كويت نيوز : فيما انتهى النقاش في شأن ملف «البدون» الى توصيات وقّع عليها 20 نائباً دون أن يتسنى التصويت عليها لفقدان النصاب، شهدت جلسة مجلس الأمة أمس «مبارزة» كلامية حول تخفيض مخصصات العلاج بالخارج، وأقفل محضر النقاش على توصيات نيابية أيضاً بإحالة الملف على اللجنة الصحية البرلمانية لإعداد تقرير تقدمه في الجلسة المقبلة، لكن دون الحصول على تعهد حكومي بالأخذ بما ستنتهي اليه اللجنة.
وعلى حدّ الخوض في أرقام المبالغ المالية «المهدورة» على من لا يستحق العلاج بالخارج، وتضخم الاعداد، كان لافتاً عودة النائب فيصل الشايع الى «أصل» المشكلة حيث رأى أن الهدر في العلاج بالخارج بدأ في عهد الشيخ أحمد الفهد بعد أن تولى حقيبة وزارة الصحة، لافتاً الى أن وزراء «الصحة» السابقين الدكاترة هلال الساير ومحمد الجارالله وعادل الصبيح كانوا حريصين على إرسال الحالات المستحقة فقط للعلاج بالخارج، غير أن قيمة المخصصات وتذاكر السفر ارتفعت في عهد الفهد، حيث أُرسل أكثر من 3 آلاف حالة للعلاج في أقل من شهرين.
وقال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الصحة بالإنابة الشيخ محمد العبدالله إن أحد الأسباب الرئيسية لإصدار قرار جديد لتحديد مخصصات مرضى العلاج في الخارج هو «التماشي مع سياسة الدولة الحالية في إعادة النظر بالامتيازات المالية ومحاولة ترشيدها بالشكل المناسب».
وأضاف العبدالله أن محاولة الترشيد هذه جاءت «لكي يحصل كل مستحق على مبتغاه وألا يكون هناك أي إسراف أو تبذير في هذه الميزات».
وأوضح أن إعادة النظر في مخصصات مرضى العلاج في الخارج أتت بناء على قرار مجلس الوزراء، والذي عرضت عليه توصية من لجنة وزارية تضم 5 وزراء اطلعت على تقرير معد من لجنة رباعية تضم ممثلين عن وزارات الصحة والدفاع والداخلية والنفط، حيث أجروا دراسة على عينة للمرضى في لندن التي تعد أغلى المدن الموفد إليها، وبينوا بحسب قيمة صرف الجنيه الاسترليني الحالي أن مبلغ (5001) جنيه شهرياً تكفي للعيش الكريم.
وكشف العبدالله أن «حالات العلاج في الخارج حسب الإحصاءات تعدت الـ 7 آلاف حالة العام الماضي»، مبيناً أن القرار حدد آلية إيفاد المرضى للعلاج في الخارج من خلال لجنة تخصصية، ومن ثم تأكيد اللجنة العليا أن يكون القرار صالحاً لمدة ثلاثة أشهر فقط «لا يمكن تمديده».
وذكر العبدالله أن الدولة كانت تتكفل في السابق بالعلاج بالخارج للحالات الطارئة والحرجة وتتكفل بعلاج المواطنين في حال طلب المكتب الصحي، مبيناً أن اللائحة تنص على إيقاف تعويض الفواتير كما كان سابقاً.
وعن السبب في عدم حضور وزير الصحة الدكتور علي العبيدي جلسة المجلس، أوضح العبدالله أن الوزير العبيدي «في مهمة رسمية للمشاركة في اجتماع مجلس وزراء الصحة العرب الذي تترأسه دولة الكويت، لذلك لم يوجد اليوم (أمس) للاستماع إلى ملاحظات النواب والرد عليها».
وطالب النواب الحكومة بوقف العمل باللائحة الجديدة للعلاج بالخارج وكل ما يتعلق بالمخصصات المالية للمرضى ومرافقيهم، وإحالة الموضوع الى اللجنة الصحية البرلمانية،على أن ترفع تقريرها للمجلس في هذا الشأن قبل الجلسة المقبلة.
ووافق المجلس على توصية «بإيقاف قرار وزارة الصحة في شأن العلاج بالخارج، وان تعمل بالقرارات السابقة، وان ترجع مخصصات المريض والمرافق كما كانت 75 ديناراً للمريض و50 دينارا للمرافق».
وتضمنت توصيات المجلس «اعادة النظر في طريقة تحديد المواعيد مع الاطباء في الخارج بحيث تكون سريعة، على ان تتحمل الوزارة كامل الفحوصات، سواء المخبرية أو الاشعة في الكويت، وتجهز كل التقارير التي تساعد في علاج المرضى».
وأوصى المجلس ببحث الاستعانة بالاطباء الاختصاصيين من دول العالم كافة لمعالجة المرضى في البلاد، والاستعانة بالفرق الطبية التخصصية العالمية، مع التركيز على جعل الكويت مركزاً لعلاج السرطان وزراعة الاعضاء والسعي نحو تحويل الكويت لمركز طبي متقدم في علاج العظام.
كما تضمنت توصيات المجلس الدعوة الى فتح مراكز علاجية تابعة لمستشفيات عالمية مرموقة ومعروفة لتكون لها أفرع في الكويت.
وكان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الصحة بالانابة أكد في مداخلته ان سريان قرار اللائحة الجديدة للعلاج بالخارج المتعلق بالمخصصات المالية سيدخل حيز التنفيذ في الأول من ابريل المقبل.
من جانبهم عبر النواب عن رفضهم لقرار الحكومة بوقف صرف المخصصات المالية لمرافقي المرضى، الذين يتلقون العلاج بالخارج، مطالبين الحكومة بالعدول عن قرارها وان تتحمل نفقات السكن للمرضى، لاسيما في الدول الأوروبية ذات التكاليف المعيشية المرتفعة.
واعتبروا ان «الهدر المالي في العلاج بالخارج جاء بسبب العلاج السياحي عبر ايفاد غير المستحقين من المرضى على حساب المستحقين منهم»، مطالبين الحكومة بتطوير العمل في المكاتب الصحية الخارجية بغية التخفيف على المرضى من طول الدورة المستندية والمراسلات ما بين المستشفيات وادارة العلاج بالخارج في الكويت والجهات المعنية، فضلاً عن تطوير المرافق والرعاية الصحية في التخصصات الطبية النادرة في البلاد.
واشاروا الى ان مصروفات العلاج بالخارج، بحسب دراسات ديوان المحاسبة قفزت من 175 مليون دينار عام 2011 الى 441 مليون دينار في 2014.
وفي موضوع بحث معالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية واستيضاح سياسة الحكومة في هذا الشأن، انتهى المجلس الى جملة من التوصيات تقدم بها عشرون نائباً، لم يتسن التصويت عليها، تتضمن تجنيس المستحقين من البدون، خصوصاً أبناء الشهداء وأبناء أقارب الكويتيين والعسكريين وحملة إحصاء 1965، وصرف البطاقة الأمنية لمن لم يشملهم التجنيس، ما يخولهم الحصول على حقوقهم الإنسانية والاجتماعية الأساسية كافة، ومنح البدون الأولوية في التعيين في المؤسسات العسكرية والحكومية والقطاع الخاص، بعد الكويتيين.
ودعت التوصيات الى إعادة النظر في القيود الأمنية، وإلى حق الحصول على شهادة الميلاد أو الوفاة، والتسهيل للحصول على عقود الزواج أو الطلاق، وعلى رخص قيادة السيارة وفقاً للنظم المتبعة، وحق التعليم والرعاية الصحية وحقوق الإعاقة.
وفي أجواء الجلسة، أنذر النائب صالح عاشور وزير الصحة الدكتور علي العبيدي بأنه «هو من سيدفع ضريبة القرار وسيكون الضحية»، مشيراً الى «أننا لم نبلغ بعد مرحلة وصول السكين الى العظم، وهناك سبل أخرى للتوفير بعيداً عن المواطن».
ودعا النائب عدنان عبدالصمد الحكومة الى مراجعة دراسة ديوان المحاسبة المكونة من 300 صفحة «والتي تتضمن أرقاماً مهولة، ومنها غياب المساواة بين المواطنين وعدم تكافؤ الفرص بينهم»، معلناً أنه «لا توجد رقابة حقيقية على المصروفات في المكاتب الصحية»، داعياً الى دور للمراقبين الماليين في العلاج بالخارج.
وجدد النائب أحمد لاري دعوته الى توظيف البدون محل الوافدين، واعتبر النائب جمال العامر أن البدون أحق من الوافدين، وشكر النائب الدكتور عبدالله الطريجي نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، ووكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والإقامة اللواء الشيخ مازن الجراح ورئيس الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية صالح الفضالة، مشدداً على عدم التجنيس العشوائي، وداعياً الى الوضع في الاعتبار من تجنسوا بالتزوير.