عن سرقة المال العام في أماكن العمل حدث ولا حرج. فعندما قامت شركة محاسبة قانونية أميركية بإجراء مسح للعاملين في عام 2013، اعترف 52% بأنهم يسرقون ممتلكات الشركة.
وتزداد هذه الظاهرة سوءا، إذ تفيد جمعية محققي الاحتيال المعتمدين أن سرقة الممتلكات “غير النقدية”، التي تتراوح بين قلم رصاص واحد من خزانة اللوازم إلى مجموعات كاملة في مستودع الشركة، قفزت من 10.6% من خسائر السرقة بالشركات في عام 2002 إلى 21% عام 2018.
ويقوم المديرون بشكل روتيني بطلب ما يصل إلى 20% أكثر مما يلزم من هذه المواد، فقط تحسبا للموظفين الميالين للسرقة. وهناك الذين يميلون لسرقة لوازم مثل المقصات ودفاتر الكتابة والدباسات وغيرها بصفة دائمة، ولوازم أخرى تختفي بصفة موسمية.
وللإجابة عما وراء هذه الموجة من “الجرائم” في أماكن العمل، يشير رئيس شركة الاستشارات الوقائية من الخسائر جاك هايز إنترناشونال إلى تدني المراقبة وسهولة إعادة بيع المنتجات المختلسة عبر الإنترنت، وما يزعم أنه “تراجع عام في نزاهة الموظف”.
وأضاف أن طبيعة مكان العمل المتغيرة قد تتحمل بعض اللوم، وهي حقيقة تنعكس في الاختفاء المتكرر للأدوات من المكتب.
وأشارت مجلة أتلانتك إلى اعتراف موظفين مجهولين على شبكات التواصل الاجتماعي بسرقة كل شيء، من الإضاءة وورق الحمام وأنواع من البسكويت وأشجار أعياد الميلاد الصناعية إلى تهريب منظفات الزجاج في قوارير الماء.
وقد لا يقلق الشخص بشأن التسلل بعلبة بسكويت بين الحين والآخر، لكن أستاذ الأعمال في جامعة ولاية أريزوناديفد ويلش يقول إن أتفه السرقات يمكن أن تجعل العاملين يبدؤون مسارا معوجا.
وقد توصل ويلش وزملاؤه في دراسة عام 2014 إلى أن الهفوات -مثل أخذ قلم حبر من المكتب- تكبر مع الوقت “ككرة الثلج لتصير انتهاكا أكبر” من خلال آلية اجتماعية معرفية تعرف باسم الانفصال الخلقي.
والعملية بسيطة، وهي أن تقوم فقط باختلاق حديث مناجاة نفس للتقليل من شأن تصرفك غير الأخلاقي، كأن تقول (لا بأس من سرقة هذه الورقة لأني أطبع العديد من مستندات العمل في المنزل)، ومن هنا يمكن أن تزداد سرقاتك بينما تبقى صورتك الذاتية سليمة.
واستشهد ويلش بقصة حقيقية لتأكيد هذا الأمر عن شخص يدعى غلبيرتو إسكاميلا، الموظف الذي سرق ما قيمته 1.3 مليون دولار من اللحم من إصلاحية للأحداث في ولاية تكساس.
واعترف إسكاميلا -وهو ضابط بالإصلاحية- بأنه مذنب بجريمة السرقة التي استمرت تسع سنوات، وشملت كميات لا حصر لها من أنواع اللحم المختلفة.
وفي جلسة استماع في عام 2018 شرح إسكاميلا ما حدث، فقال “لقد بدأ الأمر صغيرا ثم كبر، ووصل إلى حد لم أستطع السيطرة فيه على الأمر بعد ذلك”، وقد حكم عليه القاضي دون تردد بالسجن خمسين سنة.