يغص المسجد الحرام في مكة المكرمة هذه الأيام من شهر رمضان بعشرات الآلاف من المعتمرين، إلا أن تلك الأعداد تناقصت بشكل نسبي هذا العام لأسباب أهمها القيود التي فرضتها السعودية على تأشيرات العمرة بسبب أعمال توسعة الحرم وظهور فيروس “كورونا” في المملكة.
فقد خفضت وزارة الحج السعودية عدد تأشيرات العمرة التي يسمح لوكالات السياحة عبر العالم الإسلامي منحها إلى 500 ألف تأشيرة في رمضان الحالي، أي أن معدل تقليص المعتمرين وصل إلى 65 بالمائة.
ولم يقتصر الأمر على تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة، بل أصبح الحاصل على تأشيرة العمرة مضطرا للسفر خلال 15 يوما ومغادرة السعودية خلال مدى أقصاه 15 يوما.
عمر المضواحي، الإعلامي السعودي المختص في المقدسات الإسلامية، قال إن أعمال التوسعة في الحرم المكي وخاصة جسر الطواف، الذي يشغل حاليا ثلث مساحة المكان المخصص للطواف حول الكعبة يؤدي إلى زحام في منطقة الطواف رغم تراجع أعداد المعتمرين نتيجة القرارات السعودية.
وأكد المضواحي ضرورة مشاريع التوسعة القائمة حاليا، لكنه في الوقت ذاته أشار إلى وجوب إخطار شركات الحج والعمرة قبل اتخاذ قرارات تخفيض زوار الأماكن المقدسة لما سببه ذلك من إرباك لتلك الشركات.
وكانت شخصيات سعودية حذرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي من شدة الإزدحام، في وقت طالبت فيه الرئاسة العامة لشؤون الحرمين تأجيل العمرة ما أمكن، وعدم تكرارها في شهر رمضان للقادمين لإتاحة الفرصة لغيرهم.
وتدافع المملكة عن قرار تخفيض أعداد الحجاج والمعتمرين هذا العام، وتقول إن الهدف منه هو توفير أقصى درجة ممكنة من الخدمات للحجاج منذ قدومهم وحتى مغادرتهم، ولضمان سلامة الحجاج، حيث تم البدء في عدد من المشروعات التوسعية في الحرم المكي، ومحيطه.
وسيضيف مشروع توسعة الحرم المكي الشريف الحالي مساحة 400 ألف متر مربع إلى المساحة الحالية ليستوعب مليونين و200 ألف مصل، فيما ستستوعب توسعة المسعى أكثر من 130 ألف ساع في الساعة في جميع الأدوار و الأسطح، كما أن جسر الجمرات أصبح مؤلفا من 12 دورا بدلا من 6 أدوار.
ويمكن استشفاف التناقص الكبير في عدد المعتمرين في هذا الشهر من خلال القائمين على شركات الحج والعمرة خارج المملكة الذين تحدثوا عن خسائر كبيرة لحقت بهم لقاء تلك القرارات، علاوة على الخسائر التي لحقت بفنادق مكة المكرمة التي فقدت جزءا كبيرا من عملائها.
جمال لطايفة، أحد القائمين على مكتب للحج والعمرة في العاصمة الإماراتية أبوظبي قال إن شركته خسرت أكثر من نصف عائداتها، وأشار إلى أن رفع أسعار تأشيرات العمرة من قبل الوكلاء في المملكة ساهم في خفض أعداد المعتمرين من شركته على الأقل بنسبة تزيد على 50 بالمائة.
المملكة تحذر من “كورونا”
انتشار فيروس “كورونا” في السعودية وما أدى إليه من وفاة 38 شخصا، دفع كثيرين ممن خططوا لأداء مناسك العمرة هذا العام إلى تأجيل ذلك.
وأشار المضواحي إلى أنه لاحظ ارتفاع نسبة المعتمرين الذين يرتدون كمامات بعد تزايد الحديث عن “كورونا”، لكنه قلل في الوقت ذاته من خطورة الفيروس على المعتمرين أو من سيؤدون مناسك الحج، وقال إن الحالات التي شهدتها المملكة كلها كانت في أقصى شرق المملكة، ولم تظهر أي حالة في الأماكن المقدسة.
وقد حثت السعودية كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة على تجنب أداء العمرة والحج هذه السنة في إطار الاجراءات الاحترازية للوقاية من “كورونا”.
وأصدرت وزارة الصحة السعودية مجموعة شروط واجب توفرها في القادمين للعمرة والحج لهذه السنة وذلك في إطار الإجراءات الاحترازية الخاصة بمرض متلازمة الشرق الأوسط التنفسية “ميرز” التي يسببها فيروس “كورونا”.
وتضمنت هذه الشروط “التوصية بتأجيل أداء مناسك العمرة والحج لهذا العام لكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة كمرضى القلب والكلى والجهاز التنفسي والسكري، وكذلك مرضى نقص المناعة الخلقية والمكتسبة، إضافة إلى المصابين بأمراض الأورام، وكذلك الحوامل والأطفال”.
ولم تحدد وزارة الصحة السعودية ما إذا كانت هذه الشروط تعني عدم إصدار تأشيرات العمرة لمن هم فوق سن معين.