أنجز معهد الكويت للأبحاث العلمية مؤخرا مشروعا بحثيا يعتبر نقلة نوعية في مجال إدارة النفايات والتصدي للتلوث البيئي في دولة الكويت بعنوان: “دراسة التحلل الكيمياء حراري للإطارات المطاطية المستعملة بهدف استخلاص الكيماويات منها بمقاييس مختلفة” والذي يعنى بإنتاج الوقود المتجدد باستخدام قيم من عدد من أنواع الإطارات المطاطية البالية ومقارنتها ببعض لاستخلاص التوصيات المثلى التي يمكن الاستفادة منها في المستقبل القريب.
وبدوره صرح الدكتور/ سلطان ماجد السالم رئيس المشروع والباحث العلمي بمعهد الكويت للأبحاث العلمية، بأن صناعة الإطارات المطاطية (الدواليب) تعد من أهم الصناعات المليارية بالدولار الأمريكي حول العالم، وهي ذات عائد اقتصادي عظيم على الدول خاصة في قارة أمريكا الشمالية وأوروبا، في ظل توافر القوانين الصارمة للحد من أثرها البيئي المتزايد، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يخص القانون EC 53/2000 في الاتحاد الأوروبي بكل ما يتعلق بالحد من تراكم الإطارات المطاطية وبالأخص بوضع التشريعات العامة التي تنص بوضوح أن أية ممارسة من شأنها التعامل مع الإطارات يجب أن تكون بالنهاية متعاملة معها على أساس منفصل عن بقية أنواع النفايات الصلبة في أوروبا وكذلك السيارات منهية العمر الافتراضي (السكراب)، وبهذا يحتم هذا التشريع أن يتم التعامل مع الإطارات بشكل منفصل وخاص جدا بعيد عن أي احتمال للخلط مع بقية أنواع النفايات بغية الحد من الترسبات الكيميائية والتلوث كذلك في الصناعات الخاصة مع إعادة التدوير.
وفي هذا الوقت من الزمن يوجد أكثر من أربعة مليار من الإطارات المطاطية البالية حول العالم وهي إما متراكمة في البيئة الحضرية او تم ردمها وهي ممارسة شدد د. سلطان السالم بعدم جدواها بل ووجب الحد منها والقضاء عليها لما لها من أثر بيئي خطير جدا، وبالعودة للإحصائيات العالمية، نجد ان نسبة إنتاج الإطارات المطاطية البالية كمخلف صلب في الاتحاد الأوربي تقارب 3.3 مليون إطارا سنويا كما يتم في الواقع إنتاج ما يزيد 1.6 مليار وحدة من الإطارات على مستوى العالم ولا يتم التعامل إلا مع 100 مليون وحدة فقط في آليات وتقنيات إعادة التدوير بشكل عام.
وبقراءة آخر إلاحصائيات حول الإطارات المطاطية في دولة الكويت، يمكن استنباط الحالة العامة لها من خلال معرفة إن لدى الدولة أحد اعلى معدلات اقتناء السيارات حول العالم بواقع يفوق 700 سيارة لكل 1000 فرد وبمعدل إنتاج قرابة 100 ألف إطار مطاطي كنفاية صلبة سنويا.
وأوضح د. السالم بأن الإطارات المطاطية هي في الواقع مكونة من لدائن حرارية ومطاط طبيعي يجدر الاستفادة منه بالسبل الكيميائية المثلى كأحد اهم تقنيات إعادة التدوير على مستوى العالم، والتي يمكن أن يضاف إليها إنتاج المواد والمنتجات صديقة البيئة المطاطية علاوة عن استخداماتها في سفلتة الطرق وما شابه في محاولات لتقليل الأثر البيئي لتراكم المخلفات.
أما عن فكرة المشروع التي انتهت أعماله مؤخرا أفاد د. السالم بأنها تتلخص في استغلال جذع الإطارات المطاطية في الكويت من خلال تطبيق تقنية التحلل الكيمياء حراري بغية إنتاج مستقات تضاهي تلك الناجمة من الصناعات البترولية. وقد تم العمل على المهام العلمية في المشروع من خلال الممول من مؤسسة التقدم العلمي ومعهد الكويت للأبحاث العلمية، من خلال تدشين العمل المخبري بالمفاعل الحراري الذي نال براءة اختراع مسبقا من مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الأمريكي US 10,364,395 B2 وذلك بدراسة عددا من أنواع الإطارات البالية والجديدة وكذلك دراساتها وتوصيفها بمقاييس متناهية الصغر ومخبرية لمعرفة ديناميكية تفاعلات الانحلال من جهة ومن جهة أخرى معرفة الآلية التي يتم فيها تأويج مثل هذه الصناعات والتعامل مع منتجاتها في الكويت. وتعتبر مثل هذه التقنيات الكيميائية محط اهتمام العالم بأسره لما لها من عائد صناعي واقتصادي كذلك، فيمكن الاستفادة القصوى من كافة المنتجات التي تنجم من عملية التفاعلات داخل مثل هذه المفاعلات التي تعيد تدوير الإطارات والنفايات الصلبة. وعليه تم إنتاج ما يزيد عن ال 40% من زيوت تضاهي الديزل ببصمتها الكيميائية بنسبة تفوق ال 70% من بعد فحص المنتجات الناجمة بمتوسط حرارات ما بين 500 و800 درجة سيليزية تحوي على خصائص مشابهة لمواصفات الأسواق في القيمة السعرية، والكثافة واللزوجة وكذلك نسبة الهيدروجين والكربون. كما يمكن تصفية المنتجات من المواد الكبريتية ليكون لدى المنتج خصائص فائقة المواصفة البيئية. كما ومن جهة أخرى ينجم من المفاعل ذاته الذي يستطيع التعامل مع لقيم بحجم 200 غم غازات تضاهي الغازات الخفيفة الناتجة من الصناعات البترولية والبتروكيماوية وأسود الكربون ذو الاستخدامات العديدة في الأصباغ وهندسة الطرق.
ومن جهة أخرى أعرب د. سلطان السالم عن أمله في الاخذ بتوصيات هذا المشروع والنظر لها بعين المحافظة على البيئة من جهة والعوائد الاقتصادية من جهة أخرى خاصة وأن مثل هذه التقنيات يمكن لها أن تكون من أهم الصناعات المتكاملة مع تلك النفطية والبيئة كذلك.
كما تقدم د. السالم بجزيل الشكر للممولين وإدارة المعهد والفريق الفني بالمشروع على أمل ان ترى المراحل المستقبلية النور في رفع السعي الى مقياس نمطي من خلال التعامل مع 5 كيلوغرامات يوميا تزامنا مع خطط الدولة المصرح بها في تدشين مصنع للإيثانول الحيوي من الإطارات البالية. وعليه يمكن تدشين عددا من الصناعات التي تتعامل مع الإطارات في الدولة تصب فوائدها على الوطن والمواطن بصورة مباشرة خاصة في الحفاظ على البيئة من تراكم النفايات.