أصدر الاتحاد العام للصحفيين العرب البيان الختامي لمؤتمره الرابع عشر الذي انعقد في العاصمة المصرية القاهرة يومي 18 و19 أكتوبر الجاري، حيث شدد فيه المجتمعون على التصدي لأي مظاهر للمساس بحرية الصحافة والتعبير والنشر ، مشيرين إلى أنه لا مجال للحديث عن مواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الكبرى التي تعيشها الأمة العربية دون تكريس حقيقي لحرية الصحافة، وضمان سلامة الصحفيين وصون كرامتهم ، وإتاحة الفرصة أمام وسائل الإعلام العربية للقيام بدورها كاملا في نقل الأخبار والمعلومات وتحليلها وكشف مظاهر الفساد ، وأن تكون مسالك حقيقية للحوار المجتمعي الذي يعكس التعددية والاختلاف والتنوع.

وهذا ما جاء في البيان:

إن المؤتمر العام الرابع عشر للاتحاد العام للصحفيين العرب المنعقد بالعاصمة المصرية، القاهرة ، يومي 18 و 19 أكتوبر 2022 ، بحضور جميع النقابات والمنظمات والهيئات والجمعيات والاتحادات المهنية العربية الأعضاء في الاتحاد .وفي ضوء النقاشات المسؤولة التي استحضرت الظروف الصعبة التي تجتازها الأمة العربية ، والتحولات العميقة والجذرية التي يعيشها قطاع الصحافة و الإعلام ، بما يفرضه ذلك من تحديات كبرى لا تخلو من أخطار حقيقية .وبعد المداولات المستفيضة التي استحضرت الأوضاع في البلدان العربية ، في ضوء كل ذلك يعلن المؤتمر العام الرابع عشر ما يلي:

دورة شرين أبو عاقلة

بالنظر إلى حجم الجريمة النكراء الذي اقترفتها آلة العدو الصهيوني ،والتي تؤكد الهوية الإجرامية لهذا العدو ، من خلال اغتيال الشهيدة البطلة الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة ، فإن المؤتمر العام للصحفيين العرب قرر إطلاق اسم الشهيدة شيرين ابو عاقلة على هذه الدورة ، اعترافا من الصحفيين والصحفيات العرب بالأدوار الكبيرة التي أدتها هذه الشهيدة بمهنية و بشجاعة ، ولتأكيد استمرار روحها الطاهرة واستدامة حضورها ، وأيضا لتجديد التنديد بهذه الجريمة ، ولإعلان الاستغراب من عجز المجتمع الدولي عن فتح تحقيق نزيه و مستقل حول هذه الجريمة النكراء ،وترتيب الجزاء على ذلك .والمؤتمر العام للصحفيين العرب يجدد مساندته للإجراء الذي أقدمت عليه نقابة الصحفيين الفلسطينيين برفع شكوي ضد الجناة لدى المحكمة الجنائية الدولية و يطالب بتسريع تفعيلها في أقرب وقت ممكن . كما يعلن مساندته لقرار جامعة الدول العربية الذي خصص يوما عربيا للإعلام يخلد الذكرى السنوية لاغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة .

وفي هذا الصدد يؤكد المؤتمر وقوف جميع الصحفيين و الصحفيات العرب الأحرار مع الشعب الفلسطيني الأبي ، الذي يواجه أحد أخطر مظاهر و أشكال الاستعمار في تاريخ البشرية جمعاء ، و هو يتعرض من طرف هذا الاحتلال الصهيوني إلى أبشع مظاهر البطش و القتل و التعذيب و الاعتقال و الاختطاف و مصادرة الأراضي ، ًبتواطؤ مكشوف من طرف قوى عالمية و مجتمع دولي يكيل بعدة مكاييل في التعامل مع القضايا الدولية ، و مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في العالم .

والاتحاد إذ يتضامن مع الزملاء الصحفيين و الصحفيات الفلسطينيين بقيادة نقابتهم المناضلة ( نقابة الصحفيين الفلسطينيين ) و يعرب عن استعداده الدائم لتقديم جميع أشكال الدعم و المساندة ، ويعلن في هذا الصدد عن قراره تكليف لجنة بإعداد برنامج عمل متكامل لتجسيد هذا الدعم .

وفي نفس السياق يجدد المؤتمر تضامنه المطلق مع الزملاء الصحفيين اليمنيين الذين يتعرضون لأبشع أشكال الاستهداف من قتل و اختطاف و اعتقال و سجن دون حتى محاكمات ، و يدعو في هذا السياق إلى الوقف الفوري لهذه الممارسات و إطلاق سراح جميع الصحفيين المعتقلين .

حرية التعبير والنشر

إن المؤتمر العام الرابع عشر للاتحاد العام للصحفيين العرب يجدد التأكيد على أنه لا مجال للحديث عن مواجهة التحديات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية الكبرى التي تعيشها الأمة العربية دون تكريس حقيقي لحرية الصحافة ،وضمان سلامة الصحفيين وصون كرامتهم ، وإتاحة الفرصة أمام وسائل الإعلام العربية للقيام بدورها كاملا في نقل الأخبار والمعلومات وتحليلها وكشف مظاهر الفساد ، وأن تكون مسالك حقيقية للحوار المجتمعي الذي يعكس التعددية و الاختلاف و التنوع .

إن الصحفيين والصحفيات العرب في مؤتمرهم الرابع عشر يعون جيدا أن الأمة العربية تتعرض إلى استهداف خطير من بعض القوى العالمية ، التي تستخدم حرية الإعلام وسيلة للضغط و الابتزاز ، لفرض تحقيق مصالحها الاقتصادية و الجيو استراتيجية ، و الأكيد أن التركيز المفاجئ لبعض وسائل الإعلام الدولية ،و بعض المنظمات على دول عربية بعينها في هذه الظروف بالذات ، يكشف عن نوايا خبيثة لا ترتبط بالأهداف المعلنة .لذلك بقدر دفاع الاتحاد العام للصحفيين العرب عن حرية الصحافة و التعبير و النشر داخل بلدانهم و استعدادهم الدائم للتصدي لجميع مظاهر المساس بها ، فإنه بنفس القدر يؤكد دفاعه عن المصالح الوطنية و القومية المشروعة للدول و الشعوب العربية ، و عن تشبثه باستقلالية القرار الوطني في البلدان العربية ،و رفضه لجميع أشكال الضغط و الابتزاز و محاولة فرض التبعية و الموالاة .

و في هذا الصدد يؤكد وعيه الكامل بالسياسة الاستعمارية الجديدة التي تنفذها بعض الأطراف بالوكالة عن القوى الاستعمارية ، و الهادفة إلى تقسيم أقطار عربية ، كما هو عليه الحال في سورية و اليمن و ليبيا و السودان و الصومال.

رفض جميع أشكال التدخل الأجنبي

ويؤكد المؤتمر العام الرابع عشر للاتحاد رفضه لجميع أشكال التدخلات الأجنبية في هذه الدول ، و دفاعه المستميت عن وحدة سورية و اليمن و ليبيا و الصومال ، و يعلن دعمه المطلق لمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب لضمان تسوية عادلة و دائمة للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية . كما يعلن مساندته المطلقة للشعبين المصري و السوداني في حقهما المشروع في الحفاظ على أمنهم المائي في الخلاف الذي افتعلته أثيوبيا ، في إطار مخطط خارجي يسعى إلى إضعاف و إنهاك هذين القطرين العربيين الشقيقين كما يطالب بإنهاء كافة أشكال الاحتلال للأراضي السورية.

ومن جهة أخرى فإن الاتحاد العام للصحفيين العرب يقر بأهمية و خطورة التحولات العميقة التي يخضع لها قطاع الإعلام و الاتصال ، و التي رافقها ارتفاع الطلب على إنتاج إعلامي يتصف بالتفاهة ، بما يطرح تحديات كبرى تفرض إصلاحات عميقة .فأمام غياب صناعة منتج إعلامي يحترم المهنية و الأخلاقيات و يسعى إلى الرفع من مستوى الذوق العام و ينطلق أساسا من احترام الجمهور و تقديس واجبات الصحفيين و وسائل الإعلام إزاء المجتمعات ، فإن الفوضى و التسيب الذي يهدد بتدمير القيم و المثل و تحطيم المجتمع ، كل هذا سيجد مساحات للانتشار و التغلغل .و الاتحاد العام للصحفيين العرب يميز بعمق بين حرية التعبير و النشر التي يجب أن تكون مقدسة و محمية بقوانين و أعراف مهنية ، و بين الممارسات التي تكرس النفور العام من هذه الحرية نفسها .لأن المساس بأعراض الأفراد والجماعات و بقيم المجتمع و بحرمة المؤسسات تعطي مشروعية لاستعداء هذه الحرية من طرف المواطنين ، و هنا الخطورة البالغة التي تكتسيها مظاهر و أشكال صناعة التفاهة عبر وسائل الإعلام ، بينما الخلل ليس في الحرية في حد ذاتها بل في استغلال هذه الحرية في غير محلها .

إشادة بجمعية الصحافيين العمانية

وفيما يتعلق بقضايا الاتحاد التنظيمية ، فإن المؤتمر ينتهزها فرصة للإشادة بجمعية الصحفيين العمانية من خلال استضافتها للمؤتمر العام للاتحاد الدولي للصحفيين بمسقط ، و بقدرة قيادتها و أعضائها على تقديم النموذج المتفرد و الناجح الذي ضمن شروط نجاح ذلك المؤتمر .كما تهنئ اتحاد الصحفيين السودانيين بالحكم القضائي الذي أعاد للشرعية مصداقيتها ، و الذي قرر إلغاء حل هذا الاتحاد بقرار إداري ظالم . كما يعبر عن امتنانه لنقابة الصحافيين المصرية لما بذلته من جهد لضمان نجاح المؤتمر العام الرابع عشر للاتحاد العام للصحفيين العرب .

ومن جهة أخرى فإن المؤتمر قرر تشكيل لجنة من بين أعضائه أوكل إليها أعداد تعديلات للقانون الأساسي للاتحاد و لطرق عمله ، و لجنة ثانية لإعداد وثيقة سياسية مرجعية . و إعداد برنامج متكامل لتجسيد التضامن مع الزملاء الصحافيين الفلسطينيين .كما دعا قيادة الاتحاد إلى التعجيل بتشكيل لجنة النوع الاجتماعي لتجسيد اهتمامه و انشغاله بقضايا الصحافية العربية .

وفي ختام اجتماعاته وجه الاتحاد العام للصحفيين العرب الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية على رعايته الكريمة للمؤتمر العام .. والذي انعقد بالقاهرة المقر الدائم ل‍اتحاد الصحفيين العرب .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *