شعور يبعث الضيق الشديد والرعب في ذات الوقت، أن تكون محاصرا داخل غواصة طولها 22 قدما (6.7 أمتار)، على عمق آلاف الأقدام تحت الماء، وتواجه خطر نفاد كمية الأكسجين.
لا تزال فرق البحث والإنقاذ تسعى إلى تحديد مكان الغواصة “تيتان”، التي فُقدت أثناء رحلة غوص لمشاهدة موقع حطام السفينة تيتانيك، في الوقت الذي يكتنف فيه الغموض الظروف المحيطة بطاقهما، المؤلف من خمسة أشخاص.
وثمة اعتقاد أن يكون الوقت المتبقي أمام الغواصة وطاقمها أقل من 10 ساعات فقط حتى تنفد كمية الأكسجين المتبقية، الأمر الذي يدفع عمليات البحث والإنقاذ إلى سباق مع الزمن بغية العثور على الغواصة قبل فوات الأوان.
ويقول كين ليديز، خبير طب الضغط العالي في جامعة ميموريال في سانت جونز، في نيوفاوندلاند شرقي كندا، لبي بي سي نيوز إن نفاد الهواء ليس هو الخطر الوحيد الذي يواجه الطاقم على متن الغواصة.
ويضيف أن الغواصة ربما تكون قد فقدت الطاقة الكهربائية، التي من المحتمل أن يكون لها دور في عملية التحكم في كمية الأكسجين وثاني أكسيد الكربون داخلها.
ومع تراجع مستوى الأكسجين، تزداد نسبة ثاني أكسيد الكربون الذي يستنشقه طاقم الغواصة، الأمر الذي ينذر بعواقب وخيمة محتملة.
ويقول ليديز: “عندما تتراكم مستويات ثاني أكسيد الكربون، تصبح مهدئة للجسم، وأشبه بغاز التخدير، مما يدفع الشخص إلى النوم”.
ويؤدي وجود نسبة كبيرة من الغاز في مجرى دم الشخص، والمعروفة باسم فرط ثاني أكسيد الكربون، إلى وفاته في حالة عدم العلاج.
ويقول ريان رامسي، قائد غواصة سابق في البحرية الملكية، إنه شاهد مقاطع فيديو على الإنترنت لمقصورة الغواصة “تيتان” الداخلية، ولم يتمكن من رؤية نظام إزالة ثاني أكسيد الكربون، المعروف بجهاز التنقية من الغاز.
ويضيف: ” بالنسبة لي، هذه أبرز التحديات”.
في غضون ذلك يواجه الطاقم خطر لانخفاض درجة حرارة الجسم، بحيث يصبح الجسم باردا جدا.
ويقول رامسي، إذا كانت الغواصة قابعة في قاع البحر، فستكون درجة حرارة الماء حوالي 0 درجة مئوية، وإذا فقدت الكهرباء أيضا، فلن تتولد طاقة، وبالتالي لن تتولد حرارة.
ويعني انخفاض درجة حرارة الجسم ونقص الأكسجين وتراكم ثاني أكسيد الكربون داخل الغواصة، تراجع قدرة طاقم الغواصة على التواصل مع فرق البحث والإنقاذ، مثل القرع على بدن الغواصة على فترات منتظمة لمحاولة جذب الانتباه.
ويقول ليديز: “إذا كانوا فاقدي الوعي، فلن يستطيعوا عمل الكثير لمساعدة أنفسهم”.
وبينما يحذر خفر السواحل من احتمال أن يكون الأكسجين المتبقي قليل، لكن تظل هناك فرصة من تمكن الطاقم بالحفاظ على الإمدادات، على الأقل لفترة من الوقت.
ويقول رامسي إن التنفس ببطء من شأنه أن يساعد أيضا، بيد أنه يعترف بأن هذا قد يكون صعبا بالنظر إلى الضغط الذي يتعرض له أفراد الطاقم.
ويضيف ليديز إنهم يستطيعون أيضا نشر حبيبات ماصة لثاني أكسيد الكربون أو تقليل استخدامهم للطاقة، إذا كانت الكهرباء لا تزال متوفرة.
وقال مسؤولو خفر السواحل، فيما يتعلق بالطعام والماء، إن الطاقم لديه بعض “الحصص الغذائية المحدودة” على متن الغواصة، لكنهم لم يحددوا كميتها.
وعلى الرغم من كل هذه التحديات، حث ليديز على عدم وقف عمليات البحث والإنقاذ مبكرا، وقال إن أفراد طاقم الغواصة قد يكونون قادرين على البقاء على قيد الحياة حتى عندما تكون مستويات الأكسجين منخفضة للغاية.
ويقول ليديز: “إذا كان بإمكان أي شخص البقاء على قيد الحياة داخلها (الغواصة)، فالأمر يعتمد فقط على امتلاكهم (الطاقم) للكهرباء، كما يعتمد على امتلاكهم إضاءة تساعدهم في تحديد الأشياء وإجراء هذه الضوابط، وبالتأكيد، يمكن أن يظلوا على قيد الحياة”.
نتائج عمليات البحث حتى الآن
كان خفر السواحل الأمريكي قد أعلن أنه رصد المزيد من الضوضاء أثناء البحث عن غواصة “تيتان” المفقودة، لكنهم لا يعرفون مصدر هذه الضوضاء وطبيعتها، في حين تساعد البحرية الأمريكية في تحليل هذه البيانات.
ودفع هذا الاكتشاف فريق البحث إلى توسيع نطاق البحث، وتحويل تركيزه إلى المنطقة التي تم رصد الضوضاء فيها، لكن ما زال من غير الواضح ما هي الضوضاء، كما أن عمليات البحث تحت الماء في المنطقة التي تم رصد الضوضاء فيها لم تسفر عن أي شيء حتى الآن.
ومن المقرر أن تنضم المزيد من القوارب والمركبات التي تعمل تحت الماء إلى عملية البحث اليوم، مع المركبتين (ROVs) اللتين تعملان بالفعل عن بُعد تحت الماء.
وأوضح الكابتن جيمي فريدريك، من خفر السواحل الأمريكي، أنه مع وصول المزيد من القوارب ومركبات البحث تحت الماء، سوف “يتم استئناف عمليات البحث في المكان الذي كان يجري فيه البحث في الأصل”.
وكانت المساحة الإجمالية التي تم مسحها في قاع المحيط حوالي 26000 كيلومتر مربع.
وتحمل الغواصة المفقودة التي يبلغ طولها 22 قدما، خمسة أشخاص هم رجل الأعمال البريطاني، هاميش هاردينغ، ورجل الأعمال البريطاني الباكستاني، شاهزادا داود، وابنه سليمان، والمستكشف الفرنسي والغواص السابق في البحرية الفرنسية، بول هنري نارجوليه، والرئيس التنفيذي لشركة أوشن غيت مالكة الغواصة، ستوكتون راش.
اترك تعليقاً