أصدرت لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية بالسعودية، قرارها ضد إحدى المؤسسات المالية المحلية الشهيرة، في واحدة من أغرب القضايا المالية بالمملكة التي تتعلق بإثبات تورط مؤسسات مالية سعودية بإغراء عملائها وحثهم على شراء سندات مهيكلة عالية الخطورة في أوج الأزمة المالية العالمية، لصالح مواطن بعد أن ورطته في السندات المالية المهيكلة التي يسميها المتخصصون بالسندات المسمومة.

وكانت المؤسسة أتمت قبل عدة سنوات عملية الشراء بعد يوم من قرار البنك المركزي الأمريكي بتصفية واحدة من المؤسسات التي تمثلها هذه السندات، ولم تكتفِ بذلك بل قامت بشراء أسهم لصالح العميل في بنك ليمان براذرز بعد إفلاسه بشهر كامل وخصم الأموال من حساب العميل من دون معرفته أو موافقته، مما كبده خسارة كامل ثروته المقدرة بنحو 13 مليون ريال.

وقال المحامي المتخصص في القوانين المالية، بندر بن عبدالله النقيثان، الذي مثل المواطن في القضية لصحيفة “الرياض”، إن المؤسسة باعت على عميلها سندات مهيكلة عالية الخطورة وبالغة التعقيد لا تعرض أو تباع على المستثمرين العاديين بحسب القوانين المالية العالمية، وأخفت الحقيقة عن عميلها ونصحته بوضع كامل ثروته في هذه السندات الخطيرة التي قامت بتسويقها في المملكة دون ترخيص من هيئة السوق المالية، وكان على المؤسسة أن تعرف أن نسبة المخاطرة عالية جداً، وأن هذا النوع من الاستثمارات لا يتناسب مع الوضع المالي لهذا العميل.

وأفاد بأن المؤسسة أتمت عملية الشراء بعد يوم واحد من قرار البنك المركزي الأمريكي بتصفية واحدة من المؤسسات التي تمثلها هذه السندات المهيكلة المربوطة بسلة مكونة من سبع مؤسسات مالية، منها بيرن ستيرنز، وليمان براذرز، وواتشوفيا كوربوريشن، وبدأت بإجراءات إشهار إفلاسها بعد بيع السندات بفترة وجيزة.

وقال النقيثان “من المؤسف أن الجهات التي باعت الأوراق المالية في المملكة بحثت عن الربح السريع وعن العمولات الخيالية التي صاحبت هذه العمليات المشبوهة بغض النظر عن مصلحة عملائها من المستثمرين وبغض النظر عن خطورة هذه التصرفات على الاقتصاد الوطني ككل”.

وبين أن قرار لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية في هذه الدعوى يُعد سابقة قضائية من نوعها وينص على بطلان اتفاقية شراء السندات التي باعتها المؤسسة لموكله لثبات قيام البنك بتسويق هذه السندات التي تعتبر شديدة التعقيد والمخاطر ولا تتناسب مع خبرات موكله، وتوصلت اللجنة إلى أن الصفقة غير ملائمة للمواطن المتضرر استناداً إلى أحكام المادة الثانية والأربعين من لائحة الأشخاص المرخص لهم.

وأكد النقيثان أن هيئة السوق المالية هي المسؤول الأول عن سوق الأوراق المالية في المملكة، وهي المسؤول عن ملاحقة المخالفين للنظام ولوائحه التنفيذية، ورفع دعاوى الحق العام بحقهم أمام الجهة القضائية، إلا أن إدارة المتابعة والتنفيذ بالهيئة لم تتحرك للتحقيق في الموضوع الذي هو من صميم اختصاصاتها.

وقال إن الخطورة تكمن في أن عدم تحرك هيئة السوق المالية بالتحقيق في هذه الجرائم المالية يضعف الثقة في السوق المالية السعودية، وقد يعرض الهيئة لأن تكون طرفاً في الدعاوى التي قد ترفع من قبل المتضررين من هذه العمليات المالية، بسبب إهمالها التحقيق في هذه المخالفات الجوهرية لنظام السوق.

وطالب النقيثان هيئة السوق المالية بالمبادرة بالتحقيق والتقصي عن جميع عمليات بيع الأوراق المالية التي تمت والمرتبطة بمؤسسات مالية كانت معرضة لأزمة الرهون المالية عالية المخاطر في الولايات المتحدة، وتثقيف المستثمرين السعوديين حيال هذه المنتجات التي تسببت بخسائر هائلة لهم.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *