الذكرى السابعة لرحيل امير القلوب جابر الخير

كويت نيوز : تمر علينا اليوم الذكرى السابعة لوفاة المغفور له باذن الله تعالى الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح امير الكويت الراحل الذي كان له اثر بالغ في ابناء الكويت والمنطقة العربية والعالم أجمع.
سبعة اعوام على وفاة من بايعه الكويتيون أميرا لقلوبهم قبل ان يكون حاكما لبلدهم، سبعة اعوام ومازالت كلماته رحمه الله تسكن في القلوب وترن في الآذان معلمة للأجيال منيرة للدروب، سبعة اعوام غاب فيهم الوالد الراحل عن المرأى بجسده لكنه مازال حيا بانجازاته وأعماله التي ستبقى أبدا شاهدة على جابر الخير، فالذين عرفوا سيرة الراحل العطرة من الامم الاخرى يعرفون انه كان رجلا كبيرا بكل ما تعنيه الكلمة من معان ودلالات.

النشأة

هو الابن الثالث للمغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح حاكم الكويت الأسبق والحاكم الثالث عشر من أسرة آل الصباح وثالث أمير لدولة الكويت منذ عهد الاستقلال، ولد بالكويت عام 1928 وتلقى تعليمه بالمدرسة المباركية والمدرسة الاحمدية والمدرسة الشرقية بالكويت ثم أكمل تعليمه على يد أساتذة من ذوي التخصص في مجالات مختلفة ومتعددة من المعرفة، واستطاع من خلال مرحلة دراسته ان يثبت مقدرة فائقة على تحمل المسؤولية وأظهر منذ بداية حياته ذكاء متقدا ورجاحة رأي وصدق عطاء وذاكرة قوية.

مسيرة العطاء والبناء

وجد الشيخ أحمد الجابر حاكم البلاد السابق في نجله مقدرة وحنكة في تحمل المسؤوليات ومواجهة أعبائها. الأمر الذي دفع بالشيخ أحمد الجابر الى تعيينه نائبا له عام 1949 في مدينة الأحمدي وهو لايزال في العشرينيات من العمر ولا شك ان هذا المنصب يتطلب جهدا وقدره واستطاع المغفور له الشيخ جابر الاحمد رحمه الله ان يؤكد دوره في أول خطوة من خطوات العمل الوطني وأن يبرز فيه خاصة وأن مسؤولياته بالأحمدي كانت كبيرة سواء في حفظ الأمن أو في التعامل مع شركات النفط اذ كان سموه رحمه الله يمثل الحكومة أمام تلك الشركات واستطاع الشيخ جابر الاحمد رحمه الله رحمه الله ان يضع قاعدة راسخة لمسيرة مدينة الأحمدي وان ينجح في الحفاظ على الأمن والاستقرار فيها على الرغم من وجود الثروة النفطية فيها كما استطاع ان يتعامل مع شركات النفط من منطلق المصلحة الكويتية وأحقية الكويت في ثرواتها النفطية. ولقد استمر الشيخ جابر رحمه الله في رئاسة الأمن العام في مدينة الأحمدي مدة عشر سنوات ترك فيها قاعدة صلبه في مسيرة تلك المدينة وأعطاها نموذجا من الحياة ولايزال مختلفا من الحياة اليومية بالكويت العاصمة.
وبعد عشر سنوات من العمل الوطني المخلص في الأحمدي بدأ عام 1949 وانتهى في 17 فبراير عام 1959 كان الشيخ جابر الاحمد رحمه الله رحمه الله على موعد مع رحلة جديدة وعطاء جديد للكويت فقد أصدر المغفور له الشيخ عبدالله السالم حاكم البلاد السابق في ذلك التاريخ مرسوما بتعيين رؤساء للدوائر الحكومية بالبلاد فأسندت دائرة المالية وأملاك الدولة الى الشيخ جابر رحمه الله وهو دور كبير وعظيم وخطير بل ولقد أسندت الى سموه في ذلك المرسوم تمثيل أمير البلاد السابق الشيخ عبدالله السالم أمام شركات النفط.

الاستقلال

أعلن استقلال الكويت في يونيو 1961 وبذلك التاريخ دخلت الكويت عهدا جديدا من مراحل مسيرتها التاريخية لازم ذلك تحرك على الصعيدين العربي والدولي وخاصة بعد الأزمة التي أثارها عبد الكريم قاسم حين طالب بالكويت زورا وبهتانا وكان للفقيد الراحل الشيخ جابر الاحمد رحمه الله دور وطني آخر نحو اثبات الحق الكويتي في الخارج ونتيجة لذلك فقد كلفه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الذي وجد في الشيخ جابر الدبلوماسية والقدرة على حل القضايا بالسفر على رأس وفد الكويت الى الدول العربية لشرح موقف الكويت الثابت من الأزمة التي أثارها عبد الكريم قاسم فغادر الوفد بتاريخ 1961/7/5 الى الرياض وهناك اجتمع مع جلالة الملك سعود رحمه الله الذي رحب بالشيخ جابر الاحمد رحمه الله والوفد المرافق له ودارت محادثات بين الجانبين انتهت باستمرار موقف المملكة العربية السعودية المؤيد للكويت كما شكر الشيخ جابر الاحمد رحمه الله جلالة الملك سعود باسم الشيخ عبدالله السالم وباسم حكومة الكويت وشعب الكويت على الموقف السعودي المؤيد للكويت.

أول منصب وزاري

تم تعيين سموه رحمه الله في أول وزارة شكلت بعد الاستقلال وبالتحديد في 1962/1/17 عندما اختير سموه أول وزير للمالية والاقتصاد وكان له الفضل في تأسيس ديوان المحاسبة ووضع أول أسس الرقابة على المال العام وحمايته من الهدر أو السلب مما أدى الى اشادة المؤسسات المالية الدولية بهذا التوجه الرائد وكانت خطوته الثانية التي عبرت عن رؤية ثاقبة وهي انشاء صندوق الأجيال (الاحتياطي العام) فكان درعا لحماية الكويت أثناء الاحتلال الغاشم وخصصت أموال الاحتياطي التي بلغت مليار و700 مليون دينار لحرب تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم.
وواصل سموه رحمه الله جهوده الادارية بتأسيس هيئة الاستثمار والتوصية بانشاء البنك المركزي وبيت التمويل لاحقا ليضع أسس الانطلاقة الاقتصادية وفي الوزارة الثانية في 1963/1/28 والتي ضمت 15 وزيرا احتفظ سمو الأمير بحقيبة المالية والاقتصاد ليواصل سموه الانطلاقة الادارية وعمليات التخطيط المالي أما الوزارة الثالثة فكانت في 1964/12/6 فاحتفظ سموه بحقيبة المالية والاقتصاد واستمرت الحكومة 28 يوما فقط لأنها لم تنل ثقة مجلس الأمة وفي 1965/1/3 شكلت الوزارة الرابعة وأسندت الى سموه حقيبتا وزارة المالية والصناعة والتجارة ولكن هذه الحكومة استقالت لوفاة أمير البلاد الشيخ عبدالله السالم.
شكلت الوزارة الخامسة في 5 ديسمبر 1965 برئاسة سمو الأمير رحمه الله الذي اختير وليا للعهد وضمت حكومته 13 وزيرا وترأس سموه الوزارة السادسة في 1967/2/4 والسابعة في 1971/2/2 والثامنة في 1975/2/9 والتاسعة في 1976/9/6 وحقق سموه انجازات كبيرة في مجال المالية والاقتصاد منها انشاء بنك الائتمان العقاري والزراعي والصناعي واصدار وانشاء مؤسسة مجلس النقد الكويتي واعداد النظام الخاص بالصندوق الكويتي للتنمية.

التنمية الاقتصادية

النهضة الكويتية والانطلاقة العلمية والمعلوماتية والثورة الادارية والطفرة الاقتصادية والتحديث الشامل لبنية المجتمع الكويتي عناوين لواقع جديد ورصيد لانجازات سمو الأمير الراحل على مدار أكثر من 25 عاما حفرت مكانه لسموه كأبرز الشخصيات العربية والاسلامية خلال نصف القرن الماضي والتي وضعت الكويت بين الدول الأكثر تميزا عربيا واسلاميا.
وفي مسيرة عطاء امتدت من عام 1949 ولرصد انجازات سمو الأمير الراحل منذ ان شق طريقه الى الحكم تكون البداية بالمجال الاقتصادي حيث تولى حقيبة المالية في 1961 وأقل وصف لما حققه ان الأمير الراحل أحد أهم بناة الاقتصاد الكويتي منذ انطلاقته الأولى في الخمسينيات مع الاكتشافات النفطية فيقف وراء انشاء عشرات المؤسسات الاقتصادية.

مسيرة الديموقراطية

مسيرة الديموقراطية مثلت أولى كلماته رحمه الله في خطاب العهد في 14 فبراير 1978 فكان حريصا على تذكير الشعب بأن الشورى والديموقراطية من سمات الكويت التي توارثتها الأجيال عن الآباء والأجداد وعبر سنوات عهده وواصل دعمه للمسيرة الديموقراطية حتى وصلت الى مستوى الريادة في الوطن العربي وأصبحت الممارسة البرلمانية في مجلس الأمة نموذجا يحتذي به في كل برلمانات العالم فقال سموه في مارس 1992 «الديموقراطية اختيار كويتي والديموقراطية الكويتية ليست مستعارة بل هي كويتية الجذر والمنبت».

العمل الاسلامي

أما العمل الاسلامي فشهد انطلاقة هائلة في عهده وحظي بدعم مطلق من سموه رحمه الله وتجسد ذلك في تشييد صروح ومؤسسات اسلامية تربوية وخيرية وثقافية واقتصادية ففي عام 1977 تأسس بيت التمويل الكويتي بمبادرة من سموه وفي عام 1982 صدر مرسوم بإنشاء بيت الزكاة وفي عام 1991 تأسست اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق الشريعة الاسلامية وبرز دعمه للعمل الاسلامي داخليا وخارجيا حيث برز دعمه خارجيا في تأسيس محكمة العدل الاسلامية للبت في الخلافات بين الدول الاسلامية كما ترأس سموه رحمه الله منظمة المؤتمر الاسلامي لمدة 4 سنوات واستمر في ارسال قوافل الاغاثة لجميع دول العالم ودعم سموه لمسابقات القرآن الكريم كما أسس الأمانة العامة للأوقاف عام 1993.

الرياضة

أهم الانجازات في المجال الرياضي في عهد سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الاحمد رحمه الله الصباح وأبرزها الوصول الى نهائيات كأس العالم في اسبانيا عام 1982 بالاضافة الى الفوز بكأس آسيا عام 1980 وغيرها من الانجازات في هذا المجال الذي يرعى معظم شباب الكويت وهو القطاع الرياضي.
وعلى المستوى الخليجي كانت للكويت حصة الأسد بالفوز ببطولات الخليج منذ انطلاقتها في البحرين عام 1970 فقد فاز بمعظمها.

الغزو العراقي

أما التحديات التي واجهتها الكويت في عهد سموه فقد تجاوزتها بفضل حنكة الشيخ جابر الاحمد رحمه الله وصنعت من أحداثها ملحمة في التضامن والحب وكان أبرز هذه التحديات المحاولة الآثمة لاغتيال سموه في 1985/5/25 ولكن العناية الالهية لطفت بالكويت وبقائدها وخاب سعي المتآمرين أما عندما طعنت الكويت طعنة الغدر من جار لها في 1990/8/2 فقد أدار سموه رحمه الله معركة التحرير من الطائف بالسعودية ووعد الكويتيين بلقاء قريب على أرض الكويت الطيبة، وهو ما تم بفضل من الله وقيادة سموه.

آخر الكلمات: بلدكم سفينة مسالمة ولن يقبل أي مخلص أن يخرقها:

في كلماته الأخيرة قال المغفور له الشيخ جابر الاحمد رحمه الله: «ان الوطن القوي هو الوطن الموحد وهو الذي بوحدته يحقق الانجازات ان لم يحقق المعجزات… والكويت بوحدتها وتلاحمها وتماسكها ستحقق باذن الله تعالى كل ما تطمح اليه من تقدم وازدهار».