كويت نيوز: “قالوا لي ينبغي لك أن تقدم لهم كل شيء، حتى لو اضطررت للتضحية بنفسك”. بهذه الكلمات بدأت قصة طفل يبلغ من العمر 14 عاماً مع تنظيم داعش، لكن عندما هددوه بقتل أخيه فقد ثقته بهم وهرب. قد يكون الحظ كتب له حياة جديدة بعيداً عن أساليب التدريب الغامضة والصارمة التي يتعرض لها مئات الآلاف من الأطفال في مناطق سيطرة التنظيم المتطرف في سوريا والعراق، والتي قد تنتهي في كثير من الأحيان إلى “تفجير أنفسهم”.
بالأرقام، تزايد معدل العمليات العسكرية التي تنطوي على وجود أطفال أو شباب بين عناصر التنظيم المتطرف؛ ارتفعت نسبة العمليات الانتحارية التي يشارك بها الأطفال والشباب في يناير 2016 إلى “ثلاثة أضعاف” النسبة التي كانت عليها في نفس الشهر من عام 2015. كما أن ما يقرب من 40 في المئة من أصحاب المفخخات “السيارات، والشاحنات المجهزة بالمتفجرات”، كانوا “أطفالاً”، دفعهم التنظيم المتطرف إلى تفجير أنفسهم داخل المواقع العسكرية والأهداف الأمنية الأخرى.
السؤالان
وخلصت نتائج تقرير نشره “ميا بلوم وجون هورغان”، الباحثان في جامعة George State إلى أن “استمرار الضغط العسكري على داعش، سيدفع التنظيم المتطرف إلى زيادة استخدام الأطفال في العمليات القتالية والانتحارية على حدٍ سواء”.
هنا، ليس بعيداً عن تسميات كثيرة اعتاد عليها أطفال سوريا والعراق قبل سيطرة داعش، ظهر جيل جديد سُمي بـ “أشبال الخلافة”، بعد أن كان هناك “أشبال الأسد” أو أشبال صدام الحسين في العراق. هذا الجيل مع اختلاف طرق وأساليب التدريس الممنهج وغسيل المخ الذي لحس عقول الأطفال لم يعرف بحياته سوى الإجابة على سؤالين فقط؛ كيف تقتل عدوك؟ وكيف تقدم الولاء للقائد المطلق.
سوف نقتل” الكفار”
وفقاً لشهادات الطفل الذي التقته “الإندبندنت” البريطانية في وقتٍ سابق من هذا العام، هناك ثلاثة أقسام للجيش الداعشي: جيش الدولة، وجيش الخلافة، وجيش العدنان. هذه الجيوش الثلاثة تضم معسكرات لـ “أشبال الخلافة” يجري فيها إعداد نفسي وعقائدي مدروس يقوم على مبدأ التكرار وزرع الفكرة في عقل الطفل، فعندما يرى كل طفل ما يجري في مسارح العمليات، سيبدأ بالقول والتفكير بصوت عالٍ “أريد أن أفعل ما يفعلونه”، لذلك يذهبون إلى مدرسيه، ويقول: “أريد أن أصبح انتحاريا”. يقول الطفل: إنه شاهد طفلاً آخر في الثامنة من عمره يقوم بعملية انتحارية.
حرب الأجيال
ويرى كثير من المراقبين أن تلقين داعش للأطفال وإظهارهم في أفلام إعدام كثيرة كان لتبيان وترسيخ مفهوم الأسرة الواحدة كعلامة للتشدد على اعتبار أن الأسرة جزء لا يتجزأ من الدولة الناشئة. والهدف الاستراتيجي والبصري الأول في الدروس التي تقدم للأطفال يعمل على “غسل الدماغ”، الذي يبدأ من اللباس حتى القرآن الذي لا يظهر فيه سوى “الكفار وتحليل قتلهم”.
كما أن الجزء الأخطر لاستخدام الأطفال في حروب التنظيم المتطرف، يكمن في إيصال رسالة تهدف إلى إثارة “الخوف” في العالم من خلال تصوير الدولة المتطرفة القائمة على القتل والقوة وعدم الرحمة، وأن الأمر لا يقتصر على جيل حالي بل حرب بين الأجيال. ويستخدم داعش، مدارس نائية بعيدة يتم فيها عزل الأطفال عن أسرهم، وتسميتهم بكنية معينة، مما يعطي الانطباع بأنهم في معسكر ديني.
وتقسّم هذه المدارس صفوفها إلى ثلاثة مستويات مختلفة من التدريب:
أولاً: التدريب الديني؛ وهو الأخطر، حيث يتم تدريب الأطفال فيه على “الفكر الجهادي”، بما فيه الاستعداد لتنفيذ العمليات الانتحارية فداءً للدولة.
ثانياً: التدريب العملي؛ يتلقى الأطفال التدريب البدني القاسي، ويتم تدريسهم على طرق استخدام الأسلحة.
ثالثاً: التدريب النفسي. يتم أخذ الأطفال إلى الساحات العامة للمشاركة في الذبح، أو مرافقة الحسبة “الشرطة الدينية”، لتعزيز شعورهم في التفوق.
ويبدو أن السياسة القائمة على تعزيز الولاء، تقوم على عزل الأطفال عن ذويهم كما كان يفعل العثمانيون في أواخر القرن الـ 14، عندما كان “الانكشارية” تعمل على خطف الأطفال وتجبرهم على منهجها العسكري، الذي يقوم على فكرة “الولاء للدولة” فقط.
إضافةً إلى ذلك، لا يقتصر الأمر على تلقين الأطفال لمفاهيم الدولة ونهجها المتشدد فقط، بل يسمح لهم بتعزيز “كراهيتهم للنساء”. ففي كتيب وجد في إحدى معسكرات التدريب يظهر كيف يمكن لشبل الخلافة مجامعة “المرأة الكافرة” أو “السبية” إذا كانت صالحة للجماع.
اليوم، يخشى العالم أن ينتشر “أشبال الخلافة” في العالم، متحولين إلى “قنابل موقوتة” قد تنفجر في أي وقت في هذا البلد أو ذاك؛ فكثير من المحللين باتوا على ثقة أن الحرب سوف تكون مسألة أجيال، قد تستغرق ربما 20 إلى 30 عاماً، إذا لم يتم القضاء على داعش في أقرب وقتٍ ممكن.