هل يمكن للتكنولوجيا أن تسهم في حل أزمات الأمن المائي عالميًا؟

أصبح العالم مُهددًا بالاستخدام غير المستدام للمياه، حيث تتجاوز أكثر من نصف عمليات سحب المياه الحالية في بعض البلدان الكمية المتاحة طبيعيا.

وعلى المدى البعيد، قد تكون لذلك عواقب وخيمة لا تُحمد عقباها. ولذلك فإن التوصل لحلول لتضييق الفجوة بين العرض والطلب على المياه هو من الأولويات العاجلة.

ومع توقع وصول عدد سكان العالم إلى 9.8 مليار نسمة بحلول عام 2050، أصبحت الحاجة إلى الحفاظ على مواردنا الطبيعية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. لقد تأثرت إمدادات المياه العذبة العالمية لدينا بشدة بتغير المناخ.

في عام 2015، طرحت الأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة لعام 2030 مع قضايا حول المياه باعتبارها الهدف 6 من 17 هدفا، مما يسلط الضوء على الإلحاح العالمي لهذه القضية. بحلول عام 2030، سيتجاوز الطلب العالمي على المياه العرض المستدام بنسبة 40%.

ويشكل انعدام الأمن المائي تحديًا متناميًا للتنّوع البيولوجي. ويجب أن نعالج هذه المشكلة وأن نتوصل إلى حلول فورية ومبتكرة.

وبما أن مناخنا المتغير يزيد من الضغط على توافر المياه وجودتها في جميع أنحاء العالم، فإننا بحاجة ماسة إلى تحول في المنظور يضع تركيزًا متجددًا على الحلول المبتكرة للأمن المائي.

ويجب أن نجمع بين الأفراد والمؤسسات التي يمكن أن تخلق نظاما إيكولوجيا أكثر تمكينا، مع التركيز على التكنولوجيا والابتكار لدفع التغيير المستدام فيما يتعلق بحفظ المياه العذبة.

الاستفادة من دعم القطاع الخاص

وتتطلب معالجة مسألة تعزيز احتياطيات المياه العذبة، وضمان الوصول العادل إليها، أفكارًا جديدة تعتمد على التكنولوجيا واتخاذ إجراءات حاسمة – وهو أمر يستعد القطاع الخاص وخاصة الشركات الناشئة للقيام به بشكل فريد.

خاصةً وأن لديهم البنية التحتية التنظيمية والحماس لتنظيم المشاريع للتغلب على التحديات المعقدة والتحرك بسرعة لتحقيق النتائج.

وسيؤدي إشراك المزيد من الجهات الفاعلة في هذا المجال – ولا سيّما الحكومة والأوساط الأكاديمية – إلى توفير وصول أفضل وأرخص إلى التمويل المؤسسي، وإلى البحث والتطوير والابتكار بشكل أفضل وأكثر تعاونًا، مما سيؤدي إلى تحسين جودة الحلول التي يتم طرحها.

وبطبيعة الحال؛ ليس علينا إعادة اختراع العجلة. إذ إن هناك العديد من الأفراد المنفردين والشركات الناشئة الذين يعملون بالفعل في هذا المجال ويقومون ببعض الأعمال المذهلة التي يمكن دراستها وتكرارها على نطاق أوسع.

ولعل الأمر الجدير بالملاحظة، هو كيف يقوم هؤلاء الأفراد والعديد من المدافعين الآخرين بتسخير التكنولوجيا لدفع وتيرة التغيير الإيجابي في كل قارة.

استخدام الذكاء الاصطناعي لتوفير المياه

يستخدم كيليمو (Kilimo)، -وهو سوق يعتمد على البرمجيات كخدمة (SaaS)- تم إنشاؤه في عام 2014 في الأرجنتين، الذكاء الاصطناعي لمساعدة المزارعين على تحسين الري وبيع تعويضات المياه (water offsets) للشركات التي تريد أن تصبح محايدة للمياه؛ ودفع المزارعين لتوفير المياه.

وقد وفرت كيليمو بالفعل 72 مليار لتر من المياه في أمريكا اللاتينية. وهي تخدم الآن المزارعين في ستة بلدان، وتساعدهم على تقليل استخدامهم للمياه بنسبة تصل إلى 30%.

كما أنه يتحقق من مدخرات المزارعين باستخدام معيار التحقق القائم على تقنية البلوك تشين ويربط المزارعين الذين يقللون من استهلاكهم للمياه بالشركات التي ترغب في تحقيق الحياد المائي.

وعلى مسافة بعيدة من كيليمو، في مومباي، الهند، قامت شركة إندرا ووتر (Indira Water) بمعالجة أكثر من 750 مليون لتر من المياه لإعادة استخدامها مع توفير 70-75% من الكربون في دورة الحياة مع حلولها.

يوفر حل معالجة المياه اللامركزي والمعياري الذي يعمل بالكهرباء ملايين اللترات من المياه كل عام من أجل مستقبل خالٍ من الكربون وآمن بالمياه.

تشمل المزايا الرئيسية لشركة إندرا انخفاض استهلاك الطاقة، وعدم إضافة مواد كيميائية في معالجة المياه الأولية، واستعادة المياه بنسبة 99% وكفاءة أعلى وصيانة أقل، بالإضافة إلى إزالة الملوثات.

قد تكون المشاكل معقدة ومتباينة، ولكن كما أظهر رواد الأعمال الطموحون، فإننا قادرون على معالجتها كمجتمع عالمي.

على الرغم من تنّوع نهجهم وحلولهم، فإن العامل المشترك الذي يربطهم معًا هو شغفهم ودرجة الابتكار العالية مع استخدام التكنولوجيا المتطورة.

نهج التفكير في النظم

وهذا يثبت أن التكنولوجيات الجديدة يمكن أن تساعد في تحسين إدارة الموارد المائية وتخفيف الآثار الشديدة لتغير المناخ.

وهذا يساعد على تقسيم الأنظمة المعقدة إلى عمليات أصغر، ومعالجة الأسباب الجذرية، بدلاً من معالجة المشكلة بشكل سطحي.

في حين أن التحدي لا يزال هائلاً، فإن المستقبل مشرق. والقضية المُلحة اليوم هي أن يجتمع أصحاب المصلحة في كل مكان للتصدي لما ظهر كأحد أكبر التحديات التي تواجه نظامنا الإيكولوجي – وهو الحفاظ على احتياطاتنا من المياه العذبة.

إن تغيير نظرتنا التقليدية لهذه القضية؛ أي الانتقال من النظرة الإيثارية البحتة إلى نظرة أكثر مؤسسية سيساعد على جذب المزيد من الجهات الفاعلة إلى المعركة.

بالتأكيد هناك الكثير الذي يمكن إنجازه في فترة قصيرة نسبيًا بفضل التكنولوجيا والشركات الناشئة. في هذه العملية، يمكننا المساعدة في صياغة نظام بيئي أكثر توحيدًا وتمكينًا يعيد مياهنا إلى الحياة.

شاهد أيضاً

«ناسا» تخصص 3 مليون دولار لمن يحل معضلة «القمامة على القمر»

أعلنت وكالة ناسا الأميركية أنها ستقدم جوائز نقدية بقيمة 3 ملايين دولار لمن يُساعد في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كويت نيوز

مجانى
عرض