كويت نيوز : حذر خبيران تونسيان مما اسمياه عواقب وخيمة على الصعيدين الامني والاقتصادي لأي تدخل عسكري دولي محتمل في ليبيا ضد ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) المتمركز في مدينة (سرت) شرقي ليبيا.
واكد الخبيران في لقائين متفرقين مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان تونس ستكون المتضرر الأكبر من أي عملية عسكرية في ليبيا مطالبين في الوقت ذاته باعتماد الحلول السلمية بعدما اثبتت الحلول العسكرية فشلها في حل ازمات عديدة على الساحة الدولية.
وقال أستاذ التاريخ السياسي في الجامعة التونسية الدكتور عبداللطيف الحناشي إن ثمة تحركات دولية بالاخص امريكية وبريطانية وفرنسية وإيطالية لاطلاق عملية عسكرية تستهدف القضاء على (داعش) وغيره من التنظيمات المسلحة.
وتوقع الدكتور الحناشي موعد التدخل العسكري الدولي في ليبيا في النصف الاول من مارس المقبل بعدما تعززت القدرات القتالية ل(داعش) وغيره من التنظيمات المسلحة اثر لجوء أعداد كبيرة من المقاتلين إلى ليبيا هربا من التدخل الجوي الروسي الكثيف في سوريا.
وأضاف أن هذه الجماعات المسلحة “اقتنصت الفرصة للتمدد جغرافيا والسيطرة على مزيد من المناطق في ليبيا مستغلة عدم وجود قوى رادعة وقادرة على التصدي وهو ما يهدد مصالح دول عدة وبخاصة دول الاتحاد الأوروبي المطلة على البحر المتوسط”.
وراى الحناشي أن ليبيا تشكل موقعا جغرافيا مغريا وجاذبا للجماعات المسلحة التي تراجع نفوذها في كل من سوريا والعراق “لانها تضم ثروة بترولية وغازية ضخمة ذات جودة عالية وتكلفة استخراج متدنية كما أنها تحد ست دول افريقية تشكل ارضية لهذه الجماعات لتهديد أمن كامل المنطقة”.
وقال ان الدول الغربية ولضمان مصالحها في ليبيا ستستند في تنفيذ عملية عسكرية في ليبيا إلى قرار مجلس الأمن 2214 الذي “يدعو كل الدول الى محاربة الإرهاب في ليبيا” وهو تفويض صريح يتطلب فقط إبلاغ الحكومة الليبية المنتظرة والتنسيق معها.
ورجح الحناشي ان تكون العملية العسكرية المحتملة “اما تدخلا جويا مكثفا لكن مع توقعات بالا يحقق النتائج المرجوة أو تدخلا بريا بدعم من الدول العربية المجاورة برغم رفض هذه الدول سابقا لمثل هذا التدخل” مشيرا الى الدعم العربي سيكون في إطار (التحالف الدولي ضد الإرهاب) أو في (التحالف الإسلامي ضد الإرهاب).
وحول التداعيات الاقتصادية والأمنية للعملية العسكرية على تونس ذكر الحناشي أنها ” ستكون ضخمة ومتعددة بسبب عوامل القرب الجغرافي أولا ولطبيعة وأهداف الجماعات المسلحة ثانيا ولوجود عدد من المقاتلين التونسيين المنضوين تحت راية هذه الجماعات ثالثا”.
وحذر من “احتمال عودة من يتبقى من التونسيين في الأراضي الليبية وبخاصة من مناطق العمليات العسكرية ما سيضاعف الأزمة الاجتماعية في تونس بزيادة اعداد العاطلين عن العمل ويفاقم الاوضاع الاقتصادية والامنية مع إمكانية لجوء آلاف الليبيين إلى الاراضي التونسية هربا من عمليات القصف ومن انتقام الجماعات المسلحة”.
واعرب عن اعتقاده بأن “التدخل العسكري في ليبيا قد ينشر الفوضى والتوتر ويعمق الانقسام في الداخل الليبي لكنه سيؤثر بقوة على الداخل التونسي على المستوى الاقتصادية والاجتماعي والنفسي والسياسي أيضا”.
في السياق نفسه أكد الخبير التونسي في الشؤون الليبية مصطفى عبدالكبير في حديث مماثل مع (كونا) أن الموقف التونسي ازاء التدخل العسكري الدولي في ليبيا واضح “فهي ترفض هذا التوجه وسبق أن أعلنت ذلك رسميا وطلبت من القوى الدولية الكبرى التنسيق معها قبل أي تحرك ممكن”.
وانتقد عبدالكبير موقف بلاده من الازمة الليبية بالقول انه ” جاء متأخرا جدا فقد أهملت وضع إستراتيجية شاملة للتعامل مع الوضع في ليبيا وهي الدولة التي تجمعنا بها حدود طويلة وعلاقات ومصالح مشتركة”.
واضاف “أصبحت الدبلوماسية التونسية في ليبيا في السنوات الأخيرة بلا أظافر وفقدت تونس مكانتها السابقة لدى الليبيين واقتصر دورها على الجانب الإنساني ولم تكن فاعلا مؤثرا على الساحة الليبية وصوتها اليوم غير مسموع”.
وحذر من ان كلفة التدخل العسكري الدولي ستكون باهظة على تونس لاسيما من الناحية الاقتصادية والامنية اذ ستولد عملية النزوح المحتملة من ليبيا ضغطا على البنية التحتية وشبكات التموين وستتسبب في مزيد من التضخم ونقص السلع كما ستؤدي الى تشتيت جهود الدولة التونسية التي ستتحول أولوياتها من معالجة تحديات التنمية إلى مراقبة الحدود ومكافحة تسلل المسلحين من ليبيا.
كما حذر من ان “النتيجة الأسوأ لأي عملية عسكرية دولية في ليبيا هي أنها ستخدم بطريقة مباشرة أجندة الجماعات المسلحة التي ستستغل ذلك لاكتساب تعاطف شعبي وستتحول من جماعات منبوذة شعبيا إلى قوى وطنية تقاوم الاستعمار الأجنبي”.
وسبق للحكومة التونسية أن اعلنت رفضها التدخل العسكري في ليبيا واتخذت تحسبا لأي سيناريو في ليبيا تدابير من بينها تعزيز الوجود الأمني والعسكري على الحدود مع ليبيا واقامة حاجز ترابي بطول 200 كيلومتر على الحدود المشتركة.
وطلب وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني مساعدة أمريكية وألمانية لإقامة نظام مراقبة الكترونية على طول الحدود لوقف عمليات التهريب وتسلل المسلحين.