في اليوم الدولي للمرأة تتجدد بالثامن من مارس كل عام مشاعر التقدير والإجلال لما قدمته المرأة ولا تزال حول العالم ومساهماتها في تنمية المجتمعات بدورها الخلاق خصوصا أن مكانة المرأة في أي مجتمع معيار حقيقي لمدى تطوره الحضاري.
وفي دولة الكويت أثبتت المرأة بتاريخها الحافل بالإنجازات دورها الريادي والفاعل في مسيرة التنمية وإثبات مكانتها في شتى ميادين الشأن العام والثقافة والاقتصاد والسياسة والقضاء والتنمية والإدارة وغيرها.
لكن مجمل ذلك لم يأت وليد المصادفة إنما ثمرة مسيرة طويلة استمرت عشرات السنوات من المطالبات والجهود كللت عام 2005 بإقرار الحقوق السياسية للمرأة الكويتية.
ولم يكن للمرأة الكويتية تحقيق هذا النجاح لولا إيمانها بدورها وأهميته ووجود العديد من العوامل التي مهدت له لاسيما تطور المنظومة التشريعية والاجتماعية التي أتاحت الفرصة للعديد من الكفاءات النسائية لتبوؤ أعلى المراكز والمحافل ولاننسى دور شقيقها الرجل في مساندتها لنيلها حقوقها.
وتحيي الأمم المتحدة اليوم الدولي للمرأة 2022 تحت شعار (المساواة المبنية على النوع الاجتماعي اليوم من أجل غد مستدام) بهدف تسليط الضوء على إحدى المشكلات التي تواجهها المرأة حول العالم ومحاولة إشراك الجهات الدولية والحكومات ومنظمات المجتمع المدني وحتى الأفراد في إيجاد أنجع الوسائل والحلول والعمل على تضافر الجهود للقضاء على مثل هذه الظاهرة.
ويركز الاحتفال باليوم الدولي للمرأة هذ العام على تعزيز فكرة أن يكون العالم خاليا من التحيز والصور النمطية والتمييز بحيث يكون متنوعا ومنصفا وشاملا يتم فيه تقدير الاختلاف والاحتفاء به ويدعو إلى مساواة المرأة بالرجل ويجعل ذلك واجبا فرديا كما هو جماعي لأننا جميعا مسؤولون عن كسر التحيز في مجتمعاتنا.
وينبغي الإشارة هنا إلى عام 1994 وقعت الكويت اتفاقية حقوق المرأة (سيداو) الخاصة بالقضاء على التمييز ضد المرأة التي جاءت منسجمة مع الدستور الكويتي وتنص على تحقيق المساواة والاعتراف بكيان المرأة تجسيدا لأهميتها في المجتمع علما أن خطة التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030 تشمل بنودا خاصة بالمرأة واصبحت الكويت ملزمة بمراعاة وتحقيق هذه الاهداف لتعزيز مكانة المرأة على جميع الصعد والمجالات.
وبهذا الشأن جاءت كلمة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه أمام تجمع قادة العالم في قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة التي عقدت في نيويورك عام 2015 وأكد فيها التزام الكويت بتنفيذ هذه الخطة والتي يتمحور الهدف الخامس من اهدافها حول تمكين المرأة .
واعتبر رحمه الله تمكين المرأة جزءا من خطة (كويت جديدة 2035) إذ عمل (مركز دراسات وابحاث المرأة) وبالتعاون مع (الأمانة العامة للتخطيط والتنمية) و(البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة) و(منظمة الأمم المتحدة لتمكين المرأة) خلال السنوات الأربع الأخيرة على تحقيق الهدف الخامس عبر تدريب النساء في مناصب قيادية مختلفة وتعزيز دورهن في القطاع الخاص.
وعلى صعيد متصل ساهمت المرأة الكويتية بدور فعال في النهوض بالمجتمع الكويتي ففي مرحلة ما قبل النفط أدارت وبنجاح شؤون أسرتها الصغيرة واقتصادها عند غياب رب المنزل أشهرا طويلة في رحلة الغوص بحثا عن الرزق.
وبعد ذلك دخلت المرأة معاهد العلم والتحقت بالوظائف الحكومية وغيرها وفي فترة الاحتلال العراقي نظمت المرأة مشاركة إلى جانب الرجل التظاهرات المنددة بالغزو والمطالبة بعودة الحكومة الشرعية بعد يومين فقط من بدء الاحتلال.
وبسبب مواقفها آنذاك من الغزو العراقي في مقاومتها للاحتلال تعرضت المرأة الكويتية إلى أبشع أنواع التعذيب والأسر حيث سطرت أروع القصص في البطولة والاستشهاد دفاعا عن الوطن ودفع ذلك الأمة إلى الإجماع في مؤتمر جدة أكتوبر عام 1990 إلى المطالبة بإعطائها حقها ومساواتها بالرجل ومشاركته اتخاذ القرار في جميع المجالات وعلى كل المستويات في أجهزة الدولة وسلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وفي عام 2005 دخلت المرأة الكويتية للمرة الأولى ضمن التشكيل الوزاري في البلاد في مجلس الأمة والمجلس البلدي ومجلس الوزراء ويعد هذا الدخول أحد الانتصارات المهمة لحقوق المرأة السياسية ودلالة على أن لها تاريخا حافلا من النضال لنيل حقوقها المشروعة التي كفلها لها الشرع والدستور والمجتمع.
وشغلت المرأة الكويتية العديد من المراتب القيادية فاصبحت وزيرة ووكيلة وزارة ومديرة جامعة وسفيرة وتم انتخابها شعبيا لعضوية مجلس الأمة علاوة على خوضها تجارب ناجحة في القطاع الخاص حتى تمكنت من حجز مواقع متقدمة إقليميا ودوليا بترؤسها وادارتها لشركات اقتصادية عملاقة وصنفت من بين أقوى الشخصيات العالمية.
وتوالت نجاحات المرأة الكويتية في السلطة القضائية منها وكيل نيابة في إدارة الخبراء والتحقيقات العامة مما يؤكد كفاءتها في هذا الجانب خصوصا أن الدستور الكويتي ساوى بين المواطنين جميعا في الحقوق والواجبات.
وفي عام 2020 قرر مجلس القضاء الكويتي في اجتماع له ترقية 40 وكيل ووكيلة نيابة ليصبحن قضاة في المحاكم الكويتية حيث يمثل وصول المرأة الكويتية إلى سلك القضاء انتصارا كبيرا بعد نضال طويل خاضته لنيل بقية حقوقها.
واستمرت المرأة الكويتية في خوض غمار العملية السياسية في البلاد إذ اصبح وجود المرأة في التشكيل الوزاري امرا ضروريا فلم يخل تشكيل وزاري منذ عام 2006 حتى عام 2022 من وجود وزيرة أو اثنتين ضمن اي حكومة.
وفي عام 2021 أصدر وزير الدفاع الكويتي حينها قرارا يقضي بالسماح للنساء الكويتيات الالتحاق بالخدمة في الجيش الكويتي وكان القرار الأول من نوعه في تاريخ الكويت علما أنه اقتصر على السماح لهن بالعمل في التخصصات المدنية كما نص على عملهن في المرحلة الحالية على مجال الخدمات الطبية والخدمات العسكرية المساندة.
وتستمر المرأة الكويتية في تسطير النجاحات تلو أخرى تاركة بصمتها في مختلف المجالات لتثبت لمجتمعها خصوصا وللعالم ككل ان المرأة بالفعل هي نصف المجتمع الذي لا يمكن الاستغناء عنه أو تهميشه.
شاهد أيضاً
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
غالبا ما تكون الأسماء التي يختارها لنا الآباء والأمهات أول ما يعرفه الآخرون عنّا، لكننا …