كثير من الناس، لا سيّما بعض المشاهير منهم، يقولون إنّ سرّ بشرتهم الخالية من المسام كامن في شرب كميات وفيرة من الماء. وفي الحقيقة نحن نتناول الماء لفوائده الكثيرة، ومنها أنه يساعد العقل في أداء وظيفته، ويشحذ عمل الدماغ، ويقوّي الذكاء، ويزيد مستويات الطاقة والنشاط، وينظّم درجة حرارة الجسم، ويسهّل عملية الهضم، ويحافظ على صحة الجسم كلّه، والإنسان لا يستطيع البقاء على قيد الحياة لأكثر من بضعة أيام من دون شرب ماء.

وبحسب أطباء الجلدية، إنّ شرب الماء وحده لا يرطّب البشرة، وترطيب الفم ليس له صلة مباشرة بترطيب البشرة، فكل خلية ونسيج وعضو في الجسم يحتاج الماء ليؤدي وظائفه على نحو صحيح.

يقول جوشوا زيشنر طبيب الأمراض الجلدية الحاصل على شهادة البورد في مدينة نيويورك: «إنها لأسطورة كاملة، أنْ نظنّ أنّ الحفاظ على بشرة رطبة، يحتّم شرب كميات وفيرة من الماء. فالماء يدخل مجرى الدم، ويُطرح في البول من خلال الكلى. ولا بيانات تُثبت أنّ شرب القليل أو الكثير من الماء يؤدي إلى تحسين جودة البشرة. فهناك أدلة تُظهر أنّ شرب ثمانية أكواب من الماء يومياً ليس أمراً لازماً. والصحيح أنّ البشرة تُصاب بالعطش، مثل بقيّة الجسم، فخلايا الجلد تحتوي على الماء الذي تفقده تدريجياً على مدار اليوم من خلال ممارسة الأنشطة البدنية، والتدريبات المكثفة أو نتيجة الطقس الحار أو الإسهال والقيء أو الحمى أو التبول الزائد، ما يجعل البشرة عرضة للجفاف الذي يؤدي بها إلى الشيخوخة، وإلى ملمس جاف. أضف إلى ذلك ظهور أمراض جلدية أخرى لدى بعض الأشخاص».

احتباس الماء

تشرح خبيرة البشرة شارلوت باليرمينو حول احتباس الماء في البشرة، وفقدان الماء عبر الجلد، فتقول: «إذا كانت بشرتك جافة، من المحتمل أن يكون حاجزك الواقي ضعيفاً. وهذا يعني أنه ليس لديك ما يكفي من الزيت أو الدهون في بشرتك للاحتفاظ بالماء. في هذه الحالة، لن تغذي كمية الماء الموجودة بشرتك، والحلّ المثالي سيكون باستخدام كريمات ترطيب البشرة التي تُعدّ حلاً موضعياً لا داخلياً». يحبّذ الدكتور زيشنر، هو الآخر، استخدام المرطّب، فيقول: «يُعدّ وضع المرطب طريقة فعّالة في معالجة البشرة الجافة بدلاً من شرب الماء». وهذا ما يقود إلى وجوب الالتزام بالخطوات الأساسية للعناية بالبشرة، التي يقول أطباء الأمراض الجلدية إنها تنظف وترطب.

ممارسات الترطيب الصحية

عندما يتعلّق الأمر باختيار المرطّب النافع، فإنّ المكونات الثلاثة الرئيسية التي يجب الاستفادة منها هي: الحمض الدهني، والسيراميد المطري، والكوليسترول. نعم الكوليسترول! تقول ليزلي بومان أستاذة الأمراض الجلدية بجامعة ميامي بفلوريدا: «عند تطبيقه موضعياً، لن يؤثر في مستويات الكوليسترول في الجسم». فإذا كنت تتناول دواءً لتخفيض مستويات الكوليسترول في الدم، فهذا الأخير قد يسبب الجفاف للجلد، ما يحتّم عليك اللّجوء إلى استخدام كريم غني بمكوّن الكوليسترول من أجل الاحتفاظ بالرطوبة.

ويُنصح بوضع الكريمات المرطبة على الجلد الرطب بعد الاستحمام. أما، إذا احتاجت البشرة ترطيباً إضافياً، فيمكنك تجاوز المرطب، واستخدام الأمصال التي تمتصها البشرة بسهولة. وهذا كلّه لا يُغني عن حاجة الجسم كلّه إلى الماء، «فالحفاظ على الترطيب الكافي مهم لصحتنا، حيث يمكن للجفاف الشديد أن يؤثر في عمل القلب والكلى»، بحسب الدكتور زيشنر.

تأثير العوامل البيئية

يجب التقليل من التّعرض للرياح القاسية، والحرارة الجافة، والأماكن العالية، والشمس، والاستحمام الطويل.

يشرح الدكتور باومان دور النظام الغذائي في تزويد البشرة بالرطوبة، حيث إنّ الأطعمة الغنية بالأحماض الدّهنية الأساسية الموجودة في الجوز وبذور الكتان والسلمون وزيت الزيتون تساعد في الحفاظ على ترطيب خلايا الجلد. وكشفت دراسة أجراها معهد الأمراض الجلدية التجريبية في ألمانيا، أيضًا، أنّ النساء اللّواتي تناولن مكملات زيت بذور الكتان أو لسان الثور (2.2 غرام يوميًا) لمدة 12 أسبوعًا لاحظن زيادة في رطوبة الجلد، وانخفاضاً في خشونته. وينصح الدكتور باومان باتباع نظام غذائي صحي مكون من ثلاث إلى خمس حصص أسبوعياً من الأحماض الدهنية.

الجلد الجاف وآلية الترطيب

يؤكد الأطباء أن الجلد الجاف هو نتيجة عوامل وراثية وبيئية لا يمكن إصلاحها عن طريق ترطيب الفم فحسب، حيث إنّ تحسين ترطيب البشرة يعتمد، بالإضافة إلى شرب الماء، على مجموعة من العوامل التي تعمل معًا لتحقيق هذه الغاية.

من جهتها تقول كاتي رودان، طبيبة الأمراض الجلدية في منطقة خليج سان فرانسيسكو: «البشر ليسوا مثل النباتات. وبشرتنا لا تنتعش عندما نستهلك الماء، فقط… قد تفيدك مسحة من مستحضر الترطيب أكثر مما لو شربتَ غالون ماء».


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *