قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن المخاوف المتعلقة بالنمو الاقتصادي تصاعدت في ظل مواصلة مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع سعر الفائدة لكبح التضخم، وتراجع مؤشر قطاع التصنيع في الولايات المتحدة في سبتمبر ليصل إلى 50.9، متراجعا بذلك عن أدنى مستوياته المسجلة على مدار العامين الماضيين بعد أن تقلصت الطلبات للمرة الثالثة خلال أربعة أشهر.

وفي الوقت ذاته، استقرت معدلات نمو مزودي الخدمات الأميركيين في سبتمبر، مما يعكس قوة النشاط التجاري وتزايد الطلبات في حين انخفض مقياس الأسعار إلى أدنى مستوياته منذ بداية عام 2021. وتشير تلك البيانات إلى أن الطلب على الخدمات لا يزال قويا على الرغم من تزايد معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وتنامي المخاوف المتعلقة بآفاق النمو الاقتصادي. ويعتبر تشديد أوضاع سوق العمل من أبرز العوامل الجوهرية التي تعزز ذلك الطلب، وذلك في ظل تزايد الوظائف وانخفاض معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها تاريخيا.

ولا يزال سوق العمل يظهر مؤشرات دالة على قوته ومرونته، ربما أكثر مما يرغب الاحتياطي الفيدرالي، وذلك على الرغم من تباطؤ وتيرة خلق فرص عمل جديدة. وكشف مؤشر الوظائف الشاغرة ومعدل دوران العمل عن انخفاض فرص العمل بنحو 10.1 ملايين وظيفة في أغسطس الماضي، فيما يعد أدنى مستوياته المسجلة منذ يونيو 2021.

إلا أنه على الرغم من ذلك، لا يزال مرتفعا للغاية. وارتفع عدد الوظائف غير الزراعية في القطاع الخاص بمقدار 208 آلاف وظيفة في سبتمبر، متخطيا التوقعات، كما يعتبر أعلى من معدلات النمو المسجلة الشهر الماضي والتي بلغت 185 ألفا.

وارتفع إجمالي الوظائف غير الزراعية بمقدار 263 ألف وظيفة في سبتمبر هو الآخر بوتيرة أعلى مما كان متوقعا في سبتمبر، بينما انخفض معدل البطالة من 3.7% إلى 3.5%. وظل معدل نمو الأجور قويا، إذ ارتفع بنسبة 0.3% على أساس شهري (5% على أساس سنوي)، مما يشير إلى قوة الطلب على العمالة في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض وتشديد الأوضاع المالية.

في الوقت الذي توقعت فيه الأسواق خفض الفائدة بنهاية العام المقبل بعد صدور بيانات اقتصادية متباينة، تمسك مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بموقفهم وأكدوا مواصلة رفع أسعار الفائدة، مشيرين إلى أنها ستظل مرتفعة.

وكانت ماري دالي رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو ورافائيل بوستيك رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا آخر من انضموا للمنادين بمواصلة تشديد السياسات النقدية للسيطرة على التضخم. وقال بوستيك إنه يفضل رفع أسعار الفائدة في حدود تتراوح ما بين 4% و4.5% بنهاية هذا العام.

وأدت سياسات الاحتياطي الفيدرالي إلى تحويل الدولار الأميركي إلى قوى مدمرة فيما لا توجد دلائل على نهاية قريبة في الأفق لذلك. ومن الواضح أن السوق قد انحاز لصف الدولار الذي يعتبر من أفضل الملاذات الآمنة في ظل تزايد حالة عدم اليقين. وساهمت الدعوات المتشددة لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في تعزيز ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية وصعود الدولار. وأنهى مؤشر الدولار الأميركي تداولات الأسبوع مغلقا عند مستوى 112.747.

اضطر البنك المركزي الأوروبي للتعامل مع ارتفاع معدلات التضخم مع تزايد أزمة الطاقة وضعف اليورو نتيجة للتداعيات غير المباشرة للسياسات النقدية المتشددة التي تطبقها الولايات المتحدة. وكشف محضر الاجتماع الأخير للبنك المركزي الأوروبي في سبتمبر عن تفضيل بعض صانعي السياسات رفع سعر الفائدة بمعدل أقل بمقدار 50 نقطة أساس على الرغم من الموافقة أخيرا على التحرك بمقدار 75 نقطة أساس.

وأوضح البيان قلق مجلس الإدارة من ترسخ معدلات التضخم عند مستويات مرتفعة بشكل استثنائي، وأن انخفاض اليورو قد يضيف إلى الضغوط التضخمية. لذلك، كانت هناك حاجة إلى تشديد السياسات النقدية بوتيرة أكثر حدة، حتى لو أدى ذلك إلى التأثير سلبا على النمو. وتضمن محضر الاجتماع أن «الضعف المتوقع في النشاط الاقتصادي لن يكون كافيا لخفض التضخم إلى حد كبير ولن يعيد بحد ذاته التضخم المتوقع إلى المستوى المستهدف». وعلى الرغم من عدم وجود اتفاق يشير إلى ارتفاع مماثل لسعر الفائدة في الاجتماعات المستقبلية، إلا ان صانعي السياسات أعربوا بالفعل عن استعدادهم لرفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أخرى لسعر الفائدة على الودائع ليصل إلى 0.75% في الاجتماع المقرر عقده في وقت لاحق من الشهر الجاري.

ولا يزال اليورو دون مستوى التعادل مع الدولار الأميركي حتى بعد أن أشار محضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي الأخير إلى تطبيق المزيد من السياسات النقدية المتشددة في المستقبل. وأنهى اليورو تداولات الأسبوع مغلقا عند مستوى 0.9745.

بعد الاضطرابات الشديدة التي شهدتها الأسواق وتصاعد حدة الانتقادات من داخل بريطانيا وكل أنحاء العالم، تراجعت حكومة المملكة المتحدة عن خطتها لإلغاء الخفض الضريبي على الدخل الذي يزيد على 150 ألف جنيه إسترليني (166.770 دولارا) من 45% إلى 40%. وأدت الفوضى التي احدثتها خطة خفض الضرائب غير الممولة إلى محو المليارات من الجنيهات من الأسواق المالية البريطانية، وأجبرت بنك إنجلترا على التدخل لمنع انهيار سوق السندات، وانخفض الجنيه الإسترليني إلى مستوى قياسي لم يشهده من قبل أمام الدولار الأميركي.

ومن المقرر أن يعلن وزير الخزانة كواسي كوارتنج عن خطته المالية متوسطة المدى لتهدئة الأسواق المالية تجاه استراتيجيته الاقتصادية. وقال إن الإعلان «سيحدد كيف نخطط لتراجع الديون كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط». وأضافت رئيسة الوزراء ليز تراس قائلة: «تركيزنا ينصب الآن على بناء اقتصاد مع نمو مرتفع يمول الخدمات العامة الأساسية ويزيد الرواتب ويخلق فرصا في كل أنحاء البلاد».

وشهد الجنيه الإسترليني موجة من التقلبات الشديدة خلال الفترة الأخيرة، وظل يتراجع على الرغم من ارتفاع عائدات السندات بشكل حاد، في إشارة تدل عادة على قلق الأسواق بشأن مصداقية السياسات. بالإضافة إلى ذلك، مخاطر تباطؤ وتيرة نمو هذا الاقتصاد الكبير العام المقبل في ظل وصول معدل التضخم إلى أعلى مستوياته وتسجيل أكبر عجز في الحساب الجاري، وهي العوامل التي كان لها تأثير سلبي بصفة خاصة على الجنيه الإسترليني الذي أنهى تداولات الأسبوع مغلقا عند مستوى 1.1088.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *