومع ذلك اقر سوناك بنفسه بأن الوضع بالنسبة له ولحزبه صعب لاعتبارات واقعية يعكسها التذمر الشعبي من سياسات حكومته وبخاصة في ما يتعلق بقطاعات التعليم والصحة والامن ومستوى المعيشة بشكل عام.
وهذه الصورة باتت مرسومة بشكل واضح في استطلاعات الرأي التي تضع كلها حزب العمال وهو أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان بقيادة كير ستارمر في المقدمة بفارق 20 نقطة في أسوأ الأحوال عن حزب المحافظين.
وفي اخر استطلاع للرأي نشرته شبكة (سكاي نيوز) ان شعبية العمال بلغت 5ر44 بالمئة بينما حصل المحافظون على 3ر23 بالمئة من الأصوات المؤيدة لهم في انتخابات الرابع من يوليو المقبل.
ورغم ان استطلاعات الرأي تعتمد على عينات عشوائية صغيرة فإن التجارب السابقة أظهرت حسب معظم المحللين دقتها في قياس التوجه الشعبي العام قبل كل موعد انتخابي مهم.
وما يعزز هذا الاعتقاد بتوجه المحافظين إلى الخروج من السلطة هو العدد القياسي من النواب المحافظين الذين أعلنوا عدم تجديد ترشحهم للانتخابات المقبلة وبلغ عددهم إلى الان 76 نائبا من بينهم وزراء حاليون وسابقون يعدون من قيادات الصف الأول.
ويشير متابعون إلى ان خسارة المحافظين للسلطة في عهد جون ميجور في انتخابات عام 1997 بعد 18 عاما قضوها في الحكم سبقه عدم ترشح 75 نائبا لتلك الانتخابات التي انتهت بصعود نجم حزب العمال بقيادة توني بلير.
وقبل كل ذلك يبدأ مسار تحديد مستقبل المحافظين مع إعلان حل البرلمان رسميا في وقت لاحق اليوم وانطلاق حملات إعلان المرشحين لاقتراع الرابع من يوليو.
وستظهر النتائج الأولية في وقت متأخر من يوم الاقتراع قبل تأكيدها رسميا في اليوم التالي ليلتحق النواب المنتخبون بمقاعدهم يوم التاسع من يوليو ثم انتخاب رئيس المجلس ليتم يوم 17 من نفس الشهر افتتاح الدورة البرلمانية بخطاب رسمي يلقيه ملك البلاد الملك تشارلز الثالث.
اترك تعليقاً