يودع الذهب العام 2013 على أسوأ خسارة سنوية له منذ أكثر من 30 عاماً، وهي الخسارة الأولى التي يسجلها المعدن النفيس منذ 13 عاما،ً كان خلالها يسجل مكاسب متوالية وبنسب ممتازة، فيما يقول محللون ومتداولون إن مجموعة من العوامل تضافرت لتؤدي إلى هذه النتيجة، ومن بينها أن “التصحيح السعري كان لا بد منه بعد موجة الارتفاع الطويلة التي سجل خلالها مستويات قياسية”.
وتم تداول أونصة الذهب في آخر أيام العام 2013 عند مستويات 1200 دولار، وهبطت عدة مرات إلى ما دون هذا المستوى، فيما كان الذهب قد بدأ تداولاته مطلع العام عند مستوى 1670 دولاراً، أي أنه يودع العام بتراجع بلغ 28% عن أول يوم في العام، فيما كان الذهب قد لامس مستويات الـ1900 دولار في النصف الثاني من العام 2011، وهو أعلى مستوى في تاريخه، ما يعني أنه انخفض بنسبة 37% عن أعلى مستوى سجله في تاريخه.
وهذه الخسائر التي يسجلها الذهب هي الأقسى منذ العام 1982، كما أنها أول خسارة سنوية للمعدن النفيس منذ العام 2000 الذي بدأ فيه موجة ارتفاع لم تتوقف، بل انتعشت مع بدء برامج التيسير الكمي في الولايات المتحدة، وهي التي تؤثر بصورة مباشرة في الذهب وغيره من السلع المقومة بالدولار الأميركي.
وقال المحلل الاقتصادي ومدير الاستثمار في شركة “الجذور” للأوراق المالية، أحمد العطيفي إن الذهب بدأ مشواراً هابطاً منذ بداية العام 2013، مدفوعاً بمجموعة من العوامل التي تضافرت في مجملها لدفعه نحو الانخفاض، مشيراً إلى أنه في مقدمتها “التصحيح السعري بعد أن بلغ مستويات قياسية، إضافة إلى خروج بعض المحافظ الاستثمارية منه بعد أن حققت أرباحاً كبيرة في السنوات الماضية”.
وأضاف العطيفي أن التحسن أيضاً في أداء أسواق الأسهم، سواء الأسواق الأجنبية أو العربية، دفع الكثير من المستثمرين أيضاً للانتقال من الذهب إلى هذه الأسواق، مشيراً إلى أن “هذا لمسناه حتى في الأسواق العربية، خاصة في السعودية والإمارات ومصر”.
كما يشير العطيفي إلى أن ارتفاع الذهب في السنوات الماضية كان أيضاً مدفوعاً بعمليات شراء تقوم بها بعض الدول التي قررت رفع احتياطياتها من المعدن النفيس، وهو ما تغير لاحقاً وتوقفت عمليات الشراء خلال العام 2013، بل إن بعض الدول ربما قامت بتسييل بعض الاحتياطات من الذهب.
ويتوقع العطيفي أن يواصل الذهب هبوطه خلال العام 2014، مشيراً إلى أن “مستويات الألف دولار للأونصة ليست بعيدة عن الأسواق، بل نحن قريبون جداً منها”.
لكن العطيفي يؤكد أن برنامج التحفيز الاقتصادي الأميركي يلعب دوراً بالغ الأهمية في حركة أسعار الذهب، إضافة إلى سعر صرف الدولار الذي يتحرك عكسياً مع أسعار الذهب، وهو ما يعني أن علينا الانتظار لنرى ما حجم تقليص برنامج التيسير الكمي الأميركي، وكيف سيؤثر في سعر صرف الدولار الأميركي، حتى يمكننا التوقع بصورة أوضح إلى أين تتجه أسعار الذهب.
يشار إلى أن الذهب يمثل سلعة حيوية مهمة، كما أن ارتفاع أسعاره طوال السنوات الماضية أغرى الكثير من المستثمرين على اختلاف مستوياتهم، بما في ذلك الأفراد، إلى الاستثمار فيه أملاً في تحقيق الأرباح أو على الأقل من أجل الحماية من تقلبات العملات.