حذر تقرير حكومي من الخيارات «المرة» في تحقيق الاستدامة المالية للدولة، خصوصا ان الإجراءات التي تتبعها الدولة في الإصلاح المالي باتت لها تداعيات على أكثر من مستوى، وتحتاج إلى إجراءات مزدوجة تعني بالإصلاح وتلافي آثاره في آن واحد، وهو ما يزيد من ثقل المهام الملقاة على عاتق الحكومة.

وأكد التقرير ان تعزيز كفاءة برامج الإصلاح الضريبي وتنمية الموارد غير النفطية شرط ضروري في تحقيق الاستدامة المالية، إلا أن آثار تلك الخطوة تحتاج إلى معالجة، خصوصا في ظل التبعات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر بصورة مباشرة على دخل الأسرة، بالإضافة إلى ثقة أوساط الأعمال والاستثمارات.

وأبرز التقرير السبيل في مواجهة تلك الآثار بمعالجات موازية تتمثل في التعاطي مع ملف الدعوم، وذلك ليكون تعزيز إجراءات الإصلاح الضريبي مقرونا بتطبيق سياسة الاستهداف التي تعني بتوجيه الدعوم إلى الفئات المستحقة بصورة موازية وذلك لحماية الفئات المستهدفة.

وتبرز أهمية ذلك بصورة كبيرة في ظل سياسات الإنفاق الحالية التي يصعب الاستمرار بها مع تراجع مصادر الإيرادات الأساسية المتمثلة في عوائد النفط وزيادة المصروفات، ناهيك عن أن بعض الإجراءات التي تنتهجها الدولة تؤثر بصورة سلبية على ضمان توافق «الاستدامة المالية» مع تحقيق العدالة بين الأجيال.

وتطرق التقرير إلى أن تذبذب أسعار النفط يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه المالية العامة للدولة وبالتبعية الاستدامة المالية، والتي من المفترض أن تبنى عليها استراتيجيات وخطط الإنفاق الحكومي في ظل متطلبات التنمية والتحفيز الاقتصادي إثر جائحة كورونا، ومتطلبات هيكلية المالية العامة.

وذكر أن أداء الموازنة العامة للدولة مقرونا بتحقيقها للاستدامة المالية عند التنفيذ، أظهر أن استمرار السحب من الاحتياطي العام، وتدني السيولة المالية له تأثير بالغ في التصنيف الجاري للكويت، وفق وكالات للتصنيف الائتماني العالمية، لاسيما أن استمرار السحب من الاحتياطي العام وتدني السيولة لا يتسقان مع التوجهات والسياسات الاقتصادية للدولة والتي عرضتها الحكومة في 2018 ومفادها استمرار الحفاظ على صندوق الأجيال القادمة وصندوق الاحتياطي العام، فضلا عن كونه يؤثر سلبا على ضمان التوافق بين الاستدامة المالية للدولة طويلة الأجل مع تحقيق العدالة بين الأجيال.

علما ان الحكومة سحبت ما قيمته نحو 35 مليار دينار من صندوق الاحتياطي العام لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة على مدار السنوات

الـ7 الماضية.

وأكد التقرير ان تعزيز كفاءة برامج الإصلاح الضريبي وتنمية الموارد غير النفطية شرط ضروري في تحقيق الاستدامة المالية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الإجراءات المقترحة لمعالجة الاختلالات بين مستقبل أسعار النفط والاستدامة المالية لها عواقب اقتصادية واجتماعية تؤثر على العمالة ودخل الأسرة وثقة أوساط الأعمال والاستثمارات، إلا أنها أمور يجب مواجهتها بسياسات الدعم الذي يجب إعادة النظر فيه ليصل إلى مستحقيه.

وشدد التقرير على أن مرجعية الاستدامة المالية يجب أن ترتكز على تقدير الاحتياجات العاجلة ضمن سياسات الإنفاق العام مع قدرة المؤسسات والجهات الحكومية في التعامل مع أداء المهام الوظيفية لها وفق لترتيب الأولويات تخفيفا لعبء الموازنة، إلى جانب الدراسة متأنية للآثار المالية المترتبة على قرارات الاستثمار في البنية التحتية والمشروعات الرأسمالية بما يحقق أفضل نتائج سريعة.

وخلص التقرير إلى 6 توصيات رئيسية يجب الالتفات إليها تجنبا لمخاطر الاستدامة المالية وجاءت كالتالي:

1- رؤية شاملة للإصلاح المالي والاقتصادي.

2- دراسة التشريعات القائمة بما يكفل تنفيذ خطة الإصلاحات المالية.

3- عدم اللجوء إلى تمويل عجز المؤسسات المالية من الميزانية العامة وللدولة وتحصيل نتائج أرباحها بإضافتها للميزانية العامة.

4- تفعيل آليات الشراكة مع القطاع الخاص.

5- إعادة تسعير خدمات الدولة.

6- تفعيل آليات مكافحة الفساد وتعظيم دور الأجهزة الرقابية.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *