عندما تقول لشخص “أنت سرقت” أو أنت اختلست أو حتى عندما تستخدم الفعل الماضي بالقول بأنه سرق أو أنه اختلس فهذه كلها تُهَم عليك إثباتها أو تحمل عواقب المساءلة عليها . فهذه أفعال أو صفات تحدد بشكل قد يكون دقيقا موقع الشخص المقصود وعلاقته بالمجتمع . لكن عندما تقول لشخص أنت كذاب أو أنت بواق أو حتى عندما تخبر عنه أنه غير أمين أو لا يستحق الثقة أو أنه حرامي بإمتياز فهذا … تعبير عن الرأي يجب أن يُكفل لك ويجب ألا تحاسب عليه أو حتى تطالب بإثباته .
إن هناك خلطاً مقصوداً بين التعبير عن الرأي وبين شتم الناس أو التعريض بهم. ويعمد مُشرعونا وحتى مُنفذٍوا قوانينا الى تفسير كل نقد أو وجهة نظر على أنها قذف وشتم يعاقب عليهما القانون ويساءل من يبديهما . بحيث لا يستطيع أي مواطن أن ينتقد أياً من المسؤلين أو يبدي وجهة نظره فيهم …اللهم إلا اذا كان مادحا أو متزلفاً فهذا ما لا تعاقب عليه قوانينا ولا تمنعه . كل نقد ، وفي الواقع كل معارضة أو محاولة لتغيير الواقع تعتبر قذفاً وشتماً . فالقصد هنا هو المحافظة على الواقع وحمايته . في النهاية أنه من سابع المستحيلات نقد الشخص السيء أو كشف تعدياته على الصالح العام لأن الرأي أو التعبير عن وجهة النظر يعتبر تعدياً على الآخرين .
إن من حقي أن أنتقد شخصاً وأن أعلن وأٌعلم الناس بأنه كذاب وأنه من لا يفي بوعده أو يلتزم بعهده . فهذا رأيي الخاص به ، ومن حقي أن أبديه وبالذات أن كان الشخص المعني شخصية عامة أو يترشح لأن يصبح كذلك . أن الشخص الذي يمارس العمل العام ، ويتصدى للتشريع للناس أو التأثير على حياتهم مطالب بأن يتأقلم ويتقبل تطفل ذات الناس على حياته وتدخلهم في خصوصياته … فهو، وليس أحداً آخرا من بدأ ذلك. اذا كان هناك من يعارض نقد الناس له أو تطفلهم على خصوصياته فإن عليه البقاء في البيت وترك الشأن العام لمن يتحمل تبعاته ومتاعبه .
الكاتب / عبداللطيف الدعيـج
٣٠/١/٢٠٢٠