يعتقد ريتش ليسر، رئيس مجموعة بوسطن الاستشارية العالمية، أن الرؤساء التنفيذيين للشركات الكبرى يعيشون في “فقاعة”، ويشرح لماذا كان يتعين عليه الخروج من تلك الفقاعة لفهم أهمية قضية تغير المناخ.
توظف مجموعة بوسطن الاستشارية العالمية أكثر من 22,000 شخص في مكاتبها المنتشرة في جميع أنحاء العالم، وتتجاوز عائداتها السنوية ثمانية مليارات دولار.
انضم ليسر إلى الشركة مباشرة بعد تخرجه من كلية إدارة الأعمال في عام 1988، بعد أن تدرب كمهندس كيميائي، وأمضى ربع قرن في الصعود في السلم الوظيفي في الشركة، حتى أصبح الرئيس التنفيذي في عام 2013، وهو المنصب الذي تنحى عنه في نهاية سبتمبر/أيلول، ليصبح رئيس مجلس الإدارة العالمي.
يشرح ليسر السبب وراء تشكل “فقاعات الرؤساء التنفيذيين”، قائلا: “عندما تكون في قمة التسلسل الهرمي للشركة، يكون لديك تأثير كبير على وظائف الأشخاص، وبالتالي يكون هناك ميل طبيعي من قبل الناس لقول الأشياء التي يعتقدون أنك تريد سماعها، والتي تتماشى مع نظرتك إلى العالم، أو التي تجعلك سعيدا”.
ويوضح ليسر أن هذه “الفقاعة” تتشكل ببطء، لأن أقرانك لا يزالون يرونك في البداية على قدم المساواة، فهم يعرفونك ويعرفون خلفيتك. لكن مع مرور الوقت، كما يقول، “تظهر فجوة” بين الرئيس التنفيذي وجميع الموظفين الآخرين بالشركة.
نتيجة لذلك، يتعين على الرؤساء التنفيذيين خلق بيئة استباقية تشجع على النقاش الهادف.
يقول ليسر عن ذلك: “أحاول الاحتفال بأي شخص يكون على صواب وأنا على خطأ في أي موقف، فهذه هي الطريقة التي تكسر بها هذه الفقاعة”.
ويضرب مثلا على ذلك بقضية تغير المناخ، إذ يعترف بأنه كان بطيئًا في فهم أهمية هذه القضية فيما يتعلق بضرورة تغيير ثقافة الشركة وممارساتها.
ويقول: “كنا نعمل بالفعل على التصدي لتغير المناخ، لكن ليس بالجرأة التي كنا بحاجة إليها، وكان لدي شركاء في مجموعة بوسطن الاستشارية يدافعون عني بقوة، لتعزيز شراكتنا الأوسع”.
ووصل الأمر لدرجة أن أحد الشركاء الكبار في ألمانيا تولى زمام الأمور بنفسه، وأرسل بريدًا إلكترونيًا جماعيًا به مقطع فيديو أعده بنفسه يحذر من مخاطر عدم التحرك بفعالية في مجال تغير المناخ.
كان من المحرج على الأرجح أن يتخذ ليسر موقفًا واضحًا بشأن هذه المسألة، نظرًا لأن مجموعة بوسطن الاستشارية لديها عملاء كبار في صناعة النفط، ناهيك عن التداعيات السياسية في الولايات المتحدة، خاصة خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
يقول ليسر: “لكن هؤلاء الشركاء الذين تحدوني تبين أنهم على حق. لقد أدى ذلك إلى تغيير مسارنا وساعدني على الخروج من الفقاعة الموجودة حولي”.
وكان فيروس كورونا أحد العوامل التي ساعدت في تغيير مسار الشركة، إذ أجبر الوباء الشركة على إعادة التفكير في نماذج عملها التقليدية، بطريقة تساعد على تحقيق الأهداف المناخية.
ومن المعروف أن المستشارين الإداريين والشركات متعددة الجنسيات التي يقدمون لها الخدمات هم من أسوأ المخالفين فيما يتعلق بانبعاثات الكربون، بسبب السفر الكثير أثناء عملهم. فقبل الوباء، كان المستشارون يجوبون الكرة الأرضية في رحلات طيران لعقد اجتماعات قصيرة وجهًا لوجه مع العملاء.
يقول ليسر عن ذلك: “لقد كانت الحياة صعبة للغاية بالنسبة لهم، لأنهم يتنقلون أحيانًا في قارتين أو ثلاث قارات خلال أسبوع واحد، لكننا الآن ننتقل من مكان إلى آخر عبر تطبيق زوم!”
ويشير ليسر إلى أن هذا التطور أفضل للبيئة، كما أنه يساعد العملاء على اكتساب مجموعة متنوعة من الخبرات بسهولة أكبر.
اترك تعليقاً