كويت نيوز :
دويلة قطر، أوْ بالأحرى مخزن النفط الكبير ومخزن الغاز الأكبر، باتت دولةً عظمى في ظلّ حالة الهوان والذُلّ العربيين، لا نُريد أنْ نُفسّر المفسّر، ولا نرغب في تقسيم المُقسّم، ولا نصبو إلى تجزئة المجزأ! هما عاملان مهمّان أوصلا هذه المشيخة إلى ما وصلت إليه، إذ باتت تتصرّف كدولة عظمى: الأوّل هو امتلاكها لكميّات هائلة من الأموال، التي يُمعن شيوخها وحكّامها في سرقتها ونهبها وسلبها من الشعب، واستغلالها لشراء الذمم وأشباه الدول والدول الفاشلة، أمّا العامل الثاني الذي يرتبط ارتباطًا عضويًا مع الأوّل فيكمن في الدعم الذي تتمتع به قطر من رأس حربة الإمبرياليّة العالميّة، أمريكا، فالقوّة الماليّة والقوة العسكريّة لأعظم دولة في العالم، حوّلت الدول العربيّة إلى الأيتام على موائد اللئام، وتقسيم الأدوار بات واضحًا للعيان: لا صوت يعلو على سوط المال القطريّ والقوة الأمريكيّة، ولا صوت يعلو على اتخاذ القرارات التي تصب في دعم المصالح الإستراتيجيّة والتكتيكيّة الأمريكيّة وربيبتها-حبيبتها، دولة الاحتلال. إذن، نحن أمام حالة غريبة عجيبة، يتّم من خلالها بيع الوطن العربيّ مقابل حفنات الدولارات القطريّة بأوامر أمريكيّة وإسرائيليّة لضمان التبعيّة المُطلقة لهذه الدول، أمّا قضية فلسطين فقد باعها أمير قطر بمليار دولار، سيتّم تقاسمها بين الصديقين اللدودين، فتح عبّاس وحماس مشعل، شريطة أنْ يشطبا من معجمها مفردة المقاومة باعتبارها إرهابًا، ذلك أننّا بتنا أمّة تتخذ من الحمل الوديع نبراسًا تحتذي به في كلّ ما يتعلّق بالكيان الاستعماريّ الأشكنازي في فلسطين، ومن ثمّ نُغيّر جلدنا ونقوم بالانقضاض على الفريسة العربيّة من أبناء جلدتنا، سوريّة، بكل ما أوتينا من قوة، وأموال وإرهاب. ألَم يقُل المتنبي في هجاء كافور الإخشيديّ: أغاية الدين أنْ تحفوا شواربكم، يا أمّةً ضحكت من جهلها الأمم. ولكن، هل حقًا المال القطريّ هو الذي وراء كل هذا؟ أليست أساسًا مرحلة طويلة من تخليق وتصنيع نعاج دوليّة قبل النعجة؟ فليس شرطًا أنْ يكون حامل المال دنيئًا إلى هذا الحد. هناك أموال في الصين، يتّم استثمارها والربح منها، ولكنّها لا تخون بلدها. دولة من مليار ونصف إنسان، وقطر أقّل من مليون ونصف، الأولى موحدّة وتصبح الأمّة الأولى في العالم، وقطر تُفكك كل قرية عن أختها. إنّه الارتباط بمن “خلق قطر” وليس الله بالطبع. نظرية المؤامرة ..تعنى أن هناك في الخفاء قوى عظمى.. وتكتلات دولية …وتحالفات عسكرية.وأجهزة مخابرات ومراكز دراسات وتحليل معلومات …وخونة وعملاء وجواسيس..وإعلام ماسونى ومافيا.موجه مباشر وغير مباشر…وعصابات دولية ومافيا ..وشركات أمنية على غرار بلاكووتر…كل هؤلاء وأكثر يعملون خلف الكواليس في تعاون وتنسيق دقيقين بغرض منع العرب والمسلمين من امتلاك مقومات النهوض والتفوق والإبداع ،وحرمانهم من اللحاق بهم، ومواكبة الحضارة الحديثة والرقى الانسانى …وجعلهم مجرد سوق لمنتجاتهم مع حرمانهم من امتلاك أي قدرات تنافسية في شتى المجالات الزراعية و الصناعية و التجارية من خلال إغراق أسواقهم بالمنتجات عالية الجودة رخيصة الثمن ..وصرفهم (العرب والمسلمين) للقضايا الفرعية والهامشية وسفاسف الأمور، وبث روح الانهزامية والانكسار ..والافتقاد للثقة بالنفس من خلال امتلاك أحدث الأسلحة والمعدات، وتكوين أحلاف عسكرية عظمى ذات قدرات عسكرية عالية تهدد الوجود العربي والاسلامى باحتلال أكثر من دولة عربية وإسلامية تحت مسميات و ذرائع مختلفة … والعمل على الوقيعة وعزل الدول العربية والإسلامية عن بعضها البعض ،لتفتيت وحدتهم اللغوية والدينية والوقوف أمام فكرة القومية التي تدعو لإتحاد العرب والمسلمين على غرار الاتحاد الاوربى…. والغزو الثقافي المباشر وغير المواحدة.ستقطاب فئة الشباب من خلال إبهارهم بالتقدم العلمي والتكنولوجي مما أدى إلى فقدان الهوية وإضعاف روح الانتماء لدى شريحة كبيرة من الشباب العربي والإسلامي الذي هو أساس نهضة وتقدم العالم العربي والاسلامى..والمؤامرة والخيانة وجهان لعملة واحدة ..إذ ينبغي للمتآمر علينا من الخارج أن يجند أناسا من بني جلدتنا ليمرروا له مشاريعه ويحققوا له إغراضه ويسهلوا له عمله.. ولعل أشهر هذه المؤامرات في الماضي الاسلامى… هي خيانة والى عكا لصلاح الدين الايوبى، وقيامه بفتح أسوار عكا أمام قوات ريتشارد مما تسبب في سقوط ساحل الشام في أيدي الصليبيين
أن مستوى المعيشة في قطر في أعلى مستوياته من بين الدول العربية جميعها، إلا أن أمير قطر نسى أو تناسى أن هناك ما هو أهم من توفير الرخاء الاقتصادي، فثورات الشعوب لا تحركها فقط الأفواه المحرومة والجائعة بل تحركها أيضاً العقول الحرة التي تشعر بأن أرادتها تُسلب وتنهب، وهو ما يشعر به الشعب القطري، و ينادي به القائمون على دعوة إسقاط أمير قطر، فهم يرون أن لديهم بالفعل حياة كريمة ورخاء اقتصادي، ولكن تفتقد للكرامة بين العرب. وكما جاء في رسالة بثتها المجموعة على الانترنت، قائلة: “سمعنا مدى كره الشارع العربي لنا بسبب السياسات التي يتبعها حمد بن خليفة مع أمتنا العربية، متمثلة بفتح مكاتب للمخابرات الصهيونية، للتجسس على أبناء أمتنا، والقواعد العسكرية الأميركية، وتنفيذ مخططات الأمريكان للتخلص ممن يقف في وجههم، لذلك قررنا نحن أبناء قطر التمرد على المخططات الصهيونية والأميركية ودحرها من بلادنا، ودحر السلطة الحاكمة، وتعديل الدستور، وبناء مجتمع مدني محب للقومية العربية، كما طالبوا بإرجاع الكرامة للأمة العربية، وطرد من يتعامل مع الاحتلال الأميركي والصهيوني”، فهل سيصغى الأمير حمد لمطالب شعبه ويستوعب الدرس أم يكون أول ورقة دومينو تسقط في الخليج العربي ؟أن كل من “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية يتفقان على أمر واحد وهو أن أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني لا ينبغي أن يزور لقطاع غزة ولا نعرف على أيّ كوكب نعيش! هل هو حلم؟ أمْ حقيقة؟ هل يدور الحديث عن مسرحيّة كوميديّة أوْ تراجيديّة أوْ الاثنتين معًا؟ أمْ أننّا بصدد واقعٍ جديدٍ يطغى على الأجندة؟ حقيقةٌ لا يُمكن استيعابها،
أمير قطر، حمد، وصل إلى الحكم في العام 1994 بعد أنْ دعمته واشنطن، فطرد والده من القصر واحتلّ مكانه، في سنة 2010 انطلقت المعلومات السرية من موقع ويكيلس لتفضح الكثي من المراسلات الدبلوماسية والمواقف الغير معلنة في السفارات الأجنبية بالدول العربية والعكس وبدأ الإعلام بقيادة قناة الجزيرة القطرية (أو جزيرة الشيطان كما أحب أن اسميها) في شن حملة تشكيك واتهام للرؤساء والملوك والقادة العرب في كل البلدان العربية وتسربت أرقام وقصص وتصريحات تداولها الناس وتعاملوا معها كحقائق موثوق من صدقها كونها مسربة من الخارجية الأمريكية وكانت بمثابة ضربة البداية للربيع العربي الذي اجتاحت رياحه تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن والبحرين والسودان أخيرا بدأت قطر من بوابة القواعد العسكرية الأمريكية لإنشاء العلاقات الإسرائيلية مع دولة عربية حيث تولى حاكم قطر بعمل علاقات علنية مع إسرائيل على كل الأصعدة من التجارة إلى الأمن وأشياء أخرى منوها عن إن الإشكاليات التي شهدتها العلاقات المصرية القطرية ترجع إلى الضغوط التي عملت بها مصر على قطر لتضييق علاقاتها المتسارعة باتجاه إسرائيل بسبب قلق القاهرة على مكانتها في المنطقة من الناحية السياسية، وخوفا من أن تنال الدوحة بصفقة توريد الغاز للكيان التي كانت وما زالت تثير الكثير من التوترات في الأوساط السياسية والاقتصادية والمحلية أيضا في مطلع العام 2012 دعت الدوحة لتحقيق دولي في كل العمليات الإسرائيلية بالقدس منذ العام 1967 والتي تهدف إلى “طمس الهوية العربية والإسلامية”، وتسببت هذه الخطوة ضررا كبيرا لإسرائيل، حيث دفعت علاقات قطر مع عناصر مثل إيران وحماس- لاتخاذ إسرائيل قرارا بقطع علاقاتها مع الدوحة وغلق المكاتب الدبلوماسية نهائياً بدأت بالتدريج منذ مارس 2011، ومنع حاملي جوازات السفر القطرية من دخول الضفة الغربية ووقف التعاون العسكري بين قطر والشركات العسكرية الإسرائيلية
الكاتب :
الدكتور عادل عامر
أستاذ مساعد القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
و عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية والسياسية