للفن على مر العصور والأزمنة وبكافة حقوله ، دوره البارز في نشأة الفرد والجماعة ، كيف لا يكون ذلك ، ونحن نرى بما لا يجعل مجالا للشّك ، تلكم الفنون البشرية تنهال علينا يوماً بعد يوم ، “تلفزيون ، سينما ، أدب ، رواية ، قصة ، شعر … “.
ونحن ، أقصد “جيل التلفزيون” ومنذ ” الأريل بالسطح وحسنيه خاتون وعبدالقادر بيك ” إلى أيامنا هذه ، والمتزينة ، بالأقمار الصناعية ، وشفرات القنوات الفضائية ، وتنافس ملاّكها ، حتى أصبح للتنافس أشهره الخاصّة ، لا سيّما شهر “رمضان” ، بأفلامه ومسلسلاته وبرامجه ودعاياته ، بآلاف بل بمئات الآلاف من أي عملة شئت “دينار ، ريال ، درهم ، دولار …” ، ونحن لا شأن لنا ، سوى المشاهدة ، وتتبع وتطقس كل ما هو جديد “كل واحد وذوقه” .
أُقرّ بشحِّ الفن الجاذب واللائق في ميداننا العربي ! إلاّ أنني ، ولرفضي المستمر للإستسلام والإنصياع لآراء المكتئبين ، شاهدت ، بصيص أمل ، في إحدى القنوات وتحديداً في مسلسل الفنّان السعودي المتألق ناصر القصبي “سيلفي ٣” ، حيث وجدت أموراً ، افتقدتها لسنوات ، وعشت وإياكم فيها أياماً طوال ، أسرى لطروحات كئيبة ملؤها الشؤم ، “مابي أذكر الأسباب لأنها واضحة والي يبي يتأكد يختار أي مسلسل ويشوف وربي يعيينه” !
كان لهذا المسلسل وقفة مع الذات ، فقد تميّز بكسر الحواجز ، فطرح الأفكار علانية ، بحديثه عن مقتضياتنا وما نعانيه صدقاً ، وبأسلوب لاقى استحسان الأدباء والمفكرين والكتاب وعوام الناس من المشاهدين “وأنا واحد منهم” ، فرأيت فيه التعدد ، والجرأة ، الجرأة المحمودة في مقابل تلك المذمومة التي جثمت على صدورنا واستباحت أسماعنا ، وعرض كل ما هو مختلف ، بالأسلوب الساخر تارة ، وبجدية الطرح تارة أخرى ، حاجة أصبحت ملحّة ، في ظل هذا الإنفتاح الذي نراه ونشعره في كل حين !
لست امتدح المحتوى بقدر الجرأة ، ولست بصدد التقييم الأكاديمي للتمثيل وكواليسه ، ولا القضايا بسمياتها ، فقد أختلف معها ، إنّما هي الجرأة بحد ذاتها ، ومحاكاة الواقع ، والحرية الفكرية في الطّرح، ولا شيء سوى ذلك ، فشكراً .
* * * *
الثقافة تمثل نوع من الإرادة .. إرادة التمرد
اترك تعليقاً