منذ عام 2000، تضاعف عدد الأطفال المصابين بداء السكري في الشرق الأوسط. ويقسم السكري إلى نمطين رئيسيين – النمط الأول والنمط الثاني. يصيب داء السكري من النمط الأول، والذي يعرف أيضا بالداء السكري المعتمد على الأنسولين أو الداء السكري البادئ في مرحلة الطفولة او بداية النضج. فئة الأشخاص تحت سن 20 سنة أكثر من غيرهم.
أما النمط الثاني، فيعرف بالداء الذي يظهر في مرحلة الكهولة، فيمكنه أن يصيب الأطفال، والذين يكون معظمهم في هذه الحالة في سن المراهقة، وهو مرتبط بالبدانة والخمول. ولسوء الحظ، فإن زيادة معدل انتشار البدانة قد يضاعف أحيانا من صعوبة معرفة ما إذا كان السكري الذي يعاني منه الشاب أو الشابة هو من النمط الأول أو الثاني.
ووفقا للهيئات الصحية، فإن الزيادة كانت بمعدل متزايد خلال السنوات الخمس إلى الثماني الماضية. ومع ظهور ذروة في معدل انتشار داء السكري على مستوى العالم، فإن هذه الذروة كانت أشد وضوحا في هذه المنطقة.
لايزال العامل المسبب للإصابة بالسكري من النمط الأول غير معروف بدقة حتى الآن، حيث تشير فرضيات إلى احتمال كونه ناجما عن الإصابة بالإنتانات الفيروسية خلال الحمل أو الطفولة الباكرة، فيما تشمل العوامل المحتملة الأخرى التعرض للملوثات البيئية أو الغذائية، إضافة إلى وجود عوامل جينية وعرقية تزيد من خطر الإصابة بكلا النمطين – الأول والثاني.
وفي الإمارات العربية المتحدة، تتوافر الكثير من الدراسات التي توثق المعدل المرتفع لانتشار الداء السكري من النمط الثاني، الأمر الناجم بشكل رئيسي عن عوامل متعلقة بنمط الحياة كالبدانة وقلة النشاط البدني.
وتعد المشروبات السكرية أحد المتهمين الرئيسيين في التسبب بالبدانة والسكري لدى الأطفال، علما بأن المشروبات الغازية ليست النوع الوحيد من المشروبات الذي يحوي كميات مرتفعة من السكر، وهي معلومة قد تشكل مفاجأة للكثيرين منا، خاصة أن الكثير من الأطفال قد توقفوا عن تناول المشروبات الغازية بكل أنواعها.
ويعد السكر أحد المكونات الداخلة في تركيب مشروبات الطاقة وعصائر الفواكه والمشروبات الرياضية والشاي المثلج والقهوة المعلبة.
وفي معرض تعليقها على هذا الموضوع، أعربت كيم مانجام، أخصائية طب الأطفال في كوك تشلدرنز، عن قلقها بشأن انتشار البدانة في أوساط الشباب في يومنا هذا. وتشكل مكافحة البدانة أحد الجوانب التي تنال قسطا كبيرا من تركيز وجهود د. مانجام، والتي تقول إن السكر هو عامل «هام للغاية» في إصابة الأطفال بالبدانة.
وأوضحت د.مانجام: «ان السكر يؤثر على مراكز اللذة في الدماغ، بطريقة تشبه كثيرا طريقة تأثير بقية المواد التي تسبب الإدمان. ولهذا فأنا أنصح الأهالي بعدم تقديم المشروبات والأطعمة المعالجة الغنية بالسكر والملح المضاف، لأن الأطفال سيفضلون هذا النوع من الأطعمة على الفواكه والخضراوات الطبيعية الصحية».
وأشارت مانجام في سياق حديثها إلى الاستغناء عن المشروبات السكرية في المنزل من شأنه أن يقلل من زيادة الوزن لدى الأطفال، كما أن التركيز على تناول الماء والحليب يشكل خطوة أولى ومهمة في مساعدة الأطفال على التنعم بحياة معافاة وخالية من البدانة وما تسببه من أعباء صحية عديدة.
من جانبه، يقول د.جويل ستيلمان، أخصائي أمراض الغدد الصم في «مستشفى كوك تشلدرنز» في تكساس، إن الأطفال يصلون إلى الجرعة العالية من السكر التي تسبب البدانة بسهولة أكبر لدى تناولهم المشروبات الغازية أو غيرها من المشروبات المحلاة. ويشرح ستيلمان هذه الفكرة من خلال المعادلة التالية:
السكر = الحراريات، والكميات الزائدة من الحراريات = زيادة الوزن = البدانة
ويضيف د.ستيلمان: «تؤدي البدانة، وخاصة المتركزة في منطقة الخصر، إلى زيادة خطر الإصابة بالداء السكري والمتلازمة الاستقلابية. ويعد سكر الفواكه (الفروكتوز)، الذي يدخل في تركيب سكر القصب (السكروز) أو مشروب الذرة الغني بالفروكتوز، أحد المتهمين الرئيسيين في التأثير على آلية عمل الكبد وبالتالي زيادة خطر الإصابة بالداء السكري. والنقطة الثانية هي أن تناول كمية كبيرة من السكر يحرض الرغبة على تناول المزيد منه».
وتعاني والدة د.مانجام من الداء السكري من النمط الثاني.، ولذا عندما تتحدث الى عائلات المرضى، عادة ما تشرح للوالدين عن انتشار المرض في العائلة ودورهما في تحديد خطر إصابة بقية الأفراد بالداء السكري.
وحول دور الأهل في وقاية أطفالهم من المرض، لفتت د.مانجام: «إلى ان الأهل هم المسؤولون عن التحكم بكمية السكر التي يتناولها أطفالهم كل يوم، وإن لم يكونوا مدركين لذلك. ولذا فأنا أنصح الوالدين وبقية أفراد العائلة بمحاولة إبقاء السكر بعيدا عن المنزل، لكي يتمتع الجميع بصحة أفضل، وخاصة الأطفال، الذين لا يتمتعون بالنضج الكافي لمعرفة الكمية المنطقية التي يمكنهم تناولها من الحلوى أو الشوكولا أو الدونات، وهنا يأتي دور الأهل في وضع الحدود المناسبة لذلك».
ووفقا لأطلس داء السكري الصادر عن الاتحاد الدولي لمكافحته، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضم أكثر من 60.700 طفل بأعمار بين 0 و14 عاما يعانون من السكري من النمط الأول، كما أن المنطقة ذاتها تشهد تشخيص إصابة 10.200 طفل جديد بالمرض كل سنة.
اترك تعليقاً