كويت نيوز : بدأت ملامح التشكيلات المشاركة في الانقلاب تتوضح فحسب رئيس هيئة الأركان بالوكالة الجنرال أوميت دوندار فإن محاولة الانقلاب نفذتها قوات من سلاح الجو وبعض قوات الأمن والدرك و”عناصر مدرعة”، مشيرا إلى أن “هذا التحرك ليس مدعوما من القوات المسلحة التركية بتاتا”، وأن “من قام بهذه المحاولة مجموعة صغيرة تمثل أخرى محدودة ضمن الجيش الأول” الذي يتولى قيادته.
المؤسسة العسكرية
رغم التأكيدات الرسمية بأن المحاولة تمت “خارج التسلسل القيادي” للمؤسسة العسكرية، وأن قيادة أركان الجيش ليست جزءا منها ولا مؤيدة لها؛ فإن مصادر رسمية وإعلامية قالت إن المحاولة الانقلابية شاركت فيها الجهات العسكرية التالية:
1- القوات الجوية: لم يشارك قائد القوات الجوية التركية عابدين أونال شخصيا في المحاولة، بل خطفه الانقلابيون حين كان يحضر حفل زفاف ابنة أحد الجنرالات، حسب ما أفادت به صحيفة “حريت” التركية. لكن رئيس الأركان بالوكالة وهيئة الاستخبارات الوطنية في تركيا اتهمت قيادة سلاح الجو بالمشاركة في الانقلاب.
وذكرت وسائل الإعلام التركية أن قادة في وزارة الدفاع وضباطا من القوات الجوية نسقوا مشاركتهم في الانقلاب مع القائد العام السابق لهذه القوات وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة التركية الجنرال أكن أوزترك، الذي يُنظر إليه باعتباره أحد العقول الكبيرة المدبرة للانقلاب.
وأضافت أن زوج ابنة أوزترك العامل في سلاح الجو العقيد حقان كاركوس كان جزءا من ترتيبات الانقلاب، وإن صهره الجنرال كان سيتولى منصب رئاسة الجمهورية إذا نجح الانقلاب، لكنه الآن رهن الاعتقال ويواجه تهمة الخيانة العظمى.
وقد وُلد الجنرال أكين أوزتورك عام 1952 وتخرج في الكلية الجوية عام 1973. وشغل سابقا وظيفة المحلق العسكري التركي فيإسرائيل خلال 1996-1998، ثم تدرج في العديد من المناصب القيادية داخل سلاح الجو حتى تولى قيادة قواته ما بين 2011-2015.
نال أوزتورك رتبة “جنرال” عام 2013 وأعفي من منصبه، لكنه أصبح عضوا في المجلس الأعلى للقوات المسلحة التركية، وكان من المقرر أن يُحال إلى التقاعد يوم 30 أغسطس/آب 2016. ويوصف بأنه “مرتبط” بحركة الخدمة التابعة لفتح الله غولن.
ويدخل في تورط القوات الجوية في الانقلاب إرسال الانقلابيين طائرتيْ إسناد من قاعدة إنجرليك الجوية العسكرية في ولاية أضنة لمساعدة مقاتلات “F16” التي جابت سماء أنقرة وإسطنبول لدعم الانقلاب بقصف عدة مقرات سياسية وأمنية، وهو ما ساهم في تحليقها ساعات طويلة. كما استعملوا طائرات أخرى من عدة قواعد عسكرية في أنحاء البلاد.
وأكد وزير الخارجية التركية مولود شاوش أوغلو اعتقال جنود في قاعدة إنجرليك قال إنهم متورطون في محاولة الانقلاب، وأن حكومته أغلقت هذه القاعدة حتى إشعار آخر.
كما أعلنت السلطات اعتقال نحو مئة عسكري في قاعدة جوية بديار بكر على خلفية المحاولة الانقلابية. وقال محافظ ملاطية إنه ألقي القبض على 39 طيارا عسكريا كانوا على متن سبع طائرات عسكرية.
2- القوات البرية: وقد أشير في هذا الخصوص إلى أن المحاولة الانقلابية تورطت فيها كل من قيادتيْ الجيش الثاني المتمركز في ولاية ملاطية والمكلف بحماية حدود تركيا مع سوريا والعراق وإيران، والجيش الثالث في ولاية أرزينجان المكلف بحماية الحدود مع أرمينياوجهة البحر الأسود، في حين كانت قيادة الجيش الثالث المكلف بحماية الحدود مع أوروبا أبرز المتصدين للانقلاب.
وذكرت وكالة الأناضول التركية أن السلطات التركية اعتقلت السبت 16 يوليو/تموز 2016 القائد العام للجيش الثاني الجنرال آدم حودوتي الذي تتهمه بأنه كان مسؤولا عن تحريك المقاتلات والمروحيات أثناء المحاولة الانقلابية، وقائد الجيش الأول الجنرال أكرم جاغلر لصلته بالانقلاب، وأنهما يواجهان تهمة الخيانة العظمى.
وقد أصبح هذان القائدان أكبر مسؤوليْن عسكرييْن، بينما رُقي زميلهما الجنرال أوميت دوندار قائد الجيش الأول فأصبح رئيس هيئة الأركان بالوكالة، إثر سيطرة الانقلابيين على مقر الهيئة واحتجازهم رئيسها خلوصي أكار الذي حُرر لاحقا.
3- المستشارية القانونية لرئاسة الأركان: فقد نقلت وكالة الأناضول عن مصادر عسكرية رسمية أن المستشار القانوني لرئيس الأركان العقيد محرم كوسا هو “المخطط” للانقلاب، بينما كان دور القيادات العسكرية الأخرى “التنفيذ”. وقد أقيل من منصبه واعتقل في مطار أتاتورك الدولي إثر فشل الانقلاب مع بعض الجنود الموالين له.
وأوضحت المصادر أن كوسا المتهم بالارتباط بجماعة فتح الله غولن تلقى الدعم من حوالي 45 ضابطا رفيع المستوى، من بينهم العقيد محمد أوغوز أققوش والرائد أركان أغين والمقدم دوغان أويصال. وأنه هو الذي أسس “مجلس السلام” الذي بثّ البيان الانقلابي على قناة TRT الرسمية، وأعلن نفسه الهيئة التنفيذية الحاكمة في البلاد بعد إعلانه حالة الطوارئ وتنحية السلطات الشرعية.
وكان القضاء التركي قد اتخذ قرارا سابقا بوضع كوسا تحت المراقبة القانونية أثناء التحقيق معه بسبب شبهات في ارتباطه بالتخطيط لعملية انقلابية عام 2003، وهي العملية المعروفة باسم “مخطط بيلوز”، وبعد خمس سنوات أصدر الادعاء العام قرارا برفع المراقبة عنه. كما اتهِم بمحاولة اغتيال مساعد رئيس الوزراء الأسبق بولنت أرنتش.
يعتبر كوسا أحد ضباط الصف الثالث داخل الجيش التركي، ورغم كونه لم يشغل أي منصب قيادي في الجيش خلال فترة خدمته العسكرية فإنه تمتع بروابط قوية مع قيادات عسكرية، إلى أن عُين مستشارا قانونيا لرئيس الأركان. وحسب الحكومة التركية، فإن الضباط الذي تحركوا بقيادة كوسا بلغ عددهم 1563 عسكريا.
وإضافة إلى هذه القيادات العسكرية الكبيرة، فقد تمكنت القوات الخاصة التركية -حتى ظهر اليوم الموالي لليلة الانقلاب- من اعتقال حوالي ثلاثة آلاف عسكري شاركوا في العملية الانقلابية، من بينهم ضباط ذوو رتب رفيعة. وقد ذُكرت منهم الأسماء التالية:
– قائد أركان جيش منطقة إيجه الجنرال ممدوح حق بيلان.
– قائد اللواء 55 مشاة الآلي في ولاية قرقلر إيلي (شمال غرب) الجنرال بكر كوجاك.
– قائد لواء المشاة الآلي 39 في ولاية هاتاي (جنوب) اللواء حسن بولات.
– قائد لواء مشاة البحرية البرمائية في إزمير الأميرال خليل إبراهيم يلدز.
– قائد لواء الكوماندوز الـ49 في ولاية بينغول الجنرال يونس موتامان.
– قائد لواء الكوماندوز الثاني في ولاية بولو الجنرال إسماعيل غونيشار.
الأمن والقضاء
لم يقتصر التخطيط والتنفيذ في المحاولة الانقلابية الفاشلة على مؤسسة الجيش، بل شمل كذلك المؤسستين الأمنية والقضائية. فعلى المستوى الأمني أقال وزير الداخلية أفكان علي خمسة جنرالات و34 ضابطا من مناصبهم في الوزارة لـ”أدوارهم في التنسيق لتحركات الانقلابيين”.
وبحسب وكالة الأناضول فإن ممن شملهم الإعفاء: قائد خفر السواحل الأميرال الشرطي هاكان أوستام، وقائد حامية مضيق جنق قلعة الأميرال سيردار أحمد كوندوغدو، وقائد حامية في باليكسير الجنرال محمد آق يورك.
أما المؤسسة القضائية، فقد قالت وسائل الإعلام التركية إن الشرطة اعتقلت بُعيد فشل الانقلاب ألب أرسلان ألطان عضو المحكمة الدستورية (أعلى محكمة بالبلاد)، لضلوعه في المحاولة الانقلابية، وهو أكبر شخصية قضائية بين عشرات اعتقلوا إثر المحاولة. كما نقلت عن المجلس الأعلى للقضاة والادعاء قوله إن السلطات التركية عزلت 2745 قاضيا في اليوم الموالي لليلة الانقلاب.