مع الانهيار الأخير لمنصة “إف تي إكس”، استشعر المستثمرون القلق بشأن مستقبل العملة المشفرة. ورغم أن البعض يُلقي باللوم على تقنية البلوكتشين، إلا أن الحقيقة هي أن الأشخاص عرضة للفساد وليس التقنية.
تُعد التقنية القائمة على دفتر الأستاذ والتي جعلت العملة المشفرة متاحة اليوم بمثابة تقدم مذهل، ولكن لسوء الحظ، تؤدي إخفاقات مثل ما حدث لمنصة “إف تي إكس” إلى إثارة المخاوف من أن تكون البلوكتشين مجرد ضجة أكثر من كونها تطوراً مذهلاً.
عندما طورت تقنية البلوكتشين طريقة جديدة للتعامل مع المال وخلق الثروة، بدأ الكثيرون في مجال تكنولوجيا المعلومات في التفكير في استخدام تقنية البلوكتشين لتبسيط العمليات التجارية مثل استخدامها في سلاسل التوريد العالمية.
بيد أنه بعد أكثر من عقد من الزمان ما زالت لا تعمل بالشكل المطلوب، وأصبح تبني المؤسسات لتقنية البلوكتشين بطيئًا للغاية في أحسن الأحوال بل وتوقف في العديد من كبرى الشركات في العالم.
وهنا يجدر الإشارة إلى نقطة في غاية الأهمية وهي أن البلوكتشين تقنية ناشئة، مما يعني أن إمكاناتها الكاملة واستخداماتها العملية لا تزال قيد التطوير، لذا ستحتاج إلى وقت طويل قبل أن يرى الجميع فائدتها. وهذا هو الجانب السلبي للتكنولوجيا الناشئة، حيث غالبًا ما يخفي الضجيج تلك الحقيقة.
هل تذكر الحوسبة السحابية؟
– عندما ظهرت الحوسبة السحابية لأول مرة، كانت تقنية ناشئة. سارع مطورو البرمجيات لتطوير تطبيقات ساس أو البرمجيات كخدمة (SaaS) حيث اشترى الناس خدمة برمجية بدلاً من تثبيت البرنامج على كل محطة عمل.
– بعد عقدين من الزمن، كشفت الحوسبة السحابية عن نفسها بلا ضجة وأصبحت مسؤولة عن مليارات من عمليات تبادل البيانات يوميًا.
– الجميع يأخذ الحوسبة السحابية كأمر مسلَّم به اليوم. لكن بالعودة إلى عشرين عامًا للوراء، كان هناك نفس الضجة حول الحوسبة السحابية. بل إذا عدنا نصف قرن إلى الوراء، ستجد ضجةً حول استخدام أجهزة الكمبيوتر في المؤسسات. الملاحظ هنا هو أن الضجة جزء من عملية التطور التي يجب أن تمر بها جميع التقنيات الناشئة لتصبح تقنية راسخة.
حقائق وراء الضجيج
– إن عالمنا اليوم بحاجة إلى البلوكتشين وحركة المعلومات الرقمية عبر مواقع متباينة؛ لأنها تحمي عملية نقل البيانات الرقمية من مكان إلى آخر. حيث إنه بمجرد نقل البيتكوين، لا يتغير سجل هذا التحويل.
– ولكن ما يمكن تغييره هو الأمن السيبراني المحيط بالنقل، ونظرًا لأن البرنامج هو نتاج بشري، فإن هناك أخطاء في استخدام هذه التقنية ولكن سيتم معالجة هذه الأخطاء مع الوقت. هذه هي الحقيقة.
– هناك نقطة أخرى في غاية الأهمية وهي أن تقنية البلوكتشين يجب أن تستخدم تقنية أخرى مثل تأمين تطبيقات ساس للحوسبة السحابية باستخدام الواي فاي. إذا تم تأمين الجوانب الأخرى من تبادل المعلومات، ستتم معالجة هذه الأخطاء.
الرُّوَّاد مقابل الأتباع
– يعلم الجميع أن البلوكتشين هي المستقبل، لكن يحجم البعض عن اتخاذ زمام المبادرة ويكتفي بدور المتابع الذي ينتظر من يقوده. لسوء الحظ، عندما يفشل الرواد، يشعر قادة المؤسسات بالقلق ويتراجعون.
– على الجانب الآخر تحفز الإخفاقات المدوية تلك الجهود المبذولة لتطوير هذه التقنية. لا سيما في مجال سلاسل التوريد، حيث يبحث العالم عن طريقة أفضل لإدارة الشحن العالمي.
كيف نجعل البلوكتشين تعمل لصالح المؤسسة؟
– تحتاج سلسلة وول مارت (Walmart) وغيرها من شركات البيع بالتجزئة الكبيرة إلى تقنية البلوكتشين، لذا يحتاج صانعو القرار في المؤسسة إلى تحفيز مهندسي البرمجيات الذين يتمتعون بعقلية رائدة لتخطي أي عقبات في سبيل استخدام هذه التقنية.
– علاوة على ذلك، يجب أن يتم تأمين وحماية التطبيقات البرمجية بشكل كبير لإدارة حركة المعلومات الرقمية من نقطة إلى أخرى.
تغيير تدريجي
– إذا علمتنا الثورة الرقمية أيّ شيء، فهو أن التغيير عملية تدريجية. وأفضل طريقة لاستخدام البلوكتشين بشكل آمن هو استخدامها في البرامج الصغيرة.
– بمجرد أن تعمل هذه البرامج الصغيرة كنظام متكامل، يتم توسيع نطاق العمليات، ومعالجة أيّ أخطاء قد تظهر.
– أخيرًا يجب أن يتحلى الرواد في مجال التكنولوجيا بالصبر والمثابرة، والتركيز على خطوات صغيرة للمضي للأمام.
– فمثلًا يمكن استخدام البلوكتشين على نطاق ضيق في سلسلة إمداد عالمية. وبمجرد تشغيل سلسلة التوريد المدعومة من البلوكتشين دون أخطاء، يجب تطبيقها على سلسلة التوريد الأكبر.