يهدف عدد من النواب من خلال الأسئلة البرلمانية الى تسجيل حضورهم في الساحتين السياسية والبرلمانية، وإبراء الذمة أمام الناخبين فقط، والدليل أن أصحاب بعض الأسئلة لا يحضرون وقت مناقتشها، أو يكتفون بالردود الواردة من الحكومة ممثلة بوزرائها، أو بالرد غير الدستوري.
1153 سؤالا برلمانيا قدمها نواب مجلس الأمة إلى الحكومة ممثلة بوزرائها خلال أكثر من 6 أشهر عمل في البرلمان خلال دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الخامس عشر، وشملت هذه الأسئلة النيابية عدداً من قضايا الدولة، والمواطنين، وبعض القضايا الحساسة مثل عودة الجناسي، وأسعار البنزين، والكهرباء، والازمة الرياضية، والاسكان، والتوظيف، والفساد الإداري في الجهات الحكومية، وما حملته تقارير ديوان المحاسبة، ومخالفات العلاج بالخارج.
وهنا لابد لنا أولا أن نعرف ما مفهوم السؤال البرلماني، إذ يعرف بأنه استيضاح موجه من عضو مجلس الأمة الى أحد الوزراء أو إلى رئيس الحكومة للحصول على معلومات وبيانات معينة لا يعرفها العضو، أو ايضاح حقيقة غامضة، او بيان بعض النقاط المهمة بالسياسة الحكومية، أو لفت نظر الحكومة الى مخالفات حدثت بشأن موضوع معين يدخل في اختصاصها.
ويتضح من ماهية السؤال البرلماني أنه يمكن ان يؤدي وظيفتين يتوقف استخدامهما على طبيعة السؤال، فقد يكون الهدف منه الاستعلام او الاستيضاح عن امر من الامور، وهنا تتحقق وظيفة السؤال بأنه مجرد اداة استعلام، وقد يكون الهدف منه الكشف بصورة رسمية عن مخالفات حكومية للقوانين واللوائح، مما يمكن استخدامها لمحاسبة الحكومة، وإمكان طرح الثقة بها او بأحد الوزراء ان كان الأمر يستحق ذلك، فيستخدم السؤال كأداة للرقابة البرلمانية.
الأحكام الخاصة بالسؤال
وأكملت اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الاحكام الخاصة بالسؤال، والتي وردت موجزة في الدستور في المواد من 121 الى 132 من اللائحة الداخلية، ووضعت عددا من القيود والاحكام لاستخدام هذه الاداة المتمثلة بالسؤال البرلماني، أبرزها ان يوجه السؤال من عضو واحد الى وزير واحد، ولا يجوز ان يوجه أكثر من عضو من اعضاء المجلس الى احد الوزراء او الى مجموعة من الوزراء السؤال ذاته، ولكن العضو يستطيع أن يوجه أكثر من سؤال الى عدة وزراء تتعلق بأمور مختلفة في وقت واحد، وقد تكون هذه الأمور مرتبطة مع بعضها، ولكنها تدخل في اختصاصات عدة وزراء.
ويجب أن يكون السؤال مكتوبا بوضوح، وان يكون موقعا من مقدمه، والأصل ان يجيب الوزير المسؤول في الجلسة المحددة، كما أن اللائحة منحته الحق في ان يطلب تأجيل الاجابة الى موعد لا يزيد على أسبوعين، والتأجيل لأكثر من هذه المدة لا يكون الا بقرار من المجلس وفقا للمادة 124 من اللائحة.
واللافت في أحكام السؤال البرلماني انه لا يجوز للنائب المتقدم به تحويله الى استجواب في ذات الجلسة المحددة لنظره، كما انه لا ينظر في السؤال إذا استرده مقدمه دون ان يتبناه عضو آخر، ويسقط اذا انتهى الفصل التشريعي، أو اذا تخلى مَن وجهه عن منصبه، أو إذا انتهت عضوية مقدمه لأي سبب من الاسباب دون ان يتبناه عضو آخر، كما حصل مع مرزوق الخليفة الذي تبنى عدد من النواب أسئلته.
حضور الجلسة
ولا يسقط السؤال اذا تغيب مقدمه عن حضور الجلسة المقررة لنظره ولا بانتهاء دور الانعقاد، بل أجازت اللائحة توجيه الاسئلة فيما بين أدوار الانعقاد، ويجب أن يبعث الرد في هذه الحالة كتابة الى رئيس المجلس فيبلغه الى السائل.
وبناء على أحقية كل عضو في توجيه أسئلة برلمانية إلى الوزراء فقد قدم 45 عضوا أسئلة بلغت 1153، ومن هنا تأكد أن 5 أعضاء لم يقدموا أسئلة، منهم رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم، ومحمد الجبري الذي عُين وزيرا للبلدية وزيرا للاوقاف والشؤون الاسلامية، وهو المحلل الوحيد في الحكومة الحالية، ليتضح أن هناك 3 نواب لم يقدموا أي سؤال برلماني اذا تم استثناء مرزوق الخليفة، الذي خرج من البرلمان بعد حكم المحكمة الدستورية ليحل بديلا عنه فراج العربيد.
ولا شك أن هناك نوابا كانوا جادين في هذه الأسئلة البرلمانية التي حولت الى لجان تحقيق برلمانية، أو أحيلت الى القضاء أو بسببها تم اقصاء قيادات، كما حصل في وزارة الصحة، وهيئة مكافحة الفساد، والبترول، وهيئة الزراعة، وصندوق المشروعات الصغيرة، في حين تحولت أخرى الى استجوابات بعدما عجز الوزراء عن الاجابة عنها، واتضح ذلك جليا من خلال الاستجوابات الأربعة التي وجه اثنان منها إلى رئيس الوزراء وثالث لوزير الإسكان ومرت الثلاثة بردا وسلاما، في حين انتهى الاستجواب الذي وجه الى وزير الاعلام السابق الشيخ سلمان الحمود إلى طلب طرح الثقة ليصل الأمر في نهاية المطاف الى تقديم الوزير استقالته من الحكومة.
تسجيل حضور
ويهدف عدد من النواب من خلال الأسئلة البرلمانية الى تسجيل حضورهم في الساحة السياسية والبرلمانية، ولإبراء الذمة امام الناخبين فقط، والدليل أن أصحاب بعض الأسئلة لا يحضرون وقت مناقتشها، أو يكتفون بالردود الواردة من الحكومة ممثلة بوزرائها، او يكتفون بالرد غير الدستوري، لذلك رغم ان السؤال البرلماني يعتبر أحد الادوات الرقابية المهمة لنواب الأمة فإنه في بعض الأحيان لا يستخدم في محله، حيث يتخذ البعض منه سلاحا وأداة ضغط على الوزير الموجه اليه، وربما لابتزازه، او لمصلحة معينة، او لخلاف شخصي معه، او لعدم انجاز معاملاته.
وفي جانبه الايجابي يهدف السؤال إلى الاصلاح وتعديل مسار عمل الوزير، او الكشف عن فساد او خلل في وزارة معينة، وقد يتحول الى استجواب كما حدث مع النواب وليد الطبطبائي والحميدي السبيعي وعبدالوهاب البابطين وشعيب المويزري ورياض العدساني ومحمد المطير الذين ترجموا أسئلتهم إلى استجوابات، ربما كان بعض محاورها محقة، والآخر غير مستحق، وهذا ما يؤكد ان الاستجواب يعتبر سؤالا برلمانيا مغلظا، ومهما كان الهدف من سؤال النائب الموجه إلى الحكومة يبقى أحد اهم الادوات الرقابية لعضو مجلس الامة يستخدمه وقتما يشاء، لذلك تشكل هذه الاداة رصيدا مهما لكل نائب يحتفظ بها كحصيلة، وتكون له إنجازا يشفع له أمام ناخبيه يوم الانتخابات، حيث يعتمد النائب في تلك الفترة على الكم لا الكيف.
وفي النهاية نصل إلى نتيجة تتلخص في أن السؤال البرلماني اما ان يكون هدفه الاصلاح، أو ذر الرماد بالعيون وإبراء الذمة أمام الناخبين، وهذا ما يترجمه أداء النائب في قاعة عبدالله السالم.