حطت مركبة أوريون التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الأحد في البحر في ختام مهمة أرتيميس 1 بعد تحليقها لأكثر من 25 يوما في محيط القمر بهدف الإعداد لعودة البشر إلى سطحه في السنوات المقبلة.
وينطوي نجاح هذه المهمة التي استغرقت أكثر بقليل من 25 يوما، على أهمية كبيرة بالنسبة إلى ناسا التي استثمرت عشرات مليارات الدولارات في برنامج “أرتيميس” الأمريكي للعودة إلى القمر الهادف إلى الاستعداد لرحلة مستقبلية نحو المريخ.
وقال رئيس وكالة الفضاء الأمريكية بيل نلسون “منذ سنوات كرس آلاف الأشخاص وقتهم لهذه المهمة. يشكل هذا اليوم نجاحا كبيرا للناسا والولايات المتحدة وشركائنا الدوليين وللبشرية جمعاء”.
ودخلت المركبة غير المأهولة في هذه الرحلة التجريبية، الغلاف الجوي للأرض بسرعة 40 ألف كيلومتر في الساعة تقريبا وتحملت حرارة مرتفعة جدا بلغت 2800 درجة مئوية.
وكان الهدف الرئيسي للمهمة اختبار الدرع الحرارية للمركبة وهي الأكبر التي تصنع حتى الآن (قطرها خمسة أمتار) في ظل هذه الظروف. ومن ثم أبطأت نزولها الفائق السرعة هذا بفضل مجموعة من 11 مظلة على ما أظهرت مشاهد بثتها وكالة ناسا مباشرة وصولا إلى سرعة 30 كيلومترا في الساعة لدى ملامستها المياه.
وقالت ميليسا جونز المكلفة عمليات استعادة المركبات التي تتدرب عليه وكالة ناسا منذ سنوات “لقد كانت عملية الهبوط في المحيط مثالية”.
بعيد الهبوط حلقت مروحيات فوق المركبة التي لم تظهر عليها أي أضرار. وستبقى مدة ساعتين في المياه من أجل جمع البيانات ولا سيما الحرارة داخل الكبسولة.
وستنتشل المركبة من مياه المحيط لوضعها على متن سفينة تابعة للبحرية الأمريكية قبالة جزيرة غوادالوبي المكسيكية.
وتتولى مجموعة من الغواصين توصيل كابلات بالكبسولة لجرّها إلى السفينة التي سيكون جانب من قسمها الخلفي مغمورا بالمياه. ثم سيجري ضخ المياه لتثبيت الكبسولة ببطء على قاعدة مخصصة لهذا الهدف.
ويتوقع أن تستغرق العملية من أربع إلى ست ساعات من وقت هبوط المركبة.
ثم ستتوجه السفينة إلى سان دييغو على الساحل الغربي الأميركي حيث سيتم إنزال الكبسولة بعد بضعة أيام.
أكثر من 430 ألف كيلومتر
في المجموع، اجتازت المركبة الفضائية أكثر من 2,2 مليون كيلومتر في الفضاء منذ إقلاعها في 16 تشرين الثاني/نوفمبر ضمن أول رحلة صاروخ ناسا الجديد العملاق “اس ال اس”.
وحلقت أوريون فوق القمر على بعد أقل من 130 كيلومترا من سطحه، وابتعدت عن كوكب الأرض لأكثر من 430 ألف كيلومتر أي أبعد من أي مركبة مأهولة في السابق.
ترسيخ وجود بشري دائم على القمر
وستتيح استعادة المركبة جمع عدد كبير من البيانات المهمة للمهمات الفضائية التالية، من خلال توفير تفاصيل عن حالة المركبة بعد رحلتها، وتحليلات لتسجيلات أجهزة استشعار السرعة والاهتزازات التي حدثت داخلها، ومن خلال تحليل أداء سترة مضادة للإشعاع.
ويفترض أن يعاد استخدام بعض أجزاء أوريون في الكبسولة المخصصة لمهمة “أرتيميس 2”.
وستنقل هذه المهمة الثانية المرتقبة عام 2024 رواد فضاء حول القمر من دون الهبوط على سطحه. ويرتقب أن تعلن ناسا قريبا عن أسماء رواد الفضاء المختارين لهذه المهمة.
أما مهمة “أرتيميس 3” المقررة رسميا عام 2025، فستتيح الهبوط على الجانب الجنوبي للقمر حيث يسجل وجود مياه جليدية.
ووحدهم 12 رجلا جميعهم من أصحاب البشرة البيضاء داست أقدامهم سطح القمر ضمن مهمة أبولو عام 1972، أي قبل خمسين عاما.
ويرمي برنامج “أرتيميس” إلى إرسال أول امرأة وأول شخص من أصحاب البشرة الملونة إلى القمر.
وتهدف ناسا إلى ترسيخ وجود بشري دائم على القمر من خلال قاعدة على سطحه ومحطة فضائية تدور حوله، تحضيرا للتوجه إلى المريخ ربما اواخر 2030.