قصص كيد النساء لا تزال تتردد كل حين لتحمل الآلام والأوجاع التي قد تستمر عشرات السنين، ومن هذه القصص العجيبة، رواية جاءت على لسان فتاة سعودية اضطرتها الظروف التي نسجتها زوجة أبيها لأن تعمل خادمة مدة 21 عاما في باكستان.
تفاصيل القصة عرضها تقرير مصور لتلفزيون (ام بي سي) ونشرته صحيفة (سبق) السعودية، عن المرأة السعودية “أم أمل”، التي تعرّضت للإيذاء من مقيم باكستاني قبل نحو 21 عاماً، ومن ثم قام بتهريبها إلى جدة بمساعدة زوجة أبيها، بحجة أن والدها سيقوم بقتلها وهي لم تتجاوز عمر الـ 14 عاماً آنذاك. واستعرض التقرير الذي جاء على لسان “أم أمل”، قصة أقرب من الخيال ولكنها حقيقة مؤلمة وواقعية حدثت في السعودية، وانتقلت فصولها إلى باكستان.
“أم أمل” ذات الـ 14 عاماً طلبت منها زوجة الأب الصعود لمقيم باكستاني يسكن في العمارة ذاتها، بهدف الحصول على مبلغ مالي سلفة للعائلة، وفي هذه الأثناء قام الباكستاني بالاعتداء، ومن ثم وبمساعدة زوجة الأب تم إقناع “أم أمل”، أن والدها سيقتلها وأن عليها السفر سريعاً إلى جدة، حيث استقبلتها عائلة باكستانية هناك، وبعد المكوث لمدة عشرة أيام، لحق بها الباكستاني ودبّر عملية سفرها لباكستان بحجة الهرب من القتل، لتعيش هناك 21 عاماً تخدم في البيوت للحصول على لقمتها اليومية وتنجب ثلاثة أطفال بعد أن عقد النكاح عليها هناك.
أوضحت المواطنة السعودية, أم أمل, التي تم اختطافها من قِبل مقيم باكستاني قبل 21 عاماً وقام بتهريبها إلى بلاده, أنها تواصلت مع أهلها في السعودية بمحض المصادفة, وذلك بعد أن التقت مجموعة من الشباب السعوديين في أحد الأسواق بمدينة كراتشي وقامت بإعطاء أحدهم اسم والدها ليأتي لها ببعض المعلومات عنه, مشدّدة على أنها كانت ترغب في العودة إلى المملكة بعد أن كبرت بناتها وأصبحت تخاف عليهن من مصيرها نفسه بأن يعملن خادمات منزليات في باكستان.
وقالت أم أمل: وبالفعل بعد أسبوع فقط, استطاع الشاب بمساعدة أحد أصدقائه أن يحصل على رقم أبي, ثم اتصلت عليه وعرّفته بنفسي فقال “لا يوجد لدينا بنات بهذا الاسم”, فقلت له طمأنني فقط عليك وعلى أهلي, فرد “أهلك لا يريدونك, ولا أرغب منك أن تتصلي مرة أخرى فلا تفتحي علينا أبواب سبق أن أغلقتها, الكل نساك وأنا قلت لهم إني قتلتك”، وقام بإغلاق السماعة في وجهي.
وأضافت أم أمل: “بعد يومين اتصلت مرة أخرى، لكنه لم يرغب في التواصل معي وبعدها أغلق الهاتف ولم نتواصل مرة أخرى, وبعدها عدت إلى الشاب السعودي وأخبرته بما حدث, فنصحني بالتوجّه إلى السفارة السعودية في إسلام أباد التي حوّلت موضوعي إلى القنصلية في كراتشي”.
وكشفت أم أمل بالقول: “ثم تواصلت مع نائب القنصل في كراتشي, عبيد الله الحربي, الذي أكّد لي أنه سيرسل لي سيارة تأخذني إلى القنصلية، لكنه تراجع بعد ذلك بعد أن علم بالمنطقة التي أسكن بها, فكانت مليئة بالعصابات والإرهابيين وتجار السلاح, فاضطررت لاستخدام مركبة عمومية, وعندما وصلت للقنصلية شرحت للحربي موضوعي وقصتي بأكملها, فبين لي أنه سيهتم بالموضوع وأنه لا يوجد ما يدعو للقلق, لكني لم أر من حديثه شيئاً”.
وبيّنت المواطنة, أن القنصلية السعودية في كراتشي أهملت موضوعها لأكثر من سنتين رغم محاولاتها الحثيثة لاستخراج أوراق ثبوتية تسمح لها بالعودة إلى السعودية مع أبنائها الثلاثة, موضحةً أن ما حرّك موضوعها قليلاً هو تواصلها مع صحيفة “عكاظ” التي قامت بنشر معاناتها للمرة الأولى.
وقالت المواطنة أم أمل: “القنصلية لامتني على نشر قصتي في الصحافة, وقالت لي إن ما قمت به سيقطع كل السبل بيني وبين والدي, فأخبرتهم بأني في الأصل لا أريد من والدي إلا أن يخرج لي أوراقاً ثبوتية تسمح لي بالعودة إلى وطني, وبعد أن أتي والدي إلى باكستان, طعنني في شرفي واتهمني بأني إرهابية منتمية لتنظيم القاعدة”.
وأضافت بالقول: “حينما قابلت أبي للمرة الأولى بعد 20 عاماً لم أشعر بالفعل أنه أبي, لم يضمني ولم يبد أيَّ مشاعر نحوي, بينما أنا نسيت العالم كله حينما رأيته، وأخبرني بعدها بأنه ترك صورةً من جواز السفر الخاص بي لدى مكتب السفير السعودي في إسلام أباد, ثم غادرت أنا وأبنائي إلى الفندق الذي كان يقيم فيه والدي, وأحمد الله وقتها أن أبنائي لا يتحدثون العربية، فقد كان أبي يستهزئ بهم ويصفهم بالخدم، بينما كانوا هم سعداء برؤيته”.
وناشدت المواطنة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بأن يحفظ لها كرامتها، وأضافت: أناشد الأمير محمد بن نايف، الوقوف معي، ليس لي أحد غير بلدي بعد أن تخلى عني والدي”. وشدّدت بالقول: “لن أعود إلى باكستان حتى لو تعرّضت للسجن، وحسبي الله ونعم الوكيل على كل ظالم”.
واختتمت حديثها بقولها: “أطلب من أهلي أن يقوموا بمسامحتي وكل مسؤول بهذا البلد الوقوف بجانبي”.