أعد مقرر لجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية رياض العدساني دراسة عن تجاوزات المدير الأسبق للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية فهد الرجعان والتي لاتزال لها تبعات وآثار سلبية كبيرة على المؤسسة وخاصة من الناحية القانونية والاستثمارية والأصول.
وطالب العدساني في الدراسة بضرورة تفعيل اتفاقية تسليم المجرمين بين الكويت وبريطانيا فيما يتعلق بالمدير الأسبق للمؤسسة، مشيرا إلى أنه تقدم بأسئلة برلمانية واستجوابات حول الجرائم المالية التي قام بها، وعلى الحكومة تحمل مسؤولياتها وتفعيل الاتفاقية.
وقال العدساني إن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تعتبر جهة حكومية ذات ميزانية مستقلة، وتعرف الميزانية المستقلة على أنها ميزانيات تخص جهات تباشر نشاطا اقتصاديا تغلب عليه الاعتبارات التجارية، روعي فيها تقرير أكبر قدر من الاستقلال المالي لها في حدود ما يسمح به الدستور وما تستلزمه الرقابة على الأموال العامة على نحو يمكنها من القيام بأعمالها.
وأضاف أن الذمة المالية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تعد مستقلة عن الذمة المالية للميزانية العامة للدولة، حيث تحتفظ بإيراداتها التي تحققها لتمويل مصروفاتها، وما فاض عنها ترحل لتضاف إلى احتياطيات الصناديق التي تتولى المؤسسة إدارتها.
وبين أن للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية 7 صناديق هي صندوق الباب الثالث والغرض منه تأمين الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة للعاملين في القطاع الحكومي والقطاعين الأهلي والنفطي، وصندوق الباب الخامس والغرض منها تأمين الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة للمدنيين العاملين لحسابهم الخاص ومن في حكمهم.
كما أن هناك صندوق العسكريين والغرض منه تأمين معاشات ومكافآت التقاعد لرجال الجيش والشرطة والحرس الوطني وعسكريي مجلس الأمة وأصحاب الرتب بالإدارة العامة للإطفاء، وصندوق التأمين التكميلي والغرض منه التأمين المتعلق بإضافة عناصر جديدة إلى المرتب باعتبارها تكملة له ويعتمد عليها المؤمن عليه أو المستفيد في حياته، وصندوق زيادة المعاشات الخاص بالتأمين المتعلق بالزيادة الدورية للمعاشات التقاعدية.
ويوجد كذلك صندوق التأمين ضد البطالة الخاص بتأمين كل المؤمن عليهم في القطاعين الأهلي والنفطي، وصندوق المكافأة المالية الخاص بتأمين مكافأة نهاية الخدمة عند انتهاء اشتراك المؤمن عليهم.
وأكد العدساني أنه يجب أن تكون للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية احتياطي مالي كاف لكل شخص مقيد لديها يكفي لصرف معاشه التقاعدي، وقد يمتد توفيره للمستحقين ممن يعولهم لما بعد وفاته أيضا.
وقال إن مجلس الأمة رفض في جلسته المنعقدة كلا من (الحساب الختامي والميزانية) للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وكان من بين أسباب الرفض أنه تم تحقيق 21 مليون دينار فقط كعوائد استثمارية في حين أن الاستثمارات الإجمالية التي كانت تديرها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية آنذاك تقدر بما يقارب الـ 29 مليار دينار.
ومن ثم تحسن الأداء الاستثماري في السنة التي تلتها، إلا أنه في السنوات الأخيرة بدأ ينخفض عما كان عليه، والأصل هو المحافظة على الأداء والسعي إلى زيادته.
ولاحظ العدساني أنه لا يوجد ترابط حقيقي بين عوائد الاستثمار وما يدفع في مقابلها كمصروفات، إذ إنه في السنة المالية المنتهية الأخيرة تم تحقيق 1.3 مليار دينار كإيرادات استثمار مقابل مصروفات بـ 37 مليون دينار، في حين أنه في السنة التي سبقتها تم تحقيق 1.8 مليار دينار مقابل مصروفات أقل مما تم دفعه في السنة الأخيرة، حيث كانت المصروفات آنذاك 34 مليون دينار.
وغني عن البيان أنه في السنة التي رفض فيها الحساب الختامي كانت عوائد الاستثمار المحققة فعليا 21 مليون دينار، في حين أنه دفع 29 مليون دينار كمصروفات.
وبشأن نمو المحفظة الاستثمارية ومصروفات الاستثمار خلال السنوات الـ 4 الماضية، قال العدساني إن مصروفات الاستثمار زادت بنسبة أكبر من نمو المحفظة الاستثمارية، وفي الوقت الذي تنمو فيه المحفظة الاستثمارية فإن إيرادات الاستثمار الفعلية الناتجة عنها تقل، الأمر الذي يكشف عن أهمية وضع السياسة الاستثمارية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تحت الرقابة البرلمانية لمعرفة مدى جودة الاستثمارات التي يتم الدخول فيها، خاصة أن الإيرادات الفعلية تقل، مع زيادة مصروفات الاستثمار بصورة أكبر من نمو المحفظة الاستثمارية.
وأرجع العدساني سبب العجز الاكتواري لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وتأثيره على الميزانية العامة للدولة كون أنه يجب على المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن تحقق سنويا 6.5% كعائد على المحفظة الاستثمارية التي تديرها كي تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المتقاعدين، إلا أن عوائد الاستثمار الفعلية أقل من النسبة الواجب تحقيقها، وهو ما يتسبب بوجود عجز اكتواري، علما بأن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تؤكد بنفسها هذا الأمر أن عدم تحقيق عائد الاستثمار المتوقع يعد من أسباب العجز الاكتواري لديها، وهي حقيقة مؤكدة أيضا في تقرير مراقب الحسابات المستقل المعين من قبلها.
ووفقا للقانون، فإن الخزانة العامة للدولة ملزمة بالسداد إذا تبين وجود عجز في أموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولم تكف الاحتياطيات المختلفة لتسويته، وهو أمر حدث فعليا في السنوات السابقة، وتحملت الخزانة العامة أعباء بـ 10.9 مليارات دينار.
وأكد العدساني أن الاختلالات في الأداء الاستثماري لا زالت قائمة وهي:
1 ـ الدخول في صناديق عقارية ومغلقة بمبالغ ضخمة وصل عمر بعضها لعشر سنوات وتمديد عمر عدد منها لم تتم به توزيعات وعدد آخر انخفضت قيمته بنسبة كبيرة وتضطر المؤسسة للاستمرار فيه لنهاية العمر رغم ثبوت تضررها منه.
2 ـ الدخول في استثمارات في الصناديق بمبالغ ضخمة بإدارة مدير واحد وبإدارة مدير ليس لدية تعاملات مع عملاء آخرين ولا يدير سوى أموال المؤسسة.
3 ـ المساهمة في عدد كبير من الصناديق دون تمثيل مناسب في مجلس الإدارة.
4 ـ المساهمة في عدد كبير من الصناديق الاستثمارية بنسبة ملكية 100%.
5 ـ وجود شخص واحد في مجالس إدارة بعض الصناديق.
6 ـ تغيير أسماء بعض الصناديق دون توفير بيانات عن الاسم السابق والمدير السابق.
7 ـ إسناد إدارة صناديق جديدة للمؤسسة مع مدير رغم عدم نجاحه في إدارة بعض الاستثمارات السابقة للمؤسسة.
8 ـ الدخول في صناديق ذات اهداف واستراتيجيات استثمارية عالية بما يخالف لائحة استثمار اموال المؤسسة ولا يتناسب مع طبيعة أموال المؤسسة.
9 ـ عدم وضع ضوابط تنظيم الإقراض بين الصناديق الاستثمارية التي يديرها نفس المدير.
10- عدم تضمين اتفاقيات الاكتتاب في الصناديق الاستثمارية اشتراطات بعدم دفع اية عمولات من أموال الصناديق التي تساهم فيها المؤسسة لأية أطراف.
11 ـ عدم انتظام الحصول على تقارير بصافي قيمة الأصول وتقارير مالية مدققة لعدد من الصناديق الاستثمارية.
12 ـ عدم عرض أوضاع الصناديق المتعثرة على لجنة استثمار أموال المؤسسة.
13 ـ عدم عرض بيان كافة استثمارات أموال المؤسسة في صناديق والتي يديرها كل مدير وأدائه على لجنة استثمار أموال المؤسسة.
14 ـ الدخول في اغلب الصناديق الاستثمارية دون اجراء دراسات جدوى وافية لكل استثمار بما فيها الجانب القانوني والخبرة السابقة والتأهيل للجهاز العامل على إدارة الاستثمار الجديد حيث تقتصر الدراسة على تقييم البيانات الواردة من مدير الاستثمار.
وأورد العدساني في هذا الشأن 8 توصيات جاء تفاصيلها كالتالي:
1 ـ مراجعة مصروفات الاستثمار مراجعة شاملة، ووضع لائحة بأسس وقواعد واضحة في كيفية تقديرها مع ربطها بالأداء الاستثماري.
2 ـ المراجعة الدورية للأوعية والأدوات الاستثمارية في محفظة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، واتخاذ الإجراء المناسب للاستثمارات التي تعاني من ضعف في أدائها أو انخفاض شديد في قيمتها كي لا تتحمل أموال المؤسسة مزيدا من الخسائر فيها.
3 ـ إعداد دراسات جدوى شاملة قبل الدخول في أي استثمارات جديدة، والأخذ بعين الاعتبار دراسة الجانب القانوني للعقود التي سوف توقع مع مدراء المحافظ والصناديق لتلافي ما رصد من ملاحظات لها في السابق للمحافظة على أموال الصناديق التأمينية.
4 ـ العمل على توظيف الأموال المودعة في البنوك كودائع لأجل في استثمارات مدرة وذات عوائد مجزية.
5 ـ بذل المزيد من الجهود في تنويع مصادر استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية المضمونة والآمنة والتي من شأنها أن تحقق العائد الأمثل على المنظور القريب والبعيد بما يكفل تلافي تمويل العجز الاكتواري التي تتحمله الخزانة العامة للدولة أو تقليله.
6 ـ إعادة النظر في الطريقة المتبعة في حساب العجز الاكتواري بالتنسيق مع ديوان المحاسبة.
7 ـ سرعة تفعيل إدارة التدقيق الداخلي وإدارة المخاطر وسرعة البدء في تطبيق نظام حوكمة العمليات الاستثمارية الذي سيسهم في ضبط عملية الرقابة على الاستثمارات وحماية أموال المؤسسة وتدعيم هذه الإدارات بالكوادر والخبرات الوظيفية اللازمة.
8 ـ اتخاذ إجراءات جادة في متابعة المتلاعبين بأموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية قضائيا، والعمل على استرجاع هذه الأموال لتضاف إلى احتياطيات الصناديق التأمينية، وتفعيل نصوص الاتفاقية الموقعة مع المملكة المتحدة في تسليمهم للعدالة الكويتية.