ثقة المستهلكين بالكويت تحافظ على أفضل مستوياتها في 15 شهراً


من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية. ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت. وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.

أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر مارس 2024 بالتعاون مع «الأنباء» ورعاية «لكزس»، علما أن البحث الميداني أجري قبل انتخابات مجلس الأمة، وكان البارز في المعطيات تراجع 4 مؤشرات من أصل 6 مؤشرات تشكل موضوعات البحث.

والمعطى الذي يستحق الذكر هو التراجع الحاد لمؤشر فرص العمل المتوافرة في السوق حاليا والذي بلغ 22 نقطة خلال شهر، وقد سجل المؤشر العام 111 نقطة متراجعا نقطتين خلال شهر، وبالرغم من هذا التراجع الطفيف لم يزل مستوى المؤشر من أفضل المراتب خلال 15 شهرا.

ويبدو أن التراجع البسيط للمؤشر العام هو انعكاس للوقائع الإقليمية والدولية الآنية، كون معظم الدراسات تشير إلى نمو الاقتصاد الكويتي وصلابة الأوضاع المالية والنقدية وغيرها من العوامل الإيجابية، لاسيما منها:

٭ تحسن ملحوظ في أسعار النفط التي لامست 90 دولارا للبرميل، وتوقعات بارتفاع إضافي للأسعار خلال السنة الحالية على قاعدة توقع المزيد من حاجة الصين إلى المزيد من الواردات النفطية وتحسن في معادلة قانون العرض والطلب.

٭ مكاسب البورصة المسجلة ومدى انعكاسها الإضافي في مجمل القطاعات الاقتصادية.

٭ مع الإشارة إلى التمسك الإيجابي للسياسة الاقتصادية في الكويت فيما يتعلق بمتابعة المشاريع الاستثمارية، أكان على مستوى القطاع النفطي أو في مجالات استثمارية أخرى.

وتؤكد هذه المعطيات الإيجابية وغيرها، أن التراجع البسيط لثقة المستهلك يمكن أن يكون ناتجا عن المرحلة الحالية التي تمر بها المنطقة على مستوى الصراعات المتعددة في فلسطين ولبنان والبحر الأحمر والخليج العربي، فضلا عن الصراعات السياسية والاقتصادية والأمنية على الصعيد العالمي.

وتفرض هذه الوقائع نفسها على المستهلكين في مختلف أنحاء العالم لاسيما في الكويت، وبالرغم من تراجع المؤشر العام نقطتين، لكنه بالمقارنة بشهر مارس 2023، قد عزز رصيده بـ 12 نقطة، واللافت على الصعيد المناطقي، منحت محافظة الفروانية 7 نقاط إضافية للمؤشر العام، كما عززت العاصمة المؤشر بنقطتين، بينما تراجعت المحافظات الأربعة الأخرى بين 3 و8 نقاط.

كما تراجع المؤشر 4 نقاط في أوساط المواطنين، وتراجعت معدلات المؤشر العام في أوساط ذوي الشهادة المتوسطة دون نقطتين، ومستوى الدراسي الثانوي 14 نقطة، وذوي الدراسات الجامعية نقطتين.

تراجع المؤشرات المستقبلية

يبدو أن العوامل الخارجية السلبية تضغط على معظم دول العالم، لاسيما منها الدول الإقليمية كانعكاس منطقي للصراعات العسكرية والأمنية في المنطقة.

البارز في معطيات البحث لشهر مارس 2024، يظهر تراجعا في ثقة المستطلعين بالنسبة للتوقعات المستقبلية. هذه الميول السلبية انخفضت حدتها بفضل الأوضاع الاقتصادية والمالية الكويتية التي ساهمت ولاتزال في رفع و/أو استقرار الثقة في الكويت.

ومع ذلك بينت الدراسة تراجع غير مألوف للثقة في مسألة التوقعات المستقبلية، التي برزت في أرقام البحث، حيث تراجعت 4 مؤشرات من أصل 6. سجل مؤشر توقعات الدخل الفردي في المستقبل 108 نقاط، متراجعا 4 نقاط خلال شهر. اللافت أن 21 مكونا من مكونات البحث الـ 27 أبدى عدم رضاه وعدم ارتياحه للتوقعات المنتظرة.

هذه الظاهرة منطقية ومع ذلك لابد من متابعتها.

تراجع معدلات مؤشري الاقتصاد

في معظم الأحيان، تتفاوت مؤشرات الاقتصاد الحالية منها والمستقبلية بين إيجابية وسلبية. إنما في شهر مارس سجل المؤشران للوضع الاقتصادي الحالي والمتوقع مستقبلا تراجعا، حيث سجل الأول 105 نقاط متراجعا 3 نقاط والوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا 117 نقطة بخسارة 5 نقاط خلال شهر. بالرغم من هذا الترجع يبقى ان المؤشرين تقدما 12 نقطة عن مارس 2023.

الملاحظ تراجع الثقة لدى ذوي الأعمار التي تفوق 55 عاما، علما أن هذه الشريحة عادة ما تتصف بالكثير من التفاؤل. سجلوا 102 نقطة لمؤشر الاقتصاد الحالي متراجعين 15 نقطة خلال شهر، وتراجع مؤشر الدخل الفردي لديهم 36 نقطة. غير ان هذا التراجع لم يطل الثقة بالوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا، حيث رفعوا معدلهم إلى 117 نقطة بإضافة 18 نقطة مقارنة بشهر فبراير المنصرم.

أما على الصعيد المناطقي فأبدت 5 محافظات عدم ثقتها بالوضع الاقتصادي المتوقع، حيث تراجع معدل محافظة مبارك الكبير 57 نقطة والعاصمة 13 نقطة والجهراء 10 نقاط وحولي 3 نقاط والأحمدي نقطتين، وانفردت محافظة الفروانية بتفاؤلها بالمستقبل الاقتصادي، معززه رصيدها السابق 8 نقاط.

هذه النماذج من معطيات البحث تشير إلى مستوى تسرب القلق حول الأوضاع المتوقعة مستقبلا.

مؤشر الدخل الفردي

عزز مؤشر الدخل الفردي الحالي مستواه مسجلا 100 نقطة، مضيفا 7 نقاط إلى معدله الشهري السابق، ونقطة واحدة مقارنة بشهر مارس 2023.

إن رضا المستطلعين على مستوى الدخل الحالي يعكس الواقع، فقد صدر بيان من قبل الإدارة المركزية للإحصاء تناولت به قضايا السكان والعمالة. ورد في هذا البيان:

في 30 سبتمبر 2023 بلغ المعدل الوسطي لدخل المواطن الذي يعمل في القطاع العام 1952 دينارا للذكور و1364 دينارا للإناث. هذا فضلا عن التقديمات والحوافز المالية التي تقدم لهم.

هذه المداخيل المشجعة تؤكد نتائج البحث ومعطياته ورضا أكثرية مكونات الدراسة التي أبدت ثقتها بالمداخيل الحالية.

وعلى صعيد المناطق، رفعت محافظة مبارك الكبير خلال شهر رصيدها السابق 47 نقطة، ومحافظة الفروانية 20 نقطة، والعاصمة 15 نقطة، والأحمدي 5 نقاط بينما تراجع رصيد محافظة الجهراء 8 نقاط وحولي 6 نقاط.

مع الإشارة إلى وجود تفاوت في مستوى الثقة بين المكونات العلمية، حيث أضاف حاملو الدبلوم 20 نقطة خلال شهر، وخريجو الجامعات 12 نقطة، وذوو الشهادة المتوسطة وما دون 7 نقاط، وانفردت الفئة ذات المستوى الدراسي الثانوي بتراجع معدلها 27 نقطة.

انخفاض فرص العمل المتوافرة

سجل مؤشر فرص العمل المتوافرة حاليا 129 نقطة، متراجعا 22 نقطة خلال شهر واتخذ 23 مكونا من أصل 27 مواقف سلبية حول فرص العمل المتوافرة حاليا.

من الأسباب التي من الممكن ان أدت لهذا الانخفاض:

أ – تصحيح هذا المؤشر، نظرا لارتفاع مستواه خلال شهر فبراير الذي سجل 151 نقطة وهي الأعلى منذ سنوات.

ب – قد يكون انخفاض سيولة التداول العقاري خلال شهر فبراير ساهم بتخفيف حجم الطلب على القوى العاملة.

ج – الظروف الإقليمية والعالمية غير المؤاتية.

بالعودة إلى المعطيات العامة، بلغ الحجم الإجمالي في الكويت لعدد العمال في أواخر العام 2023، 3.005 ملايين عامل، ما يساوي 61.8% من عدد السكان، وبلغت نسبة العمالة الكويتية في القطاع العام 80% وأصبحت نسبة عمالة الإناث الكويتيات 51% من إجمالي عدد العمالة الوطنية.

زيادة مستوى الاستهلاك

رفع مؤشر شراء المنتجات المعمرة معدله إلى 122 نقطة، مضيفا إلى رصيده الشهري 11 نقطة. هذا التوسع في الاستهلاك أتى لتأمين حاجات شهر رمضان الكريم وتلبية لمتطلبات العادات الدينية والتقليدية في هذه المناسبة، بالرغم من ارتفاع أسعار السلع والبضائع والمواد الغذائية المنتشرة في أرجاء مختلف الدول في العالم، مع الإشارة إلى تعدد أسباب الغلاء، ومنها:

٭ عدم تغلب العديد من الدول على آفة التضخم النقدي الذي يخفض ولو بنسب متفاوتة القوة الشرائية للنقود.

٭ الصدامات العسكرية أكان على المستوى الدولي أو الإقليمي التي تؤدي إلى صعوبات إضافية في سلاسل التوريد وترفع النفقات الإضافية وكلفة النقل والتأمين، وهذا ينعكس مباشرة على أسعار كافة المواد.

٭ كما أدت التغيرات المناخية، من العواصف وانزلاق التربة وجفافها أحيانا، إلى انخفاض حاد لمستوى الإنتاج الزراعي الذي أثر على التوازن بين العرض والطلب وتضاعفت نتيجة ذلك الأسعار، كنموذج على ذلك، أسعار البن وأسعار الكاكاو واللحوم.

بالرغم من هذه الأوضاع، منحت أكثرية مكونات البحث ثقتها لمؤشر الاستهلاك، 21 مكونا من أصل 7.

العاصمة عززت مؤشرها 41 نقطة، بينما انفردت محافظة مبارك بخسارة 41 نقطة خلال شهر.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *