أحياناً كثيرة لا يهتم الآباء والأمهات لسلوكيات قد تبدو عادية، لكنها تترك أثراً صحيا ونفسياً على الأطفال، مثل الصراخ على الأطفال، حيث يلجأ البعض الى الصراخ على الطفل من باب التنفيس عن الضغوط أو التعبير عن الغضب تجاه سلوك معين للطفل، أو قد يتعرض الأطفال جبرا لسماع الصراخ والسجال بين الزوجين بسبب الخلافات في ما بينهما مما له بالغ الأثر في الأسرة بدءا من الرضيع إلى المراهق. وحول تأثير الصراخ في الأطفال، بيّن استشاري الطفولة المبكرة والإرشاد الأسري الأستاذ الدكتور طلال المسعد أن الكثير من الدراسات أثبتت أن الطفل وهو جنين في رحم الأم يتأثر بالأصوات العالية وكذلك بالحالة المزاجية للأم بشكل عام.
وقال «عندما تواجه الأم الحامل في بيتها شيئاً من العنف العاطفي أو اللفظي والصوت العالي والصراخ المتكرر حتما سينعكس سلبا على الجنين والطفل الوليد، لذا الصوت العالي بكل أشكاله يؤثر سلبا في الطفل من قبل ولادته وحتى في نضجه».
وأوضح المسعد أن الإنسان بطبعه منذ ولادته تبدأ مشاعر الخوف لديه تظهر كردة فعل من أحد أمرين أساسيين هما: السقوط أو الصوت العالي، وقال: «الفزع من الصوت العالي والتأثر به أمر فطري ويعد مصدر خوف رئيسيا للطفل الرضيع».
3 معايير للصراخ
ذكر المسعد أن أغلب الآباء يستخدمون الصوت العالي بشكل لا ارادي كونه يمتلئ بهموم وضغوطات الحياة اليومية ومع تصرفات الاطفال قد يؤدي ذلك الى فقدان أحدهما لأعصابه فيلجأ الى الصراخ، ولكن الفيصل هو طبيعة الألفاظ والكلمات التي يتلفظ بها الأب أو الأم وقتها، لذا على الآباء ان ينتبهوا ماذا يقولون وقت الصراخ.
وأوضح أن للصراخ ثلاثة معايير أساسية تجعل له معنى وتأثير مختلف:
1 – لغة الجسد:
وهي أكثر الطرق تأثيرا في الطفل، فملامح وجه الأب أو الأم الغاضبة والعينان الجاحظتان من شررالضيق تجعل الطفل يتصلب ويتجمد ويمتلئ خيفة.
2 – نبرة الصوت:
ارتفاع نبرة الصوت تزيد بالطبع من الخوف وترفع مستوى انتباه الطفل وفزعه.
3 – الألفاظ والكلام:
من أخطر الأمور التي تؤثر في سلوك الطفل لاحقا وتحدد مدى التأثير السلبي على الطفل خاصة اذا اشتملت على عبارات توبيخ قاسية مثل:
◄ انت غبي
◄ انت لا تفهم
◄ انت فاشل
بينما يكون الصراخ أقل ضرارا (لكن يظل له تأثير مزعج في الطفل) اذا كان مصاحبا لعبارات كالتالي:
◄ تأخرنا
◄ اجلس هنا
◄ البس ملابسك بسرعة
آثار الصراخ
لفت المسعد الى أنه قد يلجأ الآباء الى الصراخ في وجه الأبناء ظنا منهم انه حل منهم للمشكلة، وهو في واقع الأمر حالة من ردة الفعل بسبب غضب داخلي او ضجر من تصرف معين او ضغوطات مختزنة، ولكن يجب على الآباء تفهم أبعاد تكرار نوبات الصراخ تلك ومدى تأثيرها في الطفل على النحو التالي:
1 – الناحية العقلية
بينت الدراسات المختلفة ان نوبات الصراخ المتكررة والتي تتسم بالقسوة أو المشتملة على أسلوب تحقير ونقد لاذع تؤثر في الدماغ مباشرة بسبب شعور الخوف الذي ينتج من هذا الموقف فيؤثر في طبيعة نمو الدماغ بشكل صحيح ويؤثر سلبا في تشابك الخلايا العصبية فمن اساسيات النمو السليم للطفل تربيته في بيئة آمنة ومستقرة.
2 – الناحية الجسدية
الأطفال الذين يتعرضون لصراخ مباشر أو غير مباشر بشكل متكرر يعرضهم للاصابة بأمراض مزمنة مثل الالتهابات أو الصداع او آلام البطن او المفاصل.
3 – الناحية النفسية
أكد المسعد أن الصراخ يؤدي الى تقليل نظرة الطفل الى ذاته فقد ينظر لنفسه انه انسان سيئ وفاشل، وهذا بدوره سيؤدي الى عدم الثقة بالنفس وبالآخرين بالاضافة الى زيادة القلق والنوم المتقطع التبول اللاارادي، ويمتد الامر الى انه يتقمص السلوك ويتعامل مع أقرانه بالصوت العالي أو بنوبات الغضب والصراخ.
7 نصائح
1 – لا تجعل الصراخ أسلوبـك في التنفيس عن ضغوطات الحياة.
2 – يمنع تماماً تعريض الطفل من سن 0ـــ2 للصراخ أو الصوت العالي.
3 – ننصح الآباء بكتمان الغضب أو تأجيل نقاشاتهم الحادة بعيداً عن أطفالهم.
4 – على الآباء أن يتفهموا الطبيعة العمرية للطفل واحتياجاته وتلبيتها بـألطف الطرق.
5 – تذكر أن الحزم أمر مطلوب ولكن لا يعني أنه الصراخ.
6 – يجب مراعاة الدقة في انتقاء الكلمات والعبارات الموجهة للطفل خاصة وقت الغضب.
7 – تذكر أن الطفل في كل المراحل يفهم ويتأثر ويتفاعل فلا نريد أن نربي طفلاً خائفاً أو لديه مشاكل نفسية في المستقبل.
معلومات مهمة
– الجنين في رحم الأم يتأثر بالأصوات العالية وكذلك بالحالة المزاجية للأم
– الفزع من الصوت العالي والتأثر به أمر فطري ويعد مصدر خوف رئيسيا للطفل الرضيع
– نوبات الصراخ المتكررة والتي تتسم بالقسوة تؤثر في الدماغ مباشرة
– الصراخ يعرض الأطفال لأمراض مزمنة مثل الالتهابات أو الصداع أو آلام البطن أو المفاصل
– يؤدي إلى عدم ثقة الطفل بنفسه وزيادة القلق والنوم المتقطع.. والتبول اللاإرادي
اترك تعليقاً