يسود الترقب فلسطينيا وعربيا وعالميا إنجاز «هدنة رمضان» في قطاع غزة والتي عززت التصريحات المتفائلة للأطراف المعنية، بقرب التوصل اليها، مع انطلاق اجتماعات ممثلي الولايات المتحدة وقطر و«حماس» وإسرائيل في القاهرة أمس، لبحث وقف اطلاق النار وتبادل الاسرى والمحتجزين وادخال المساعدات للقطاع المهدد بالمجاعة.
وأعلنت الولايات المتحدة أن إسرائيل قبلت مبدئيا ببنود مقترح الهدنة التي يسعى الوسطاء جاهدين للتوصل اليها قبل شهر رمضان المبارك.
كما أفاد مصدر قيادي في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وكالة فرانس برس بأن الاتفاق على الهدنة ممكن خلال 24 إلى 48 ساعة بحال «تجاوبت» إسرائيل مع مطالبها.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه «اذا تجاوبت اسرائيل يصبح الطريق ممهدا لاتفاق خلال الأربع والعشرين أو الثماني والأربعين ساعة القادمة».
وشدد على أن الحركة تراعي في المفاوضات «المرونة التي تحقق التوصل لاتفاق لوقف العدوان والحرب، والانسحاب العسكري من القطاع لتمكين شعبنا من الرجوع إلى شمال القطاع»، وضرورة «إدخال ما لا يقل عن 400 إلى 500 شاحنة يوميا من المساعدات الغذائية والدوائية والوقود بما يضمن تشغيل المستشفيات ومحطات المياه والمخابز».
وذكر مصدر في حماس أن القيادي البارز في الحركة خليل الحية هو من يترأس وفدها خلال هذه الجولة من المفاوضات. وأضاف أن «الوفد سيلتقي الوسطاء المصريين ويقدم لهم رد الحركة على مقترح باريس» حول الهدنة.
وكان مسؤول أميركي أعلن أنه «من الممكن أن يبدأ وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع في غزة إذا وافقت حماس على إطلاق سراح فئة محددة من الرهائن المعرضين للخطر.. المرضى والجرحى وكبار السن والنساء». لكن القيادي في الحركة أسامة حمدان اعتبر أن هذه التصريحات جزء من «عملية الخداع التي تمارسها» واشنطن. وقال لقناة «العربي» القطرية «التعطيل هو من جانب الاحتلال، نحن حريصون على إنهاء هذا العدوان ولابد أن ينتهي هذا العدوان.. هذا هو الذي نسعى إليه لكنه يواجه بمماطلة إسرائيلية وبدعم أميركي».
في غضون ذلك، تواصل حصيلة الضحايا الارتفاع، مع سقوط عشرات القتلى يوميا، جراء القصف الإسرائيلي الذي طال مختلف أنحاء القطاع، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس، منهم أفراد عائلة واحدة في مدينة رفح. من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي تكثيف عملياته في خان يونس، كبرى مدن جنوب غزة.
توازيا، أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن قلقهم البالغ إزاء تقارير تفيد بأن أكثر من 118 شخصا «فقدوا حياتهم وبأن مئات آخرين أصيبوا بجروح في حادثة اشتركت فيها قوات إسرائيلية في تجمع كبير محيط بقافلة مساعدات إنسانية جنوب غرب مدينة غزة».
وفي بيان صحافي صدر مساء أمس الأول، جدد أعضاء المجلس التشديد على «ضرورة أن يمتثل جميع أطراف النزاعات لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حسب الاقتضاء». ومع تدهور الظروف الإنسانية ووسط تصاعد العنف، أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في القطاع أشرف القدرة أمس «استشهاد 15 طفلا بنتيجة سوء التغذية والجفاف»، مبديا خشيته على حياة ستة آخرين على الأقل.
وفي السياق، أعلنت الوزارة ارتفاع حصيلة القتلى إلى 30410 غالبيتهم العظمى من المدنيين منذ بدء الحرب. وقالت وزارة الصحة أمس إنها أحصت 99 قتيلا على الأقل خلال 24 ساعة، بينهم 14 من عائلة أبو عنزة في مخيم رفح للاجئين بجنوب القطاع.
وأظهرت لقطات فرانس برس مبنى مدمرا بالكامل تجمع حوله عشرات الأشخاص للبحث عن ناجين وانتشال الضحايا.
ميدانيا، واصلت إسرائيل عملياتها خصوصا في خان يونس التي تشكل منذ أسابيع طويلة محور الضغط العسكري.
وأفاد المتحدث باسم الجيش أمس عن بدء «هجوم واسع النطاق» في غرب خان يونس تخللته «طلعة جوية هجومية مكثفة أغارت في إطارها طائرات مقاتلة.. على حوالى 50 هدفا خلال 6 دقائق بدعم من قوات المدفعية».
وقالت قناة «الجزيرة» إن القوات الإسرائيلية حاصرت مدينة حمد وبلدة القرارة في خان يونس جنوبي القطاع، استعدادا للتوغل في المناطق الشمالية. وأكدت أن سكان المنطقتين المحاصرين أطلقوا مناشدة من أجل إخراجهم، وسط عدم قدرة الدفاع المدني على الدخول لإجلائهم نتيجة الحصار الذي تفرضه آليات الاحتلال.
في غضون ذلك، اعتبر مكتب الإعلام الحكومي التابع لحركة حماس في غزة أن «المجاعة تتعمق وإنزال المساعدات جوا غير مجد» محملا «الاحتلال والمجتمع الدولي المسؤولية».
وقال ان مليونين و400 ألف إنسان يعانون نقصا حادا في الغذاء، والمجاعة تتعمق بشكل أكبر في غزة والشمال، أضاف في بيان إن إنزال المساعدات جوا والتعامي عن إدخالها من المعابر التفاف على الحلول الجذرية للمشكلة، وذلك بعد ان اعلنت الولايات المتحدة أمس الأول انزال اول دفعة من المساعدات عبر الجو، لتنضم إلى شركائها الذين شرعوا بإيصال المساعدات بإنزالها جوا بعد تعذر ادخالها عبر المعابر البرية.
ومع استمرا التنديد الدولي باستهداف اسرائيل لعشرات الفلسطينيين الذين تجمعوا للحصول على المساعدات في دوار النابلسي في مدينة غزة الخميس الماضي، قالت «حماس» إن استهداف الاحتلال قوافل الإغاثة وآخرها شاحنة مساعدات بدير البلح وسط قطاع غزة، يعد تأكيدا وإصرارا منه على مواصلة حرب الإبادة.
وأضافت أن مواصلة الاحتلال استهداف قوافل المساعدات تعبر عن مستوى غير مسبوق من الإجرام والوحشية في التاريخ المعاصر، وفق وصفها. وشددت على أن الاحتلال يمارس التجويع الممنهج وتعميق الكارثة الإنسانية بالقطاع في تجاهل تام للقوانين الإنسانية.
اترك تعليقاً