كويت نيوز: مثلما فجرت عملية تحرير الفلوجة معركة بين “الحشد الشعبي” والسعودية، فجرت معركة الموصل – قبل أن تبدأ – معركة أخرى لـ”الحشد الشعبي” مع تركيا.
وفيما أعلن العبادي أن العراق لم يطلب من تركيا إرسال قوات إلى العراق، وأن القوات التركية لن تكون في نزهة، دعت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس (06/10/2016)، دول جوار العراق إلى احترام “سيادته وكرامة أراضيه”، وأشارت الى أن أي دور تركي في معركة الموصل تحدده الحكومة العراقية.
وأكد الموقف الامريكي المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، قائلا إن “أي مساعدة لحكومة العراق يجب أن تتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها، وأن تضمن الحكومة التركية الحصول على الموافقة الكاملة من الحكومة العراقية على كل النشاطات التركية في العراق”.
وقد رد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم على تصريحات العبادي، بقوله إن “تصريحات العبادي التي قال فيها إن “على الأتراك ألا يظنوا أن وجودهم في العراق نزهة لهم” – هي تصريحات “خطيرة ومستفزة للغاية”. وسأل يلدريم: من قال إننا في نزهة؟ جنودنا يقومون بمهمة مواجهة “داعش”.
من جانبه، صرح رئيس أركان الجيش السابق بابكر زيباري بأن “وجود القوات التركية داخل الأراضي العراقية يعقِّد معركة الموصل”. وقال: “إذا تم توفير اتفاق بشأن عملية الموصل بين العراق وتركيا، فسيكون من الأسهل استعادة السيطرة على المدينة. وأضاف أن “داعش” هو عدو مشترك لكلا البلدين، وأن على الجمع ألا ينسوا أن هذين البلدين عانيا جداً من جراء أعمال التنظيم.
كما أعلن المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان سفين دزيي أن “معسكرَيْ بعشيقة ودوبردان، اللذين تتمركز فيهما القوات التركية، لتدريب الشرطة العراقية والمتطوعين، تم إنشاؤهما بعلم واطلاع من الحكومة الاتحادية ووزارة الدفاع”.
في هذا السياق، طلبت وزارة الخارجية العراقية رسميا من مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة وتحمل مسؤولياته تجاه العراق ومناقشة “التجاوز” التركي على الأراضي العراقية، واتخاذ قرار من شأنه وضع حد لـ”خرق” القوات التركية للسيادة العراقية.
وقد أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، الجمعة (07/10/2016)، عن معارضة بلاده مشاركة “الحشد الشعبي” العراقي في عملية تحرير الموصل العراقية. وأضاف أن “مشاركة “الحشد الشعبي” في تحرير المدينة لن تساهم في إحلال السلام والهدوء، بل سيستمر عدم التفاهم الطائفي، ما يهدد بصدامات جديدة في المستقبل”.
بدورها ردت قيادة “الحشد الشعبي” على التصريحات التركية. فقد توعدت حركة “النجباء”، أحد أهم فصائل “الحشد الشعبي”، القوات التركية الموجودة في العراق برد “مزلزل” في حال عدم انصياعها لأمر الانسحاب، وأكدت أن أي قوة برية أجنبية تزج بنفسها في عمليات تحرير الموصل، ستعدُّ عدوا وسيتم التعامل معها باعتبارها “داعشا”.
وقال المتحدث العسكري باسم كتائب “حزب الله في العراق” جعفر الحسيني إن عناصر الحزب بدأوا عمليات تمهيدية استعدادا لمعركة الموصل؛ مؤكدا، خلال مقابلة متلفزة، أنهم يتحملون مسؤولية الدفاع عن العراق، و”ليس الولايات المتحدة الأمريكية، ولا أي دولة أخرى”.
بدوره، قال زعيم فصيل “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، في خطاب متلفز أمام العشرات من أنصاره بمحافظة بابل: “لن نسمح لأردوغان وقواته بالمشاركة في عملية تحرير الموصل”.
وفيما صرح ابو مهدي المهندي رئيس “هيئة الحشد الشعبي” بأن “تمديد البرلمان التركي لبقاء الجيش التركي سنة أخرى ضمن الأرضي العراقية، يعدُّ انتهاكا للسيادة العراقية، واحتلالا للأراضي العراقية”، أكد نائبه، الأمين العام لمنظمة “بدر” هادي العامري خلال لقائه السفير البريطاني في بغداد فرانك بيكر، أن “”الحشد الشعبي” سيشارك في معركة الموصل”.
وتأتي هذه التطورات على خلفية تصريح للرئيس التركي أردوغان، قبل أيام، حين قال إن “قوات بلاده سيكون لها دور في عملية استعادة مدينة الموصل التي تخضع لسيطرة “داعش”، وإنه لا يمكن لأي جهة منع ذلك”؛ مشددا بالقول: “لن نسمح للمليشيات الشيعية و”حزب العمال الكردستاني” بالمشاركة في العملية وسنقوم بكل ما يجب لمنع هذه اللعبة”.
وعن خلفيات التصعيد الأخير بين العراق وتركيا، قالت مصادر عراقية حكومية إن “التصريحات العراقية ضد أنقرة جاءت بعد اجتماع ضم قادة “التحالف الوطني” وزعماء “الحشد الشعبي” ومسؤولين بالسفارة الإيرانية في بغداد، تبعه صدور بيانات وتصريحات منددة بالوجود التركي”، وأكدت المصادر أن “السفارة أجرت اتصالات بمكتب رئيس الوزراء بهذا الشأن”.
ويبدو كلام رئيس أركان الجيش العراقي السابق بابكر زيباري منطقيا حين قال إن توتر العلاقة بين بغداد وأنقرة سيعقد معركة نينوى، وإنه لا بد من اتفاق بينهما. فمثلما تمت حلحلة الأزمة بين أربيل وبغداد لتمهيد الطريق أمام تحرير نينوى، فمن المنطقي أن تتفق بغداد وأنقرة كذلك.
وهذا ما صرحت به الولايات المتحدة والأمم المتحدة، وهو المرجح في نهاية الأمر قبل انطلاق المعركة التي قد تتأجل بسبب هذا الخلاف الكبير أو تتعقد.
وإن لم يتم الاتفاق بين أنقرة وبغداد، فإن احتمال تعقيد معركة نينوى سيكون واردا؛ لأن تقارب تركيا مع السعودية على أبواب نينوى وموقفهما ضد “الحشد الشعبي” ورد فعل “الحشد الشعبي” ضد البلدين قد يفتح بابا غير متوقع في العراق بعد نينوى.